5/2/2024
 
 

بحث في الموقع

 
 

 مواضيع مختــارة

 

      

 

     

2/22/2012 5:39:00 PM

عدد القراءات: 12770
عدد التعليقات: 15




11/16/2011 4:08:00 PM

عدد القراءات: 12334
عدد التعليقات: 9


8/27/2010 12:22:00 PM

عدد القراءات: 43742
عدد التعليقات: 1212


8/22/2010 11:38:00 AM

عدد القراءات: 13884
عدد التعليقات: 3





7/26/2010 7:06:00 PM

عدد القراءات: 15021
عدد التعليقات: 4





4/27/2010 1:11:00 AM

عدد القراءات: 14698
عدد التعليقات: 22



     

 

  

  

 
 
 

 

 

أبحــــاث

الزكاةُ والصّدقاتُ مِنْ كتابِ الّلهِ العظيمِ

8/6/2010 11:42:00 PM

عدد المشاهدات:5979  عدد التعليقات: 10
8/6/2010 11:42:00 PM

محمد راجح يوسف دويكات

 

 

الزكاةُ والصّدقاتُ مِنْ كتابِ الّلهِ العظيمِ

 

 *[ الْحَمْـــــــــــــــــــــدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِــــــــــــــــــــــــــينَ ]

المفهوم العام للعبادة والصلاة والزكاة من كتاب الله

 على ضوْءِ الواقع المتجدد

(1)

البرهان على العنوان من آيات القرآن

*[ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ {55} وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ {57} ] الذاريات .

*[ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ {55} ] المائدة .

*[.. وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ             {156} ]  الاعراف .

 فالتقوى وايتاء الزكاة مصدرهما الإيمان بآيات الله عز وجل .

*[ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} ] المؤمنون .

 فالزكاة ليست ايتاءً فقط بل هي فِعْلٌ كذلك .

*[ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ {41} ] النور.

فكل كائن حيٍّ في السموات والارض

يُسبِّح لله سبحانه ، وله صَلاةٌ ينفع بها نفسه وهو يسبِّح/ يتحرك .

*[ وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ {15} ] الرعد

*[ وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {49} ] النحل .

(2)

المفهوم العام للعبادة

في جُلّ آيات الكتاب أُسندت العبادة الى الانس والجن وهم مخلوقات عاقلة ومُكلَّفة . ومِن اجل هذه العبادة خلَق الله سبحانه الانس والجن (56/الذاريات) ، فمنهم مَن يطيع ذاكراً شاكراً ، ومنهم مَن يَعصي غافلاً كافراً .

وقد حُدِّد المفهوم العام لعبادة الانس بأنه خلافة الله في الارض *[ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً {30} ] البقرة ، من أجل عمارتها *[ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {61} ] هود  . أيْ : طلب منكم عِمارتها . وهذه العِمارة انما تتحقق بعمليْن رئيسيْن هما الصلاة والزكاة بمفهومهما العام .

*****

المفهوم العام للصلاة والزكاة

 أ . الصلاة بمفهومها العام : هي كل عمل يُسبِّح/ يتحرك  فيه الانسان وكلُّ كائن حيٍّ عابدا راكعا لله(55/المائدة) عالِماً او جاهلاً (طوعاً وكرهاً) وينفع بـه نفـسه *[ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ {41} ] النور.

 

وقد فُطر الانسان ككلُّ كائن حيٍّ بالغريزة/الفطرة على حُبّ الخير لنفسه . فهو لا يُثاب على الفعل الذي ينفع به نفسَه ، ولكنه يُثاب على طريقة الفعل اذا اختار الخضوع لله ايماناً به سبحانه (285/البقرة) واتّباعاً لما أَنزل في كتابه العظيم (3/الأعراف) كما فعل *[ مُحَمدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ  {29} ] الفتح .

 

 ب . اما الزكاة بمفهومها العام الذي أختُص به الإنسانُ  فلم يُسنَد في الآية 41/النور إلى مَن في السموات والأرض : فهي كل عمل ينفع به الانسانُ غيرَه راكعاً/خاضعاً  لله (55/المائدة) ، عالماً او (جاهلاً مفطوراً) . فإنْ فَعلَ هذا كان في الحالتين مأجورا . وإلاّ كان موزورا او ( في احسن احواله ) لا لَهُ ولا عليه *[ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً {23} ] الفرقان .

 

 وتُبيّن آية المائده (55) اعلاه هذا المفهوم : فتعريف الذين امنوا انهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون أي خاضعون هنا اختياراً لأمر الله سبحانه الذي انزله كتاباً/ قرءاناً ، قائلين كلّما ذُكّروا بأمرٍ لله في واقعه *[ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {285} ] البقرة . فإن لم تَصِلهم آياتُ الله فلا أقلَّ مِن أنْ (1) يؤمنـوا بالله (2) واليوم الآخِـر (3) ويعملوا صالحا مستجيبين لـِ *[ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا  {30} ] الروم ، التي تلتقي / اذا لم تُـلوّث /  مع الدين القيّم :

وهديناه النجدين : نجد الفطرة ونجد الهدى

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=25&cat=3

*[ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ {15} ] السجدة .

هذا هو نجد هُدى الله . أمّا نجد الفطرة السوية التي لم تَبلُغ صاحبَها آياتُ الله/ رسالاته بكلماتها النصّية ففي قول الله :

*[ .. مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ        {62} ] البقرة .

الصابئين والصابئون حرف يصنع الفرق

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=24&cat=4

ونحن نقرأ وصية الله سبحانه لرسوله المسيح مذ كان في المهد صبيا :

*[ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً {31} ]  مريم .

والزكاة بهذا المفهوم العام هي ايتاءٌ وفِعْل . واكثرها ايتاءُ مال هو عملٌ مُترْجَم عن فعل . لذلك رُبط ايتاء الزكاة بإقامة الصلاة في (26) آية من (32) آية ذُكرت فيها الزكاة . وذُكر فِعْل الزكاة مرة واحدة ( 4/المؤمنون ) . فمَنْ لا يملك المال لينفع به الناس فلْينفعْهم بعمل تطوُّعي يتزكى بـه *[ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ {184} ] البقرة .

*[ وَمَـن تَطَـوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِـرٌ عَلِيمٌ {158 } ] البقرة .

(3)

العبادةُ بمفهومها العام صلاةٌ وزكاةٌ بمفهومهما العام

قُدمت الصلاة على الزكاة في الترتيب لأن الانسان الذي لا ينفع نفسه لا يستطيع ان ينفع الناس ، ففاقد الشيء لا يُعطيه . والاطفال وكلُّ مَن في السموات والارض يُصلون ويُسبّحون (41/النور) مفطورين على انْ ينفعوا انفسهم . ولكن الأطفال لا ينفعون غيرهم بالضرورة ليُعتَبروا مؤتين الزكاة الا بعد حين . وحتى المشركون الذين يعبدون الله عبادة اضطرار هم بها عبادٌ لله (5/الإسراء) فينخرطون في حركة الحياة مسهِمين في عمارة الارض بدافع نفْعِ انفسهم .. يدخلون في قوله سبحانه *[ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ]  الذين علم كــلٌ منهم صلاته وتسبيحه .

 

ولكنه سبحانه لم يُسنِد اليهم لا ايتاءَ الزكاة ولا فِعْلَها ، وانما أسند الزكاة ايتاءً وفِعْلاً للمتقين الذي يؤمنون بآيات الله ( 156/الأعراف ) ويتزكون بئايات الله  (2/الجمعة) فيستحقون رحمة الله وعْداً مكتوباً :

*[ .. وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ            {156} ] الأعراف .

*[ وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {54} وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ {55} ] الأنعام .

*****

والمشركون الذين لا يؤمنون بالبعث والحساب في الحياة الآخرة ، على حقيقتهما التي بيّنها الله في كتابه ، كلهم او جُلهم أنانيون . لذلك ورد انذار الله سبحانه لهم (حتى لو نفعوا انفسهم بصلاة) بأنهم لا يؤتون الزكاة ، فهم لا ينفعون الناس :

*[ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ {6} الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ {7} ]  فصلت .

فلم ينف عنهم انهم يُصلون بنفع انفسهم !

بهذا نرى ان العبادة بالمفهوم العام هي صلاة وزكاة . ولكن العابد الذي يرجو أجره من الله هو الذي يعبد الله مختاراً ، وبالكيفية التي يرضاها الله فقط وبلّغها عنه الرسول الكريم قرءانا :

*[ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً {110}‏ ] الكهف .

 لهذا جاء امر الله عز وجل لمن يريدون استمرار وعد الله لهم بالاستخلاف في الارض بعد ان حققوا شروط الاستخلاف (55/النور) .. ان يحافظوا على هذه الشروط :

*[ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {55} وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {56} ]  النور .

(4)

طاعة الرسول تكون باتِّباع القرءان الذي عليه نزل

مع الأسف الشديد ظن المسلمون عبر القرون أنّ طاعة الرسول إنما تكون باتّباع السُّنة والاحاديث والمرويات الخرافية ، غافلين عن الحقيقة المركزية في الدين أنّ الرسول الكريم إنما كان رسولا بالقرءان الذي نُزّل عليه تنزيلا وأُمرَ ان يُبلّــغه للناس وان يتّبعه هو و المؤمنون لا يزيد عليه ولا ينقص منه . وقد التزم بهذين الأمْرين تبليغاً واتّباعاً بأمانة مطلقة شهد له بها الله والملائكة . هذه الشهادة من الله هي صلاة الله والملائكةِ عليه الواردة في سورة الأحزاب (56) بيّنتها آية النساء (166) :

 *[ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً {56} ] الأحزاب .

 *[.. لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً {166} ] النساء :

كيفية الصلاة على النبي من كتاب الله 

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=43&cat=3

 فصلاة الذين امنوا على النبي هي ان يضمّوا شهادتهم بما أُنزل اليه قرآناً / وبه صار رسولا واجبَ الطاعة / الى شهادة الله والملائكة .. ليكونوا بهذه الشهادة ، اذا كانت عن علم ، مِن الذين عندهم علم الكتاب :

*[ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ  {43}‏ ] الرعد .

 لذلك لم يرِد امْرٌ واحد بطاعة النبي بينما تكرر الامر بطاعة الله والرسول اثنتين وعشرين مرة ، وتَأكدَ الامر بطاعة الرسول ( وليس النبي ) في ثلاث ايات اخرى منها اية النور (56) اعلاه . وهي تذكير لأولي الالباب من الناس ان إقامة الصلاة وايتـاء الزكاة خاصـةً ( سواء بالمفهوم العام او الخاص للصلاة والزكاة ) انمـا تُؤخذان عن الرسول ( وليس عن النبي وغيره) ، أي مِن القرءان الذي نُزّل على الرسول فكان به رسولاً كريما ، وكان وحْدَه (أيْ القرءان) ولا يزال حقَّ اليقين (51/الحاقة ) الذي لا ريب فيه  (2/البقرة) :

مفهوم الوسطية القرءاني  يتحقق باتّباع الرسول/القرآن

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=17&cat=3

 بل ان نساء النبي - ولم يوصفن بانهن نساء الرسول إلاّ مرةً واحدة بعد وفاته - اللاتي كُن اقرب الناس الى النبي وأعلم الناس بما يمكن ان يصدر عنـه قولاً او فعلاً كنبي .. إنما أمرهن الله سبحـانه ان يُطعِنَ الله ورسولـه وليس نبيّه (33/الأحزاب ) وأن يقنتن لله ورسوله  (31/الأحزاب) تحديداً .

*****

خلاصة القول أنّ فلسفة الثقافة الاسلامية التي يجب ان يتلقاها الانسان منذ طفـولته لتُبنى عليـها ثقافته وشخصيته هي :

(1) تعليمه المفهوم العام للصلاةِ التي يمارسها منذ اليوم الاول حينما يولد باكياً طالباً عوْن الآخَرين عونا ينفع به نفسه . لهذا يُذكر في أُذُنه اسمُ الله ربِّه (اللهُ ربُّك) ليَكون اساسُ ثقافته التي يُنشّأ عليها اساسأ ربانياً يَربِطه بربه الذي خلقه . فاذا كبُر ..

(2) يُربّى ويُعلّم كيف ينفع الناس ليجمع الصلاة الى الزكاة .

 

 وحتى بالمفهوم الخاص للصلاة المكتوبة بوصفها لقاءَ المصلي لربِّه فانما ينفع نفسه . ولكنه بالمفهوم العام والخاص للزكاة فانه ينفع الناس *[ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ {17} ] الرعد . لهذا يُعتبر الإنفاق خيراً مأجوراً صاحبه اذا كان انفاقا على الآخَرين بدءاً بالوالدين والاقربين الذين خصَّ الله مِن اصحاب العلاقة بهم اليتامى والمساكينَ وابنَ السبيل . والواو هنا للتخصيص اوَّلاً والعطف ثانياً :

*[ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ {215} ] البقرة .

فحين سأل الناسُ الرسول الكريم عن ما يُنفقون جاءَهم الجواب من الله سبحانه أنّ عليهم ان يسألوا اوّلاً : لأجل مَن يكون الإنفاق خيراً مأجوراً فاعلُه ؟ فالإنفاق للوالدين والاقربين أي لأجلهم أعمُّ وأشملُ من الإنفاق عليهم وحْدهم . لذلك كان الإنفاق على اليتامى والمساكين وابن السبيل اوّلاً لأجل علاقتهم بالوالدين والاقربين . والله سبحانه أعلى وأعلم .

(5)

مفهوم الزكاة والصدقات من كتاب الله العظيمِ : إنفاقاً وفِعلاً

*[ الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {4} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {5}‏ ] البقرة .

*[ الم {1} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ {2} هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ {3} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {4} أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ   {5} ] لقمان .

يُفهم من هذه الايات التي تشترك في كثير من الكلمات انّ الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون هم المتقون ، وأن الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، وتكرر ذكرهم في 26/آية ، هم المحسنون . وإلى التزكي بالايمان بئايات الله والعملِ بها ( واوّل العمل الصلاة) وبإنفاقِ المال .. تشير ايات كثيرة في كتاب الله العظيم :

*[ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى {14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى {15}‏ ] الاعلى .

فبَعْد (1) التزكي بتلاوة ايات الله سبحانه فقط (2) يشهد المُتزكي [ ربِّيَ اللهُ ] قولا ، لتعقب ذلك على الفور (3) الصلاةُ عملاً (4) فالإعراضُ عن اللغو/الكلامِ الفارغ ثم (5) فِعلُ الزكاة ، بهذا يُؤمن ويصبح مسلما :

*[ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} ] المؤمنون .

 فالزكاة فِعْلٌ وعمل ، كما انها إيتاءُ مال :

 *[ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى {17} الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى {18} وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى {19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى {20} وَلَسَوْفَ يَرْضَى {21}‏ ] الليل .

ويُفهم من آيات الليل ان مِن الزكاة ( بالمفهوم الخاص ) التي يتزكى بها صاحب المال الاتقى أنْ يبادر الى ايتاء المال لوجه الله سبحانه  أي ارضاءً له وبلا مقابل .

*****

وقد تعددت الاشارات الى مفهوم الزكاة العام ولخّصته الاية 39/الروم :

*[ وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوا عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ {39} ] الروم .

فكما ان الربا هو اكل المال الذي يؤتيه آكِلُه للمدينين ليربو على حساب اموالهم وبسببها *[ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ ] فيمحقه الله ، فان الزكاة هي كل مال يُنفَق بقصد ارضاء الله سبحانه لينموَ :

(1) بيعاً وشراءً (مبادلةً) وبالتراضي ، او ..

(2) شركة ينمو بها المال في جهود الشركاء أي بسببها او ..

(3)  قرضا حسنا للهِ هو صَدقةٌ ينتفع بها المُقرَض فيتضاعف المال به عند الله :

*[ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {280} وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {281} ‏] البقرة .

 

 وقد ورد ذكر ايتاء الزكاة 32/مرة ومقرونة باقامة الصلاة (26) مرة . وآيات الصلاة والزكاة مكية ومدنية . اما الصدقة والصدقات فقد وردت 13/مرة في اياتٍ كلـها مدنية ليكون الدفع والصرف الامثل للصدقات (ومنها الضرائب المفروضة) للدولة ومن مهماتها أيْ عن طريقها . يفهم من هذا ان الزكاة تُؤتى كما تقام الصلاة فردياً وجماعياً مع انّ فعلهما جماعياً حين يتيسر هو افضلُ أثرا بكثير .

(6)

الإنفاق المأجور فاعــله

*[ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ {215} ‏]  البقرة .

لم يَذكر الفقراءَ (الذين قصمت الحاجة فقارَهم) وهم اسوأ من المساكين حالاً لان مرَض الفقر تقع مسئولية معالجته على كل المجتمع تمثله الدولة التي تدفع للفقراء بأولوية على غيرهم من صندوق الصدقات الحكومي حتى لا يكون في المجتمع فقير يفتقر الى الحاجات الاساسية للانسان : الغذاء والكساء والدواء والمأوى والتعليم الاساسي .

 مع ان سؤال الناس كان عمّا ينفقون إلاّ ان الرد الرباني جاء ليبيّن الجهات التي يوصي الله سبحانه بالانفاق عليها اوَّلاً حين يكون المال خيراً (حلالا كثيرا  180/البقرة ) بحيث يٌعتبر انفاقه خيراً يُزكّي المالَ ويُطهّرُه :

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {77} ] الحج

*****

 يُفهم من اية البقرة (215) أعلاه ان إنفاق الانسان على نفسه ليس من الخير المأجور عليه لانه مدفوع بالفطرة والغريزة لينفق على نفسه ككل الكائنات الحية . ولكنه يُؤجر على التزامه بطاعة الله سبحانه في الإنفاق على نفسه وعلى غيره وفي كل امر .

اما الإنفاق الذي يزكي المال فيبدأ بالانفاق للوالدين ( فيكون خيرا لأجلهم . لذلك قال ( للوالدين) ليشمل ذلك الوالديْن ووالديهم وأولادهم إن وجدوا وليس (على الوالدين) فقط .

والوالدان والاقربون هـم الورثـة (7/النساء) . والاقربون هم الزوج والاولاد (11/النساء) . فإن لم يكن اولاد فالإخوة من الاقربين :

قانون المواريث الإسلامي من كتاب الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=91&cat=5

وقد خُصّ ممن لهم علاقة بالوالديْن والاقربين ثلاثةُ اصنـاف : اليتامـى ، والمساكيـنُ الذيـن ليس لديهم من غير الحاجات الأساسية شيء ، وابـنُ السبيل الـذي لا بيت له سواء كـان مشـرداً ( Homeless ) وهم كثيرون في البشر ، او الذي ليس له مكان يأوي اليه لسبب مؤقت كالمسافر المنقطع .

والولد اليتيم ( ذكرا او انثى ) اوْلى بالرعاية والانفاق من الولد غير اليتيم وكذلك الاخوة اذا كانوا من الاقربين! والانفاق على هذه الاصناف هو اوّل الخير بل هو اول تزكية للمال . من هنا قيل    ( ابدأ بمن تعول ).

(7)

مفهوم العفو في الإنفاق

 بعد الوالديْن والاقربين إنفاقاً ، تأتي الوصيةُ بالوالدين إحساناً وبذي القربى واولهم الاخوة :

*[ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً {36} الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً {37}‏ ] النساء .

 الآية القرءانيةُ (36) هنا نسخت آيةَ التوراة التي وثقها الله سبحانه في القرءان .. بخير منها اذ زادت عليها :

*[ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضـُونَ {83}‏ ] البقرة.

 فزاد اللهُ فيها ووسَّع الدائرة في القرآن :

*[ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ] .

*****

*[ .. وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ {219}‏ البقرة

 فحين ردّد السائلون السؤال عما ينفقون جاء الرد الرباني كلمةً واحدة معبّرة : ( الْعَفْوَ ) أي الكثير وهو أحد مفهومَيْ العفو الذي امر الله ان تأخذه الدولةُ ممن عندهم الكثير :

*[ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ {199} ] الاعراف .

فلا يكفي ان تأخذ الدولة القليل ( 2.5% ) فمسئوليات الدولة المعاصرة خاصة تجعل نفقاتها كثيرة كما يشهد الواقع . والعفو المقصود هنا تبينه كلمات الله وآياته :

*[ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {25 } ] الشورى .

*[ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {30} ] الشورى .

*[ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ {94} ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ {95}‏ ] الاعراف .

عفَوا : كثروا أموالاً وأولاداً حتى غرًهم في دينهم ما كانوا يفتَرون :

*[ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلَاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ {35} ] سبأ .

*****

فمِن هذه الايات في مواقعها الثلاثة يُفهم ان العفو الذي اوصى الله سبحانه بإنفاقه هو الكثير ( وليس الأكثر) الذي ما كان لكم ان تملكوه لولا عفوُ الله الكثيرُ عن سيئاتكم وعن كثيرٍ مما كسبت ايديكم من سوء او اخطاء كان يمكن ان تدمركم . وان واجب الشكر عليكم لله يقتضي منكم ان تقابلوا الكثيرَ من عفوِ الله سبحانه عن الكثير من اخطائكم وذنوبكم بانفاق الكثير من مال الله الذي آتاكم !!!!!

 وكثير البشر مربوط بالخبيث :

*[ قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {100} ] المائدة :

الخبيث والطيب : الكثير والقليل

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=156&cat=3

 ومن ذلك كثرة الاموال والاولاد ( الا ما تبيِّنه الآية 37/سبأ) فانها تُنسي ذكرَ الله وتُنسي صعوباتِ الماضي قبل الكثرة (95/الأعراف) . لذلك كانت مُؤْذنةً بالطغيان فالهلاك :

*[ كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى {6} أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى {7} ] العلق .

 يطغى اذا احسَّ انه استغنى بهم :

*[ الذينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ {11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ {12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ {13} إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ {14} ] الفجر .

*****

لهذا اوصى الله سبحانه بانفاق الخيـر [ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ  ] وهـو الكثير (لتـزكية المـال الكثير) ، وحرّم كنز الكثير- تجمـيدَه ( ولم يُحرم كنْزَ القليل- ادّخارَه ) لأن في تجميد أي شيء فسادَه ، وفي تحريكه واستعماله تطهيراً له :

وعلى رأس ذلك المالُ والماءُ والماعونُ ( الادوات) :

*[... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {34} ] التوبة .

وسبيل الله هنا هو الغاية التي من اجلها جعل اللهُ الانسان خليفته في الارض ليعمرها [ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ] وبحيث تكون كلمة الله (آياته) هي العليا .

*[ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ {12} ] الغاشية .

فكل جنات الآخرة تجري مِن تحتها وتحتَها الانهار الجارية . اما المستنقعات فيفسد ماؤها :

إني رأيتُ ركودَ الماء يُفسده : إنْ سال طاب وان لم يجرٍ لم يَطِبِ

*[ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ {6} وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ {7}‏ ] الماعون .

فالذي يمنع الماعون (ادوات العمل) ظانا ان استعمالها يُتلفها نسي انّ تلَف الشيء بالاستعمال خيرٌ من تلفه بسبب الاهمال . لذلك قالوا :

! Better wear out than rust out

Use it or lose it !

لهذا كانت إعارة الماعون لِمن يُحسن استعماله والمحافظةَ عليه .. كانت زكاةً له تحفظه .

*****

بعد تقرير انّ انفاق الكثير من المال ( وهو الخير ) يكون خيراً مأجوراً فاعله بدايةً على الوالديْن والاقربين الذين خصّ اللهُ ممن يَمُتّون إليهم بِصِلةٍ : اليتامى والمساكينَ وابنَ السبيل .. يقرر الله سبحانه وهو صاحب المال ان هناك اموالاً تُدفع للدولة تُسمى الصدقات ويدفعها الناس راضين دليلا على صدق ايمانهم في النظام الرباني الاسلامي ( ولها مصارفها ) في مقابل (الضرائب) التي يعتبرها الناس مَغْرماً مضروباً عليهم في الانظمة البشرية الديمقراطية المتشاكسة وخاصة حين يرون الفساد الذي يشوب إنفاقها !!

ودفْع الكثير من هذه الصدقات للدولة او لمؤسسة تتولى انفاقها بنظام ... خيرٌ مِن ان يدفعَها الافراد للمتسولين فتذهبَ جُفاءً كما يُلاحظ هذه الايام . 

 (8)

أنواع الصدقات

اهمُّ هذه الصدقات التي أُشير اليها في كتاب الله العظيم والتي يُعطيها الافراد بأنفسهم بصدْق ، او يدفعونها للـدولة وذلك خير - إلّا البنود الاربعة الاخيرة فتأخذها الدولة فقط – هي :

1.         صَدَقة الفِدية او بدل الإعفاء من عملٍ واجب ، لصاحبه عذر :

*[ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ {196} ] البقرة

*[ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {184} ] البقرة .

ومِن ذلك الجهاد بالمال بدلَ الجهاد بالنفس حين يكون أكثرَ نفعا ً.

 

  2. صدقة الشكر على نعمة :

 *[ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ {7} ] ابراهيم .

 *[ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ {13} ] سبأ .

 أيْ إعملوا صالحا من أجل أن تشكروا لله .

 *[ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ..] 15/الاحقاف .

 *[ .. فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ .. ] 196/البقرة .

هذا الهَدْيُ هو صدقة شُكرٍ على إتمام الحج والعمرة . ويكون إمّا من الأنعام او بدلاً مالياً يعادلها (مِن بمعنى البدل) :

الحج الذي ينفع الناس من كتاب الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=53&cat=5

3. صَدَقة الشكر على دفْع اللهِ مصيبةً استحقها إنسان بذنبه ، ولكن الله عفا عنها او عفا عن أكثرها :

 *[ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {30} ] الشورى ..

 *[ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ {107} ] الصافات .

 

4. صدقة الكفارة : وهي بديل مادي تُكَفّرُ به سيّئةٌ  ذكرها الله بالإسم إذا وقعت :

*[ فَكَفَّارَتُهُ إِطْـعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِـنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيـكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ .. ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ .. {89}‏ ] المائدة .

 *[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ {95} ] المائدة .

 

5. صَدَقة تطهير النفس إثْرَ الإعتراف بأيِّ ذنْب  (يقابلها الغرامات في انظمة البشر) :

 *[ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {102} خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {103} أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {104} ] التوبة .

ودفْع هذه الصدقة إختيارا بعد الإعتراف بالذنْب دليل على صِدق التوبة .

فتصوروا مجتمعا يبادر فيه الناس إلى صندوق مخصص في الدولة ليدفعوا ماعليهم مِن صدَقات بِصِدقٍ عبادةً لله ، لِأحد الأسباب المذكورة ولا رقيب عليه إلاّ  ربُّه .. لتصل إلى مَن لا يَسألون الناس ألحافا ... بدلا من بعثرتها على المتسوِّلين الذين أكثرُهم لا يستحقون !!!

 

6. صَدَقة مناجاة الدولة ( يقابلها رسوم ) عند تقديم طلب الى الدولة او شكوى الى محكمة العدل الدستورية العليا ( الرسول او مؤسسة خلافته من بعده ) .

وهي على القادرين ، ويُعفى منها مَن لا سيولة لديه وقت الطلب او الشكوى حتى لو كان صاحب املاك ، ولكنه يتصدّق لاحقاً :

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {12} أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {13} ] المجادلة .

*****

وحصة مجلس الخلافة الدستوري الأعلى الذي أشرنا إليه في بحث ( بديل ثقافة العنف لتغيير وإصلاح الأنظمة) من هذه الصدقة هي نواة الأنفال التي جعلها الله في مطلع سورة الأنفال وفي سورة الحشر (للّه والرسول) لتحقيق التوازن الإقتصادي – وليس المساواة – بين طبقات المجتمع بالقضاء على المسكنة ، كما بيّن اللهُ والرسولُ قرءاناً

بديل ثقافة العنف لتغيير  الأنظمة وإصلاحها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=2&cat=5

 والأنفال هي الأموال التي يهبها الله للمجتمع بدون جهد من الناس . ومنها اليوم رسوم الممرات المائية ، وعائدات البترول والمعادن وكل الموارد التي لا دوْر للناس في إنتاجها بل الفضل كلُّ الفضل فيها لله . لذلك جعلها الله سبحانه (لله والرسول) :

*[ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ .. {7} ] الحشر .

ولكي تطيب نفوس الجميع بهذا العطاء أمَر الله الذين آمنوا وحذّرهم :

*[  وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ  {7} ] الحشر .

وستكون فكرة الأنفال هذه  حينما تطبق بإذن الله مفخرة النظام الإقتصادي الإسلامي الرباني .

 

7. صَدَقة قرْض الله التي بعضها فرض هو الزكاة بالمفهوم التقليدي ، ولكنْ تُحدد الدولة نسبته اذا وُجدت حسب حاجات المجتمع الأساسية ، وبعضها تطوُّع  :

*[ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ {158} ] البقرة .

*[ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ {184} ] البقرة .

والوُسع الذي يحدد الحد الادنى ويُحدد التطوع لا يعرفه الا اللهُ سبحانه والمتطوِّعُ :

*[ بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ {14} وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ {15} ] القيامة .

*****

 وصدقة قرض الله هي اهمُّ واردات الدولة من الصدقات واكثرُها : *[ خُذِ الْعَفْوَ ] أي الكثير. وقد أُشير الى صَدقة قرض الله في اكثر من موقع ولا يكون القرض إلاّ لله بدون مقابل ، أمّا ما يُعطى ليُسترد فهو الديْن الذي أمَر الله سبحانه بكتابته في أطول آيات القرآن  :

*[ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ {18}‏ ] الحديد .

وورد الحضُّ على إقراض الله سبحانه ( مع ان المال ماله ) ست مرات . وهذه الصدقة يقرر التطوع بها بالنيابة عن الناس مجلس الامة الذي يمثلهم حسب حاجات المجتمع ووُسعِ الناس ، وحسب قناعته بضرورتها ونِسبتها .

 

8. صَدَقة الحق المعلومِ وغيرِ المعلومِ التي يدفعها العاملون كلهم مهما كان دخلهم لمصلحة المحرومين الذي يُحرَمون مِن نعمة كانوا فيها . ويكون لها صندوق خاص يسمى ( صندوق المحرومين ) يقابله صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي .

 

هذه الصدقات بما فيها صدقة الحق المعلوم وغير المعلوم كلها من الزكاة التي يتزكى بها المال ويتطهر ، وكذلك صاحبه ، كما يتطهر المال وصاحبه بانفاق الخيرعلى الوالدين والاقربين . ودفْعُها مربوطُ توقيتاً بقبض المال سواءٌ كانت ارباحَ مزروعات او ارباحَ صناعات او ارباحا سنوية او فصلية او كانت اجوراً ورواتب شهرية أو أسبوعة :

*[ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {141} ] الانعام .

 فبعض هذه الصدقات تُدفع لصندوق الصدقات في الدولة شهرياً وبعضُها يُدفع سنوياً وبعضُها عند استحقاقه .. تماماً كما تفعل كل دول العالم اليوم لجبايةِ الضرائب والرسوم مع فارقٍ كبير بين ما يدفعه الناس مضروباً عليهم (ضرائب) وبين ما يدفعونه لصِدْقِهم وصِدْق إيمانهم (صدقاتٍ) . 

 (9)

الاصناف الذين تُعطى لهم الصدقات

*[ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ ( لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) و فِي ( الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {60} ] التوبة :

8  المؤلفة قلوبهم : غفل المسلمون عن مفهومهم الحق والتقطه الغربيون

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=385&cat=5

 فلم يَذكر (السائلين) الذين جُعل ايتاؤُهم المالَ من البِر وخُص ذوو القربى منهم ، ولم يُذكر في القرءان ايتاؤهم إلاّ مرة واحدة (177/البقرة) . امّا (السائلُ مالاً) فذُكر مرتين في موقعين حيث خُص السائل المحروم . كذلك لم يُذكر اليتامى في آية التوبة أعلاه لتظل مسئولية الانفاقِ عليهم ورعايتِهم والإقساطِ اليهم وفيهم على الافراد لا على الدولة !!!

تدبّر الآيات 2- 3/النساء ، التي جعلت مصلحة يتامى شرطاً أساسياً لتعدُّد النساء!!!

. تعدد النساء في كتاب الله العظيم

  http://kuno-rabbaniyeen.org/Default.asp?page=details&newsID=12&cat=4

أما الاصناف الاربعة الاولى فتُدفع الصدقات إليهم بأنفسهم ( لِـ ) . وأمـا الاصناف الاربعـة الاخرى فتدفع الصدقات بسببهم ( في) : فمثلا تُدفع لسادة العبيد من اجل تحريرهم ، وتُدفع للدائنين سداداً لدين الغارمين الذين خسروا أموالهم من غير اهمال او انفاق في معصية ، وتُدفع للإنفاق على مشروعات تنفع الناس ومن ذلك الجهاد الكبير والجهاد القتالي اللذان تُحصَّن الامّة بهما ضد الفتن والانقسامات الداخلية :

(1) بالاعتصام بالقرءان الذي هو حبل الله الذي به يكون الجهاد الكبير بالحكمة والموعظة الحسنة (2) ولدفع العدوان الخارجي بإعداد ما تستطيع الامّة إعدادَه مِن قوة .

اما ابن السبيل فهو الذي لا بيت له يؤويه حقيقة او حُكما ، فيخصص من مال الصدقات نصيب لبناء بيوتٍ لابناء السبيل وكذلك لإعداد الطعام والمأوى لمن انقطعت بهم السبل .

 

وترتيب هذه الاصناف تنازُلي مُهم . فمثلا : لا يُعطى المساكين الذيـن عندهم شيء ولكنه لا يكفيهم .. فـلا يُعطون طالما كان هناك فقراء ( قصم فقارَهم الفقرُ والحاجة ) . ولا يُعطى العاملون عليها ( موظفو الصدقات/الدولة ) طالما كان هناك فقراء ومساكين . ويفهم من هذا انّ العاملين عليها ( جبايةً وادارةً وصرْفاً ) لا يجوز انْ يكونوا فقراء ولا مساكين كحال أكثر الموظَّفين اليوم . ولا يُعطى احد لتأليف قلبه طالما كان هناك مستحقون قبله .

(10)

الخُلاصــــــــــــــــــــة

الخلاصة أن نظام الزكاة هو بديل نظام الربا . فبالربا يربو المال في اموال الناس وعلى حسابها كالخلايا السرطانية التي تمحق الجسد وتمحق نفسها ، وكذلك الربا ( رأس المال والزيادة) : يمحقه الله . وبالزكاة يُراد بها وجهُ الله ورضوانُه ينمو المال ويزكو :  

أ. بتبادل المنافع سِلَعاً وخِدمات بتراضٍ والتزامٍ بحدود الله سبحانه ..

ب. وشركةَ مالٍ وجهد كذلك ..

ج. وقَرْضاً حسناً لله بلا مقابل ينتفع به ذو الحاجة ، فيكون صدقةً بلا مَنٍّ ولا اذىً تُعطى لمن قُدِرت عليهم ارزاقهم ..

د. وصدقاتٍ تُدفع للدولة لصالح الناس كلِّهم .

بذلك يتزكى المُنفقون وتتزكى اموالهم نماءً وطهارة وبركةً كما تزكو المزروعات والحيوانات اذا طُهِّرت من خبائث الأرض وأمراضها :

*[ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {9} ] الحشر و 16/التغابن .

*[ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ {58} ] الاعراف .

*[ قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَ الطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {100} ] المائدة .

*[ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ {36} لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {37} ] الانفال .

 

  نظام التعاون والتكافل في مقابل التأمين العام وعلى الحياة

موجود على الرابط التالي

نظام التعاون والتكافل ( الضمان الجتماعي )    

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=216&cat=5

 

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - [ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] -  فلسطين

 

 

نظامُ التعاونِ والتكافلِ (الضمانِ الإجتماعي) من كتابِ الله العظيمِ

بديلاً للتأمين

 

الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين

(1)

البرهان على العنوان من آيات القرءان

 *[ فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {63}‏ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {64} ] يوسف .

 *[ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً {9} ] النساء .

*[ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {265} أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ {266}

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ {267} الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {268} يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ {269}‏ ] البقرة .

*[ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً {82} ] الكهف 

*[ وَالَّذِينَ آمَنُـوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُـوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَـقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصـْلَحَ بَالَهُمْ {2} [ محمد .

ورد اصلاح البال مرتين وفي مطلع سورة محمد ( 2 و5/محمد ) . 

*[ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ {82} ] الانعام .

 

من كلمات الله سبحانه التي لا مبدل لها في هذه الايات وفي غيرها

نخلص الى مايلي :

(2)

مصطلح التأمين على الحياة بيّنٌ فساده ولا يصح استعماله . فليس هناك قوة على الارض تستطيع ان تُؤمّن حياة ايِّ كائن حي. وواقع البشر يشهد بما اكدتْه ايات الله سبحانه :

*[ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ {185} ] آلعمـران ..

*[ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ {38} ] النساء ..

*[ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ {30} ] الزمر..

*[  فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ {61} ] النحل .

بل ان اصحاب شركات التأمين لا يستطيعون ان يؤمّنوا حياتهم لا افراداً ولا هيئات اعتبارية . والمقصود بهذا المصطلح اشتراكُ مَن يخشى على نفسه او على ورثته الفقر والحاجة.. اشتراكُه مع شركة تتولى تأمينه او تأمين ورثته من الفقر. وبما انّ الناس يختلفون في هذا المسألة – مع حاجتهم إليها - فإن الحكم فيها يجب ان يكون لله سبحانه . بهذا اوصى الرسول الكريم فيما وثقه عند ربه قرءانا لتكون هذه الوصية اليقينيةُ  ( وصيةَ الله ورسوله) وصيةً واحدةً :

*[ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ

ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {10}‏  [ الشورى .

وعليه فإن على المُؤْمن الذي يُصدق بكلمات الله التي لا ريب فيها ان يوقن انه سبحانه لن يخذل مؤمِنا يعمل صالحاً بل انه سيُصلح باله ( يمنحه هدوء البال ) (2/محمد) فلا يدَعه للقلق لا على نفسه ولا على مَن وراءَه :

*[ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {97} فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {98} ] النحل .

 هذا وعْـد مؤكد من الله عز وجل *[ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ] وعهْـد منه سبحانه *[ فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ ] . فقد رَبط الله سبحانه الحياة الطيبة في الدنيا بالإيمان وعمل الصالحات .

*****

امّـا الإيمـان فيكون بـما *[ نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَبِهم ] . وما نُزّل على محمد هو القرءان تحديداً الذي ذكرتْه الآية 98/النحل أعلاه ، ولا شيء سواه *[ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً {23} ] . اما عمـل الصالحـات فيجب ان يكـون حسب قراءةِ القرءان/فَهْمهِ قراءةً عصرية يَحيى بها الناس ( 98/النحل) ، واتباعِ احسنِ ما انزل الله سبحانه فيه وهو ما ناسب الواقع  (55/الزمر) .

(3)

يقرر الله سبحانه (9/النساء أعلاه)  انّ الانسان بفطرَتِه يخاف على ذُريته مِن بعده وان علاج هذا الخوف هو في تقوى الله سبحانه وفي الاقتصار على القول السديد الذي ذُكر في القرءان مرتين وبيّنه الله سبحانه وبيّن عاقبته في اواخر سورة الاحزاب ، وربَطه بعدم أيذاء رسول الله بالافتراء عليه غيرَ القرءان كما فعل الذين آذَوْا موسى  *[ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى {88} ] طه .

فقد زعموا انه رسول العِجْل . فردّ موسى عليه السلام على هذا الايذاء والافتراء :

*[ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {5}‏ ] الصف .

لهذا حذّر الله سبحانه الذين آمنوا ألاّ يؤذوا الرسول الكريم بالافتراء عليه ما لم يقله في القرءان الذي أُمر بتبليغه تلاوةً :

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً {69} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {71} ] الاحزاب .

وتُبين الاية ( 64/يوسف) اعلاه ان الله سبحانه هو خير الحافظين سواء للانسان نفسه او متعلقاته وانّ أيّ وعْد من بَشر بتأمين حياة أي انسان او ممتلكاته هو وعد بما لا يملك يقيناً . ولا تزعم شركات التأمين انها تتخذ ايَّ اجراءات لحماية المؤمَّن عليه من الموت او التلف .

ولكنّ حقيقةَ عملها انها تقوم بتعويض المتضرر .

فالأوْلى ان تُسمى شركات التعويض .

*****

مِن اسماء الله سبحانه (المُؤمِن) في لسان القرءان العربي ، ايْ ( المُؤمِّن) في لغتنا العربية . ولكلا الكلمتين مفهوم واحد هو : القادر على الحفظ والتأمين . لهذا قال يعقوب عليه السلام لاولاده :

*[ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ .. {64} ] يوسف ..

ولم يقل : هل أُءَمنّكم ... كما أمّنتكم...

فاذا كان الله سبحانه هو المُؤمِن ( المؤمِّن) الذي يجعل الانسان المُؤْمِن آمناً على نفسه اذا اصابه الكِبَر، وعلى زوجته وذريته الضعفاء في حياته او مِن بعده فإن اقساط التأمين عند الله سبحانه مضمونة الدفع مضاعفةً عند الاستحقاق بوعد منه سبحانه  :

*[ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {39}‏ ] سبأ .

بل ان الحبّة عنده تثمر مئات الحبّات ، وهو فوق ذلك *[ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {64} ] يوسف . وتبين آية الكهف (82) ان صلاح أب الغلامين اليتيمين كان ( بوليصة/ وثيقة تأمين ) لهما ولِما ادَّخر لهما ابوهما من كنز اوْشك ان يضيع لولا ان الله سبحانه يسّر لهما مَـن حفِظه لهما حتى بلغا اشُدَّهما ! 

(4)

التعاون والتكافل (ألتضامُن) : الحقُّ والحق المعلوم

على ان كون الله سبحانه هو المُؤمِن/المُؤمِّن الحقُّ ، كما انه [ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ] لا يمنع ان يَرزُق الناسُ بعضُهم بعضا *[ فَارْزُقُوهُـم مِّنْهُ ]   بتبادل السلع  والخِدمات عن تراض منهم ، ولا مانع ان يتكافل النـاس ويتعاونوا على البر والتقوى لأنهم خلفاء الله في الأرض يجيز من أعمالهم ما يشاء ويُعدّل ما يشاء ويمنع ما يشاء !

لم ترِد كلمة ضَمان ولا مشتقاتها في كتاب الله  ووردت مشتقات كل من التعاون والتكافل عَشْر مرات .. فلا مانع أن يكونَ هناك نظام حكومي او مؤسسي  بصندوق خاص غير صندوق الصدقات  يتولى تأمينَ المحروم وهو الذي يُحرَم من ماله او مصدر رزقه او صحته وقوته بحيث لا يستطيع العمل . ففي الايتين اللتين ذُكر فيهما الحـق والحـق المعلوم الـذي يجب في اموال العاملين والموسِعين جعل  الله سبحانه هذا الحق *[ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ] مرتين :

(أ) *[ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً {19} إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً {20} وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً {21} إِلَّا الْمُصَلِّينَ {22} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ {23} وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ {24} لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ          {25} المعارج .

 

(ب) *[ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {15} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ {16} كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ {17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {18} وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ {19} وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ {20} وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ {21} وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ {22} فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ {23} ] الذاريات .

عطْفُ المحروم على السائل هو عطف تخصيص . فالسائل الذي له حق في اموال العاملين من الفئتين ( المحسنين والمصلين) المذكورين هو المحروم تخصيصاً سواء سأل او لم يَسأل . اما السائل الذي مهنته السؤال دون ان يكون محروما من نعمة كان فيها فلا يُعطى من هذا الحق .

 

وهذا التعبير اصل في ان هذا الحق المعلوم الذي تأخذه الدولة تدفعه لتأمين المحرومين. والمحروم هو الذي حُرم نعمة الصحة او القدرة على العمل اوالكسب او حُرم نعمة المال لمصيبة اصابته في ماله . ومثل هذا المحروم كان قد أنفق ونفع الناس والمجتمع ودفع الحق المعلوم الذي عليه ، فمِن حقه على المجتمع ان يكفُله .

*****

اما الحق غير المعلوم ( بنسب متفاوته ) فمن الخير ان يُدفع الى مؤسسات او شركات تتولى اعطاء المحرومين من هذا الحق حين يكون اوْ لا يكون هناك نظام حكومي يتولى الامر كما هو الحال في نظام تقاعد بعض النقابات . ويبدو من النص القرءاني في ءايات المعارج وءايات الذاريات ان هناك فئتين رئيستين في نظام التعاون والتكافل الرباني :

1. الفئة/الشريحة الأولى : هي التي تُفهم من ايات المعارج ( 19-27) . فإن الهلع الذي خُلق وفُطر الانسان عليه بحيث يخاف ان يمسّه الشر ( ومن ذلك الفقر والحاجة ) لا يسلم منه :

*[ إِلَّا الْمُصَلِّينَ {22} الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ {23}  .. وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ {26} وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ {27} ] ..

بحيث يدفعون لصندوق التكافل في الدولة (ان وجد او لمؤسسة تكافل )... يدفعون حقاً معلوماً ( نسبةً معلومةً) مـن دخْـلهم يُخصص للمحرومين الذيـن حُرموا من نعمة كانوا فيها . ومفهوم المحروم والمحرومين يؤخذ من القرءان نفسه 67/الواقعة و 27/القلم) ويشمل ذلك الزاماً كلّ العاملين من المُصلين الذين سيُحرَمون يوماً ما مـن نعمـة الكسب والعمـل لعجزهم أو موتهم ، كـما يشمل كلَّ من كـانوا مكلَّفين بالانفاق عليهم وهم الوالدان والاقربون الذين هم الورثة ( 215/البقرة) اذا اصبحوا بسبب عجز الكاسب او وفاته محرومين من النعمة التي كانوا فيها بوجوده .

(والمُصَلّون) هنا هم العاملون الذين ينفعون بعملهم أنفسهم حسب المفهوم العام للصلاة الذي بيناه في بحث ( الزكاة والصدقات من كتاب الله) على الرابط :

الزكاة والصدقات من كتاب الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=62&cat=5

ويشمل هذا الرجالَ والنساء العاملين بمن فيهم النساء العاملات في بيوتهن .

 

2. اما الفئة/الشريحة الثانية في آيات الذاريات ( 15-19 ) التي تتكامل ارقامها مع ايات المعارج ( 19-27 ) فهي عامةٌ للمحسنين المتقين الذي أخذوا بالاسباب الوقائية ، فكانوا قليلا من الليل ما يسهرون ليأخذوا حظهم من السكن والنوم فيه بحيث يستيقظون مبكرين بالأسحار فيستغفرون ويقيمون صلاة الفجر التي يَغدون بعدها الى اعمالهم. فهؤلاء المتقون المحسنون العاملون المبكّرون بالعمل يكونون في العادة موسِعين فيكون في اموالهم حق مفتوح ( بنسبة تصاعدية يحددها الواقع ) ليستفيدوا منه غُرما وغُنْما اذا صاروا محرومين .

*****

 فصندوق المحرومين ( يقابله في الانظمة الحالية صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي ) تستفيد منه فئتان بشريحتين بحيث يكون الاشتراك في واحدة منهما الزامياً للفئتين وهم كل العاملين في المجتمع الاسلامي على الموسِع قدَرُه حقاً مفتوحا حسب الواقع وعلى المُقتر قدَرُه حقا معلوماً . ودفْع هذا الحق برِضىً هو من الزكاة بمفهومها العام كذلك الذي هو ما ينفع الإنسان به الآخَرين كما بيناه في بحث الزكاة والصدقات الذي أشرنا إليه آنفا :

(الزكاة والصدقات من كتاب الله  (  

بهذا يكون هذا الحق لكل الذين امنوا من العاملين في المجتمع ( وليس الاغنياء فقط ) من *[ .. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ {55} ] المائدة ، أي خاضعون لأمر الله تعالى طالما أنهم يُقيمون الصلاة ويؤدّون (راضين) حقاً مالياً فرضه الله سبحانه لمنفعتهم ومنفعة غيرهم .

أمّا الذين أسلموا من غير المسلمين فقَبِلوا أن يلتزموا بنظام الدولة فهم من المصلين بالمعنى العام للصلاة الذي بيّناه في بحث الزكاة والصدقات من كتاب الله .

(5)

بهذا نرى ان مصطلح التأمين على الحياة ليس صواباً لا مُسمىً ومفهوماً ولا اسماً ، اذ لا يملك مخلوق ان يؤمِّن حياة احد ، علاوة على أنَّ توقُّع المشتركين في التأمين (على الحياة) لمبالغ طائلة تُدفع لِمَن بعدهم يجعل مِن الامر مقامرةً خطِرة تُغري المستفيدين باقتراف جرائم استباقية ليتمتعوا بأموال شركات التأمين الكثيرة ، فيكون حال المشتركين في (التأمين على الحياة) كمن سعى الى حتفه بظلفه .

وليس الامر كذلك في مؤسسات التعاون والتكافل ( الضمان الاجتماعي ) التي لا يستفيد منها الورثة الا اذا كانوا عاجزين عن الكسب لصغرهم او شيخوختهم أو لعاهة فيهم : فلا يستطيعون العمل أو أحيانا لا يجدونه  .

 

فإذا كانت شركات التأمين العام حاليا – بغضّ النظر عن الاسم - مؤسسات تعاون وتكافل راسخة تحت رقابة الدولة وبضمانتها وبحيث تَسُدُّ انظمتُها كل ثغرات السلبيات او جُلَّها فيكون نفعُها للمجتمع اكثرَ من سلبياتها واضرارها .. فان الاشتراك فيها مع غياب مؤسسة التعاون والتكافل في المجتمع أمر مقبول .

والله سبحانه أعلى وأعلم

 

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] -  فلسطين

 

 

 



 
 
ما ينشر في هذا الموقع ( ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ) وليس حقا لفرد أو أفراد
2008