5/3/2024
 
 

بحث في الموقع

 
 

 مواضيع مختــارة

 

      

 

     

2/22/2012 5:39:00 PM

عدد القراءات: 12774
عدد التعليقات: 15




11/16/2011 4:08:00 PM

عدد القراءات: 12337
عدد التعليقات: 9


8/27/2010 12:22:00 PM

عدد القراءات: 43746
عدد التعليقات: 1212


8/22/2010 11:38:00 AM

عدد القراءات: 13887
عدد التعليقات: 3





7/26/2010 7:06:00 PM

عدد القراءات: 15023
عدد التعليقات: 4





4/27/2010 1:11:00 AM

عدد القراءات: 14700
عدد التعليقات: 22



     

 

  

  

 
 
 

 

 

من نحـــن

مراحل الهُدى : مِن (التبليغ ِوالايمان) إلى (الاتباع والبيان) إلى( الطاعة )

8/3/2010 7:51:00 AM

عدد المشاهدات:5500  عدد التعليقات: 1
8/3/2010 7:51:00 AM

محمد راجح يوسف دويكات

 

 

مراحلُ الهُدى مِـن : التبليغِ ... إلى الطاعةِ

مراحلُ الهُدى

مِن (التبليغ  والايمان) إلى (الإتباعِ والبيانِ) إلى ( الطاعةِ )

الْحَمْــــــــــــــــــدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِـــــــــــــــــــــينَ

 (1)

مفهومُ تبليغِ ما أنزل اللهُ

أ. أمَر الله سبحانه الرسول محمداً (عليه وعلى المرسَلين السلام) أن يبلِّغ ما أُنزل إليه من ربه ، وقصَر مُهمته كرسول على هذا البلاغ (البيان الكافي) ، ووَعَده – ووعْده الحق- إنْ التزم بتبليغ آيات الله المنزّلة بأمانة مطلقة دون تقوّل على الله الذي أرسله لا بزيادة ولا بنقصان أنْ يحفظ حياته من عدوان الناس عليه وأن يكون حِفْظُه سبحانه لرسولِه بديلاً لحراسة الناس له ، فلا حاجة لحرّاس من البشر يحرسونه :

*[ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ (1) بَلِّغْ (2) مَا أُنْزِلَ (3) إِلَيْكَ (4) مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصمُكَ منَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67) ] المائدة .

*[.. وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(54) ] النور .

 وقد حدّد الله سبحانه لرسوله وللمؤمنين *[ مَا أُنْزِل ] إنزالاً بأنه آيات الله سبحانه التي نزل بها عليه جبريل عليه السلام كتاباً ليُكتَب ويُتلى ذِكراً للعالَمين ، وقرآناً ليُقرأ ويُتدبر: كتاباً وحكمةً .. نظريةً وتطبيقاً (لا أحاديثَ لتُروى) :

*[ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ(99) ] البقرة .

*[ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ ءَايَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) ] النور .

*[ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا (1) [ الكهف .

*[ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ تَنْزِيلًا (23) [ الإنسان .

*[ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤمِنينَ  (102) ] النحل .

*[ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ …(97) ] البقرة .

ب. كما شهد الله سبحانه :

*[ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هدى للمتقين (2) ] البقـرة ..

فكل ما سواه من أحاديث وكلام البشر بمن فيهم الأنبياء (لا الرسل) فيـه ريب ! *[ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ(51) ] الحاقة .. فكل ما سواه ظنٌّ فهو حق وباطل في أحسن أحواله :       

*[ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) ] يونس .

بل إن الله سبحانه أنزل الكتابَ *[ مُفصَّلاً ] و *[ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ] لا يحتاج أن يُفصِّله أحد -  لا النبيُّ ولا غيره - لكماله وكمال تفصيله . شهد الله سبحانه بهذا وبأن تفصيله كذلك لا ريب فيه من رب العالمين :

*[ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْءَانُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(37) ] يونس .

*[ وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {52} ] الأعراف .

كما شهد الرسول نفسُه بقرآنٍ يقينيٍ يُتلى ، لا بأحاديثَ ظنيةٍ تُروى ردّاً على مَن زعم أنه فصّل القرءان ، وفي آية رقمها هو عدد سُور القرءان (114) أنّ الله أنزل الكتاب مفصَّلا :

*[ أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً...  {114}!! ] الأنعام .

ج. وتبياناً لقوله سبحانه :

*[ .. وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) ] الإسراء ..

يقول رسول الله فيما حكى عنه ربُّه ووثَّقه في القرآن أنّ هذا القرآن هو الذي أُوحي إليه ليُنذر الناس به :

*[.. وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ..(19) ] الأنعام .

فرسول الله محمد مبعوث بالقرآن رحمة للعالمين . وهو مبلِّغٌ ومنذرٌ ومبشِّرٌ ومذكِّرٌ بالقرآن كلَّ مَن بلغ سنّ التكليف وبلَغه هذا القرآن بالطريقة التي كان رسول الله يُبلغه بها للناس وتميزت *[ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ] . 

وفي وجوب أنْ يكون الرسول الصادق الأمين أسوةً حسنة للدعاة المصلحين في تبليغ ما   *[  أُنْزِلَ إليْه مِن ربِّه ] فقط بدون زيادة ولا نقصان.. وفي وجوب أن يكون هذا التبليغ    *[ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ] أي بالكلمة الطيبة المطبقة مِن الداعي طريقةً ، يخاطب الله سبحانه الدُّعاةَ القائمين بعمل الرسول نيابة عنه في التبليغ قائلا :

*[ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ (1) يَرْجُو اللَّهَ (2) وَالْيَوْمَ الْآخِرَ        (3) وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) ] الأحزاب .

إن توثيق هذه الآية الكريمة في سورة الأحزاب لإشارة بيّنة إلى المؤمنين أنه حين يتحزب الناس ضدَّهم ، فإن عليهم أن يكون لهم في رسول الله أُسوةٌ حسَنةٌ في (1) الإيمان بما أنزل الله إليه (2) واتباع ما أنزل الله إليه وإليهم ، وعلى رأس ذلك الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة وهي حسن التطبيق من الداعي على نفسه أولاً ، ثمّ بالموعظة الحسنة من القرآن ، (3) مع الصبر على بُطء إثمار الدعوة .. علماً أن الدعوة الأولى بالقرآن أثمرت في ( 22 ) سنة وهي فترة قياسية لم يعرف لها العالَم مثيلاً .

د. لم يخاطب اللهُ سبحانه *[ الرَّسولَ ] نداءً في القرآن إلا مرتين وفي سورة المائدة تحديداً ، مع أنه خاطب النبي نداءً في 13 آية :

(1) مرةً مواسياً له بسبب مسارعة المنافقين وحلفائهم في الكفر:

*[ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا ءَامَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ ءَاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(41) ] المائدة .

فما أشبه اليوم في الآخِرين بالبارحةِ في الأوّلين!!

(2) ومرة أخرى يأمره بالثبات على ما أُنزل إليه من ربه قرآنا يُتلى وأن لا يُبلِّغ سواه (67/المائدة) .

(2)

النبيُّ والرسولُ

  الرسول والنبي : أصل البلاء عدم التمييز بين مهمتيهما

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=218&cat=6

أمَر الله سبحانه الرسولَ محمداً أن يكون النبيُّ محمدٌ أوَّلَ المبلَّغين بما أَنزل الله عز وجل على الرسول ليكون النبيُ أوَّل مَـن أسْلمَ لله تبارك وعلا :

*[ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45) ] الأحزاب .

فقد كان نبياً ثمّ رُفِع بالقرآن إلى رسول ، وظل نبياً يطيع الرسول . فهُما رتبتان بمهمَّتين .

*[… قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ …(14) ] الأنعام .

فقد سبق أن أخذ الله سبحانه ميثاق النبي محمد وميثاقَ النبيّين (وهم ألوف) أن يؤمنوا *[ بالله ورُسُله ] فإذا جاءهم رسول بكتاب من عند الله أو بَلَغهم كتاب كهذا أن يحترموا التسلسل الوظيفي- إذ الرسول أرقى من النبي رُتبةً ، كما أن الرسول الأخير أولى بالإتباع ممن قبله ، كشأن كل مسئول عند البشر- وأن يؤمنوا به وينصروه :

*[ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ(81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(82) ] آلعمران .

وقد بيّن الله سبحانه هذا المفهوم الذي يُميّز بين النبي بما يُوحَى إليه من أفكار شفهيةٍ حِكمية ، والرسولِ بما يُنزَّل عليه من الآيات بكلمات نَصيّةٍ مُحدّدة .. بيَّنهُ بمثال مشهور هو القِبلةُ الأولى والقِبلة الآخِرة : فقد كان قد أوحي إلى النبي بالتوجه إلى القِبلة الأولى  دون أن يُنزَّل هذا قرآناً ، لعلْمه سبحانه أنها ستكون قِبلة مؤقتة ، فلما أراد الله قِبلة أخرى دائمة أنزل ذلك قرآنا على الرسول مقرراً سبحانه أنه أراد هذا ليكون مَثَلاً على وجوب اتباع الرسولِ/القرءانِ  فيما أُنزل إليه آياتٍ من ربه ، ونَسْخِ ما سبق ذلك من إيحاءات نبوية إن وجدت :

*[… وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ …(143) ] البقرة .

مفهوم الوسطية القرءاني  يتحقق باتِّباع الرسول/القرآن الكريم

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=17&cat=3

وقد اعتبر اللهُ سبحانه من يُصرّ على اتباع وحْي النبوة حين ينقُضُه وحْيُ الرسالة المنزَّلةاعتبره مُنقلبا على عقبيه غير مؤمنمع إقرار من الله سبحانه أن التغيير ولو بحق إلى الأحسن صعب على الناس – كما يشير الواقعُ - إلا مَن هداهم الله عز وجل إلى الحق وحبّبهم فيه!!! 

بل إن الله سبحانه وفي آيات بيّنات من سورة النساء لَيشْهدُ أن ما أُنزل إلى الرسول محمد يَفضُل كلَّ ما سبق القرآنَ مِن وحْي النبوات والرسالات بما في ذلك ما أوحاه إلى النبي محمد نفسه وحيَ نبوّة :

ما ينفع الناس من وحي الرسالات و النبوات موثق في القرآن

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=46&cat=5

*[ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَءَاتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا(163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا(164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(165) :

*[ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ

وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) ] النساء .

لهذا ، فإننا نسمعُ كلام الله عقب هذه الآيات مباشرةً يتوعَّد بكلمات هي الأشدُّ مَن يكفرون بما أنزل الله سبحانه على رسوله محمد وشهد الله عز وجل به والملائكة ، كما يتوعَّد الذين يصدّون عن هذه الآيات التي هي سبيل الله ورسولِه ، أو يظلمون بسبب الإيمان بغيرها واستبدال أسفار البشر بالكتاب المنزّل من السماء . فيقول سبحانه في *[ أحْسَن الْحَديث ] 23/الزمر :

*[ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ …(170) ] النساء .

وقد أدان الله سبحانه بغاية الظلم ( مَن أظْلَمُ مِمَّن ) في ثلاث عشرة آية مَن يُكذِّبون بآيات الله سبحانه أو يصدِفون عنها أو يُعرِضون مفترين على الرسول بل على الله غيرَها وسمَّاهم مكذبين ومعرضين وظالمين ومجرمين .. وخصّ مَن يفترون على الله ورسوله غير القرآن وهم يُنسَبون إلى الإسلام :

*[ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(7) يُرِيدُونَ (…) لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ … ] الصف .

فقد كانت عاقبةُ عملهم (لامُ العاقبة) إطفاءَ نور الله مؤقتا بما افتروه : فهُجِر القرءان وكان ما كان !

إبراهيم يسأل والله سبحانه  يجيب

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=161&cat=5

(3)

الإيمــــــــــــــــــــــــانُ

أمَـر الله سبحانه الرسول محمداً أن يؤمن هو والمؤمنون بما أُنزل إليه من ربه . وحدّد له ولهم أن ما أُنزل هو الكتاب الذي سماه مُنزّله *[ القُرءانَ ] اسمَ علَم للكتاب المنزَّل على محمد :

*[ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285) ] البقرة .

*[ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ(14) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ : ءَامَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ..(15) ] الشورى .

*[ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْءَانَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ(92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ ءَايَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(93) ] النمل .

فهذه شهادة من الله عز وجل أنّ سببَ التفرق كان شكَّ مَن جاءوا مِن بعد الرسل بالكتابِ واستخدامَهم العلم الذي أحدثوه أحاديثَ وسيلةً لبغْي بعضهم على بعض (…) حين لم يستطيعوا فعل ذلك بالكتاب . لهذا أمر الله سبحانه رسوله أن يؤمن بالكتاب المنزل فقط إذ لا إيمان بكلامٍ غيره *[ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ : لاَ تُؤْمِنُواْ ] .. وبشَّر الله سبحانه الذين *[ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ] أي بآيات الله المنزلة عليهم فقط دون إضافات .. بشَّرهم بأنهم من المقربين ، صِدّيقينَ وشُهداءَ :

*[ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) [ الحديد .

ويقيناً أن هذا الإيمان بالله ورسله لا يَقصد به الله سبحانه مَن قال أنه يؤمن بالله ورسله ثمّ تراه يؤمن بأقوال وخرافاتٍ وأساطيرَ نُسبت إلى الرسل والنبيين وهو لا يعرف حتى الفرق بين الرسول والنبي ، كما هو حال البشر بمن فيهم الأغلبية الساحقة من المسلمين التراثيين خاصتِهم وعامتِهم . إذ لو كان هؤلاء من الصدّيقين والشهداء بمعنى ( الذين يشهدون بالحق وهم يعلمون ) لما كانوا اليوم في أدنى سُلّم البشر !!

(4)

الإتِّبـــــــــــــــــــــاعُ

أمَر الله سبحانه النبيَّ والمؤمنين معاً بعد (1) أن يُؤمنوا بما أنزل اللهُ قرءاناً (2) أن يتَّبعوا - استعداداً للعمل والتطبيقِ - ذلك الكتابَ المنزَّلَ إليهم من ربِّهم وأن يلتزموا بآياته مهتمين بتتبُّعها وملاحظة تتابعها في ظروفها الزمنية في الاوَّلين وفي مواقع نجومها في الاخِرين . وأمَرَهم أن لا يتَّبعوا البشر باتخاذهم نماذج ينقلون عنها ( أولياء ). وبهذا يظل ارتباطُ المؤمنين بالدليل الرباني من آيات الله سبحانه ، لا بأقوال البشر التي تتراكم الأخطاء فيها مع الزمن وتربو زبداً رابياً خمَرَ العقولَ وعطَّلها قروناً :

*[ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُون (3) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) ] الأعراف

وهذا الخطاب للمؤمنين الأولين خصّصتْه آيةُ الزمر(55) للآخِرين الذين أسرفوا على أنفسهم بوجوب اتباع أحسنِ ما أُنزل إليهم من ربهم (أي ما ناسب الواقع) ليَأمنوا عذاباً من الله سبحانه يأتيهم بغتة وهم لا يشعرون!!

فقد ربط الله سبحانه الإهلاك بعدم اتباع الكتاب وباتخاذ البشر أولياء تُتَّبع أقوالهم : روى فلان وقال علان … وبيّن سبحانه في ختام هذه الآيات سبب خسارة مَن خفَّت موازينه في الآخرة :

*[ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ(9) ] الأعراف

فقد كان لخفة الموازين فالخسارة سببان :

أ‌.   ما كان يفعله الخاسرون مِن استبدال أقوال البشر بآيات الله تعالى فكانوا ظالمين (الباء  بدلية بمعنى : بغير ءاياتنا) .

ب‌.  ما كان يفعله الخاسرون من سوء فهم بعض الآيات اتباعاً للهوى والاحتجاجِ بها لتكون سبباً للظلم (الباء  سببية تفيد التبعيض – بسبب سوء اتباعـهم لبعض ما تشابه منهـا بقصد البغـي وتحقيق المصالح الدنيـوية  (7/آلعمران ) !

*[ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28) ] محمد .

*[ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ ] : اتَّبَعوا أقوال الأولياء من البشر أحاديثَ تُروى ، وكرهوا ما أنزل اللهُ قرآناً يُتلى !!!

(5)

بيانُ ما أنزل اللهُ

مفهوم تفصيل الكتاب وبيان آياته

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=125&cat=5

إذا كان الله سبحانه قد جعل مهمة الرسول الوحيدة تبليغَ ما أنزل الله إليه (الكِتابِ) .. وأمَرَه والمؤمنين أن يتبعوا ما *[  أُنْزِلَ إِلَيْهمْ مِنْ رَبِّهمْ ] في الكتاب ، وكان ما أنزله الله سبحانه يحتاج إلى اتِّباعِ وتتبُّعِ آياته من أجل بيانها وفهْمِها قبل تطبيقها .. فقد جعل الله سبحانه بيانَ آياته لأربعة مصادر :

أ. لله نفسه عزّ وجلّ . فذكر في ثمانٍ وعشرين آية أنه سبحانه يُبين آياته *[ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ] . وقد جعل كثيراً من الآيات بيِّناتٍ بنفسها :

*[ بَلْ هُوَ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ(49) ] العنكبوت .

وجعل بعضَها مبيِّناتٍ لبعضها الآخَر ، بحيث يهدي الله إلى هذا البيان مَن يشاء :

*[ لَقَدْ أَنْزَلْنَا ءَايَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(46) ] النور.

وحيثما علم الله سبحانه أن الناس يمكن أن يَضلوا لسوء فهمهم لآياته فقد جعل البيان لنفسه وخص بذلك البيانَ المركب (الإفتاء) كما ذكر هذا في سورة النساء تحديداً :

الإفتاء في الدين حق لله لا للبشر

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=28&cat=3

*[ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ !!! قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ …(127) ] النساء .

والاستفهام هنا انكاري تعجُبي شديد اللهجة ينكر الله فيه على الناس ان يستفتوا النبيَّ لأن الفتوى في أمورهنَّ ستكون لله فقط ومن كتابه الكريم !!

*[ يَسْتَفْتُونَكَ!!!!!! قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ …(176) ] النساء .

وقد ختم الله سبحانه الآية الأخيرة والسورة كلها بقوله سبحانه مبيناً مؤكداً ومحذرا :

*[… يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) ] النساء .

ومع بيان الله سبحانه لحُكم الكلالة في كتابه الكريم فقد عجز المسلمون عن فهْمه حتى الآن ! إرجع إلى قانون المواريث الإسلامي الرباني القرءاني :

قانون المواريث الإسلامي من كتاب الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=91&cat=5

وإلى هذا البيان الرباني يشير الله سبحانه منذراً مَن يكتمونه – إن لم يتوبوا ويصلحوا ويبينوا – بأن عقوبتهم تشبه عقوبة الذين كفروا وماتوا وهم كفار :

*[ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى

مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ

أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ :

(أ) تَابُواْ

    (ب) وَأَصْلَحُواْ

(ج) وَبَيَّنُواْ

فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {160}

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ(162) ] البقرة . 

وقد عرف أولوا الألباب من المسلمين منذ القِـدم أن أفضل وأشفى بيان وتفسيرٍ للقرآن هو القرآن نفسه مع انهم قلما طبقوا هذه الطريقة ولم يستفيدوا من هذه الحقيقة . هنا يأتي دور المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم الذي يسَّر الله سبحانه عمله لأحد المستشرقين بدايةً منذ أكثر من مائة وخمسين سنة!!! بينما كان المسلمون الذين يُفترض فيهم أن يهتموا بالقرآن .. كانوا يَغطّون في سبات عميق ويعبدون أصنام الأسفار (روى وحدّثنا) التي وجدوا عليها آباءَهم والتي لم تنفعهم في الدنيا ، ولن ولن ولن تنفعهم في الآخِرة !!!!

ب. بعد بيان الله سبحانه .. اضاف الله بيان ءاياته (وليس تفصيلَها) إلى الرسول . فذكر هذا في ثلاث آيات ليُعطي بيانَ الرسول مفهومَ إظهار ما خفي على الناس أو أخفوه مِن آيات الله ، بتلاوة تلك الآيات المتعلقة بالمسألة مجرد تلاوة : *[ واتْلُ عليْهِم ...] ، ويدخل هذا في التبليغ . وقد أُمر أن يبين لأهل الكتاب ما ظنوه خافياً عليه :

*[ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ : (1) أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا (2) وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا     (3) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (4) وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (5) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(151) (6) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ (7) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا (8) وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى (9) وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(152) (10) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153) ] الأنعام .

هذه هي الوصايا العَشر التي تُقابلها وصايا الله عز وجل للمسلمين في الآيات (22-37) من سورة الإسراء . قارن ما ورد ذكراً للعالَمين في آيات الإسراء بما ورد ذكراً لأهل الكتاب في سورة الانعام لتدرك أن النسْخ إنما كان بما *[ نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِم ] لبعض ما نَزَل على مَن قبله !!

الوصايا العشر عند أهل الكتابين مثل على النسخ

  http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=33&cat=5

*[ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ(15) ] المائدة .

فما كانوا يُخفونه من الكتاب (كتابِهم) بيَّنه لهم في *[ الكتاب كُلّه ] All in one الذي أُنزل عليه !

*[ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ٌ(19) ] المائدة .

*[ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا (1) لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ (2) وَهُدًى (3) وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64) وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) ] النحل .

فتِبيان ما اختلفوا فيه كان في الكتاب الذي أنزله ربه عليه ! ومن ذلكم :

حقيقة التثليث من كتاب الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=18&cat=5

حقيقة بعث وقيامة وظهور المسيح

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=5&cat=6 

الآية (63) أعلاه تشير إلى واقع العرب والعالم في عصر نـزول الرسالة في الأوّلين حين استحوذ الشيطان علـى الناس فإذا هو *[ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ ] بسبب اختلافات البشر وما ترتَّب عليها من حروب ومشكلات مزمنة اقتضتْ كُلّها أن يُنزل الله سبحانه الكتاب/ القرءانَ دليلا للخلق (Manual) حَسماً لخلافاتهم وهدى ورحمة للمؤمنين به .

ولم ترد *[ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ ] إلا مرة واحدة في الكتاب ليكون ذلك إشارةً إلى مماثَلة واقعِ البشر في الآخِرين اليوم في مطلع الألفية الثالثة لواقعهم آنذاك في الأولين في مطلع القرن السابع الميلادي . إذ حين يصبح الشيطان *[ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ ] مرة أخرى يعيشونها الآن فستكون للملتزمين بصراط الله المستقيم الذين كانوا أمواتاً فأحياهم ثانيةً  (28/ البقرة)... ستكون *[ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ] :

الأساس لمشروع حضاري ع + E  

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=67&cat=2  

*[ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(122) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ(123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ ءَايَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ(124) فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ(126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(127) ] الأنعام .

وقد بيّن الرسولُ الكريم بعض الآيات بكلام على لسانه صاغه الله سبحانه بكلماته وأنزله في القرآن آيات مبينات ذكراً للعالمين فهي جزء من كتاب الله العظيم . من ذلك قول الرسول (وهو قول الله سبحانه) رداً على الذين زعموا أنّ له سُنةً تُتَّبع مع القرآن هي التي فَصلت القرآن ، وشهادةً منه أن القرآن نزل مفصلاً ولا يحتاج إلى تفصيـل أحد : 

*[ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا …(114) ] الأنعام .

ومِـن ذلك وصية الرسول التي وثقها ربه في القرآن بعد نهي الله سبحانه عن اتخاذ أولياء من دون الله :

*[ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ  (10) ] الشورى .

وهاتان الآيتان هما من آيات الإيمان والهدى (العقيدة) بالإضافة إلى (332) آية حدد الله سبحانه فيها للرسول ما يقول ( قل ) بالكلمة والحرف والسياق ! فقال ذلك هو والذين معه . ومِثْل هذا القول مِـن الرسول ، وهذا التطبيق من النبي ومن الذين آمنوا هو السيرة التي وثقها الله سبحانه في القرآن وإليها يشير الله ورسوله :

*[… هَذَا (1) ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ (2) وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ     (24) ] الأنبياء . 

ج.  كما اضاف الله سبحانه بيان ءاياته إلى الرسول النبي محمدٍ ( عليه وعلى رُسُلِ اللهِ السلام ) : ففي آية واحدة فقط طلب الله سبحانه من الرسول ان يتلو ما أُنزل من الايات تلاوةً ومن النبي بيانَ ( مَا نُزِّلَ ) بكلام بشري ، بوصفه إمامَ أهل الذِّكر . وجعل بيان النبي هذا ( لِلنَّاسِ في وقت البيان ) وليس للناس جميعاً ولا للعالَمين . كما طلب الله سبحانه مِن الناس أن يتفكَّروا في آياته سبحانه وفي بيان النبيّ لها مع علمه سبحانه أنهم قليلا ما يفعلون *[ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ] متوعداً المُقصرين في التفكر والمعرضين عن آيات ربهم المفترين على الله الكذب :

*[ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ  (45) ] النحل .

*[ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ(22) ] السجدة

هذا البيان النبوي البَشري لبعض آيات الله مـن الكتاب المنـزل ومـن الحكمة المنزلة فيه :

*[… وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا(113) ] النساء ..

.. هو بيان محكوم بالواقع ومتأثر بالزمان والمكان... وهو الذي أمر النبيُّ المؤمنين ألا يكتبوه لأنه ليس ذكراً للعالمين كما أنه ليس من الذكر الذي تعهد الله سبحانه بحفظه . فهو بيان لا يصلح بالضرورة لغير واقعه لأن الذي قاله لا يعلم الغيب ( 50/الأنعام) . وقد استفهم الله سبحـانه مستنكراً متعجباً من الذين يكتبون لغيـر واقعهم فقـال في آيتين  [ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ !! ] 41/الطور، 47/القلم .

وقد نُسب إلى النبي كذلك بعدم كتابة حديثه .. نُسب إليه في أثر تاريخي ينسجم مع ما ذكرنا حتى لا ينشغل الناس به عن كتاب الله الذي هو ذِكر للعالمين . لهذا أحرق أبو بكر وعمر صحائف الحديث التي بلغهم أن بعض الناس كتبوها . وبعد انقضاء القرن الهجري الأول ووفاة عمر بن عبد العزيز (وهو من التابعين بإحسان الذين زكاهم الله سبحانه 100/التوبة) عام (101) هجري بدأ المسلمون بكتابة الحديث واستبداله بكتاب الله وآياته فبدأت هزائمهم على الفور بمقتل السمح بن مالك في معركة البلاط الأولى عـام 102هجـري ( سنة 721 ميلادية) ثمّ بمقتل عبد الرحمن الغافقي في معركة البلاط المشهورة التي أوقفت تقدم الإسلام في أوروبا عام 114 هجري ( سنة 732 ميلادية) .

سؤال لم يُسأل من قبل .. فك شيفرة مرَج البحرين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=123&cat=6

وبدلاً من أن يراجعوا حساباتهم استمروا في افتراء الأحاديث وفبركتها ، وألَّفوا فيها وفي أقوال فقهائهم الأسفارَ (!!) فصار مثلُهم كمَثَلِ مَـن قبْلهم :

*[… كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {5} ] الجمـعة

ولما مَـرَدُوا على هذا التكذيب والظلم ضَلّوا وهبـطوا حتى صاروا ممن حذرهم اللهُ أن يفعلوا فَعلهم فيكونوا منهم :

*[ .. وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ {31} مِنَ الَّذِينَ  فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(32) ] الروم .. لكنهم – مع الأسف - كانوا ولا يزالون !!!

د.  واضاف الله سبحانه بيان ءاياته إلى الناس ، ينوب عنهم أهل الذِّكر :

*[ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ !! (10) وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ (11) ] الأنبياء .

فبعد قوله سبحانه *[ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ] ليبينوه ، يُذكِّر الله سبحانه بعذابه وإهلاك المعرضين الظالمين الذين يمكرون السيئات بأهل الذكر !! فرسول الله وكلُّ الرسل مِن قبله هم رجال أَوحى الله سبحانه إليهم *[ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ … ] فإذا وُجد الرجال ووجد الوحي ( الذِّكْر ) الذي أنزله الله على رسوله أمكن لأهل الذكر منهم في كل واقع أن يبينوه للناس في واقعهم . 

وويل للذين يتّهمون الله سبحانه بالعبثية حين يزعمون أن الذِّكر الذي أنزله الله سبحانه للعالمين وأمرهم أن يتدبروه ويعقلوه هو طلاسم وحمّال وجوه يستحيل فهْمه ، ولذلك تراهم يستبدلون به لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله بغير علم ، سواء علموا حقيقة ما صنعوا أو جهلوها .

*[ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) ] آل عمران .

*[ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم ٍ(7) ] لقمان .

*[ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ {6} وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ {7} يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {8} وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ {9} مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئاً وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {10} ] الجاثية .

 *[ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {160} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {161} خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ {162} وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ {163}‏ ] البقرة .

فيــا ربِّ

يا مَن أخذتَ على الذين أوتوا الكتابَ ميثاقهم :

*[ وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ

لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ

 فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً

 فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ {187} ] البقرة

 

يــا ربِّ

ألا هلْ بيَّنتُ ؟؟ أللّهمَّ اشهدْ !

(6)

 الإتِّباعُ لما أنزل الله ... والطاعة للّه ورسوله

باستقراء آيات الإتباع وآيات الطاعة من كتاب الله العظيم نستخلص ما يلي :

1.   الإتباع هو تتبُّعُ وملازمةُ كل ما أنزل الله سبحانه من آيات في المسألة دراسةً وتدبُّراً للإحاطة بها ( 84/النمل ) واستخلاصِ الحكم منها للعمل به وتطبيقه . فإذا كانت الآياتُ أمْراً أو نهياً جازِمين وكان الفهم صواباً كان التطبيق طاعةً لله سبحانه الذي أنزل آياته ، وطاعةً للرسول الكريم الذي بلَّغها بأمانة مطلقة ، وعمل بها وطبَّقها النبيُّ في واقِعه فكان مطيعاً لله سبحانه . فان لم يكن الفهم صوابا لخطأ غير متعَّمد لم تكن طاعة ولم تكن معصية بل كانت حسنةً مُقـترَفةً يغفـرها اللهُ ويشكر عليها ( 23/الشورى ) :

الإجتهاد في فهم القرءان حسنة بعَشر أمثالها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=36&cat=3

اما عدم الطاعة المتعمَّدُ ( كما فعل ابليس ) فهو معصية وفسوق فكُفْر . فدائرة الإتباعِ أوسعُ من دائرة الطاعة لأنها تسبقها وتظل معها . وإذا كانت أكثرُ آيات الإتباع مكية فإن كلَّ آيات الطاعة مدنية . ومفهوم ذلك أن الطاعة تقتضي وجود مَن يعين عليها وهو المجتمع الإسلامي السيادي : حاكـمٌ يملك القرار ومحكومون يستطيعون أن ينفذوا بدون العوائق والقيود التي تكبلهم في مجتمع المستضعفين . وواقع البشر يشهد بهذا !!

لهذا جاء قول الله المحكَم رداً على إيمان الرسول والمؤمنين *[ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ ] قرءاناً  وإعلانِ التزامهم بما أُنزل إليهم كتاباً *[ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ] ... فجـاء قوله سبحانه في خواتيم البقرة *[ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ] .

2.   في حياة النبي كان تتبُّع الآيات وتبيين مفهوم النص القرآني ميسَّراً لأسباب :

أ.ً: لأن الآيات كانت تنزل حسب الوقائع ممّا يُسهِّل ربطها بالمسألة التي كانت تنتظر جواباً أو حلاً :

*[ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ(2) ] يوسف .

أي تربطون آياته بالواقع ، فيسهل فهمُها ومعالجة الواقع بها . والخطاب ( لَعَلَّكُمْ ) للذين كان القرءان ينزل عليهم ، ثم لكلِّ مؤمن بالقرءان .

ب. مع أن آيات القرآن لم يكن قد اكتمل نزولها بحيث يُحيط الناس بها علماً ليتبينوا مفاهيم بعضها من بعض ، إلاّ أن وجود النبي الأمين بما يُعينه الله سبحانه عليه مؤقتاً بوحي النبوة غير الموثق للبيان والتطبيق المحكوم بواقعه .. كان تعويضاً مؤقتاً عن آيات مبيِّنة لم تكن قد نزلت بعد . فإذا نزلت كان هو وكل الذين آمنوا مأمورين باتباعها على الفور :

*[ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19} ] القيامة .

*[ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ   {87} ] القصص .

فلما أكمل الله سبحانه الدين بإكمال آيات الكتاب قواعدَ عامةً (هدى) وتفصيلاتٍ (بيّناتٍ)، أخذ النبي الأمين يدرّب المسلمين على وجوب التفكر في الآيات وتبيُّن مفاهيمها منها على ضوء واقعهم ، كما فعل مع عمر بن الخطاب في مسألة الكلالة . وإلى هذه الحقيقة يشير الله سبحانه في آية وحيدة من كتاب الله تعالى :

*[… وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ(44) ] النحل .

من أجل هذا رفض النبي الأمين وفي آخر ساعاته من الدنيا أن يبيّن للناس شيئاً في أخطر أمر يُهمهم وهو موضوع خلافته فأوصاهم فقط بكتاب الله العظيم (10/الشورى) . لهذا فإنّ ما نُسب من قولٍ إلى عمر (حسبنا كتاب الله) هو صحيح يوافق كتابَ الله !

وإلى أهمِّ مؤهِّلات أهل الذّكر الذين أُمر المؤمنون أن يسألوهم بعد أن اكتمل القرآن وأُحكِمت آياته .. يُشير الله سبحانه في مطلع سورة فصلت :

*[ حم(1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ ءَايَاتُهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ   (3) ] فصلت .

فبالإضافة إلى علْمٍ باللسان العربي (وليس اللغة العربية التي يكثر فيها اللغو والكلام الفارغ) الذي نزلت به الآيات المسطورة ، يحتاج أهل الذكر إلى علْمٍ بالواقع المنظور وما فيه من آيات الله المنظورة .. يُبين بعضُها بعضاً :

ندرة الباحثين في آيات الله المسطورة وكثرتهم في آياته المنظورة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=101&cat=4

3.   كانت مهمة الرسول الوحيدة هي تبليغَ ما أنزل الله إليه ، لنفسه كنبيّ وبشَر اوَّلاً ، وتبليغَ ذلك للناس في عصره ثانياً ، ولِلعالَمين بالنيابة مِن بعده . وكانت مهمته كنبي مبلَّغ أن يُؤمِن بما أنزل الله إلى الرسول ، وأن يتّبع ما يوحَى إليه وحْيَ رسالة أوَّلاً ووحْيَ نبوة ثانياً حتى ينزل وحْيُ رسالة يُؤيده أو يُلغيه أو يُعدِّله :

مفهوم الوسطية القرءاني

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=17&cat=3

أما هو والمؤمنون جماعةً فقد أُمروا أن يتبعوا ما أُنزل إليهم من ربهم وحْيَ رسالة فقط (مطلع الأعراف) بعد الإيمان بما أُنزل إليه (خواتيم البقرة) . أما المؤمنون من بعده فقد أُمروا أن يتبعوا أحسن ما أُنزل إليهم من ربهم وحيَ رسالة فقـط (القرآن) ، أي ما ناسب الواقـع المتجدد مـن آيات الله عز وجل (55/ الزمر) .

4.   بذلك يكون ترتيب مراحل الهُدى إلى الدين الحق : (1) تبلُّغُ آياتِ الله  المُنَزّلَـةِ  (2) والإيمانُ بها (3) فاتِّباعُها بتتبُّعها من أجل بيانِها/فهْمِها (4) فالطاعةُ . وترتبط كل مرحلة بدرجة من الهداية :

*[… فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ) الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(158) ] الأعراف .

*[  فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19} ] القيامة .

*[ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) ] آلعمران .

يفهم من هذه الآيات الكريمة :

أ.    أن الطاعة منذ القدم (التزاماً بالأمر والنهْي العمليَّين) هي ثمرة الإتباع الحق . يقول الله سبحانه على لسان هارون عليه السلام :

*[… وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) ] طه .

فليس كل اتِّباع يُثمر طاعة .

ب. وأن الله سبحانه لم يأمر باتباع نفسه لِما يقتضيه الاتباع من الملازمة بل أَمَر باتباعِ آياته المنزَّلة التي سماها ذكراً مُيسَّراً ، واتباعِ رسوله المبلِّغ لآيات الله وكلماته . فهو اتباع واحد . كما أن طاعة (الله ورسوله) طاعة واحدة ، والاستجابةَ لهما استجابة واحدة ، والتولي عنهما تولٍ واحد بحيث لا تُعرف طاعة الله إلا عبْر رسوله بما أنزل الله عليه قرءانا [ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً {23} ] الإنسان :

*[ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُون َ(22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) ] الأنفال .

فقد اعتبر الله سبحانه التولي عن الله والرسول تولياً عن شيء واحد هو القرآن (عنه) وليس عنهما . وكذلك الاستجابة لله والرسول اعتبرها واحدة فقال  ( دعاكم ) ولم يقل دعواكم .

ج.   وأن الإيمانَ بما أُنزل إلى الرسول من ربه ، ومنه ما أُنزل من قبله كما وثقه الله فيما أُنزل إليه (خواتيم البقرة) .. واتِّباعَ ما أُنزل فقط إليه وإلى المؤمنين (مطلع الأعراف) ، وهو اتباع للرسول .. هما مدخل الهداية وتكفيرِ ذنوب المقتصِدين أصحابِ اليمين .

أما درجة المقربين فتُنال بطاعة (الله والرسول) وهي طاعة واحدة تتحقق لمن اتبع واصاب فَهْمَ آيات الأمر والنهي التي نزلت على الرسول رسولا فطبقها نبيَّاً في مجتمع سيادي ، وبلّغها للعالَمين ، وليس بما سواها من أقوال البشر ، حتى لو كانت تفسر الآيات في واقع معين مضى . فان الإتباع إنما يكون لآيات الله اليقينية التي هي دليلهم . فمن عرف الدليل من كتاب الله سبحانه فاتّبعه مُصيباً محسناً في واقعه كان مطيعاً (لله والرسول) :

*[ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا   (70) ] النساء .

 ومَن أخذ بفهمِ بشرٍ عرف الدليل من كتاب الله وأصاب ، دون أن يَسأل عن الدليل ، فقد اتبع البشر ، وحسابه عند ربه :

*[ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ {117} وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ {118}‏ ] المؤمنون .

وفي الإيمان بدايةً .. فالإتباعِ .. فالهدايةِ ( معرفةِ الحقِ/الصوابِ ) فالطاعةِ يقول الله سبحانه

*[… فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ) الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ  تَهْتَدُونَ (158) ] الأعراف .

وفي أهمية اتباع الكتاب وملازمته ليكون مَدخل الرحمة والوقاية من العذاب ، بعد ظهور الضلال يقول الله سبحانه :

*[ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمـُونَ(155) ] الأنعـام .

ايْ واتقوا عـدمَ اتباعه كما تتقون *[ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ] 24/البقرة .

*[ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) ] النور .

فمن اطاع *[ اللهَ والرسولَ ] بعد ان آمن بالله وكلماته ( كما فعل الرسول النبي الكريم ) واتَّبع كتاب الله فقد استحق مزيداً من الهداية تجعله مؤمنا (بعد أن كان من الذين آمنوا ) واكثرَ طاعة لله والرسول ، فيزيد ايماناً مع ايمانه وهُدىً مع اهتدائه :

*[ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {15} ] الحجرات .

وعلى النقيض مِن هؤلاء الذين يزيدهم الله هُدىً بالإتباع والطاعة ، يتوعّد الله  المُعرضين عن ءايات ربهم بعذاب تصاعُدي :

*[ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) ] السجدة .

د.    ولأنَّ الإتباع العام هو تتبُّع آيات الله وملازمتُها دراسةً وتدبُّراً قبل وعند التطبيق .. فإنَّ الله سبحانه لم يأمر ولم يوص أحداً باتباع الله نفسه لأن الله لا يلازمه احد ، بل أمر باتباع وملازمة رسوله في حياته حين كان يتلو عليهم آيات الله فهو *[ رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً {2} ] ، واتباع وملازمة ما انزل الله اليه والى الناس (القرآن) سواء في حياته او بعد وفاته . ولم ترِد آية واحدة تأمر باتباع النبي بل وردت آيتان تشيدان بالذين اتَّبعوا النبي من المؤمنين فكانوا معه في مناسبتين عمليتين مُحدَّدتين لا تشريعتين : إحداهما غزوة العُسرة ، وثانيتهما قرار حرب أو سلْم . وكلتا المناسبتين اجتهاد من النبي في حياته بوصفه القائد العسكري للجيش :

(1) [ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) ] التوبة .

(2) [ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) ] الأنفال .

ذلك أن مجرد اتباع النبي ليس دليلَ إيمان وطاعة إذ هو اتباع ملازمة . فقد اتَّبعه وسار معه في غزواته مؤمنون وغيرُ مؤمنين ولكن الله أشاد ببعض مَن اتبعوه  وهم المؤمنون ، إذ كان بعض المنافقين أحياناً يتبعونه :

*[ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ …(42) ] التوبة .

*[ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ …(15) ] الفتح .

*[ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) ] الكهف .

ومعلوم أنه لم يُطعه إذ لم يلتزم بما أمره به .

هـ. أما الطاعة فقد جعلها الله سبحانه له ولرسوله طاعةً واحدةً  وأشاد  سبحانه  بكل مَن أطاع الرسول ( وليس النبي ) :

*[ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ {80} ] النساء .

 ولم ترِد آيةٌ واحدة تذْكر طاعة النبي سوى الإشارةِ إلى أن النبي كان رحمة للذين آمنوا ممن عاصروه *[ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ {61} ] التوبة . بينما أرسله الله بالقرآن رحمةً للعالَمين *[ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) ] الأنبياء . أما طاعته كولي أمرٍ في حياته فكانت مشروطة - كطاعة كلِّ أُولي الأمر - بطاعة الله والرسول

إيذاء الرسول أكبر من إيذاء النبي

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=89&cat=4

كما لم ترِد آيةٌ واحدة تأمر أو توصي بطاعة لله منفردة إذ لا يتصور أحد أن يعرف الناسُ كيف يطيعون الله سبحانه بدون معرفة رسالته إليهم عبر رسوله الذي اصطفاه الله وجعل القرآن - وهو قول الله - هو قولَ جبريل وقولَ الرسول محمد عليهما سلام الله قولاً واحداً (19/التكوير) و (40 الحاقة) .

وحيـن صنّف الله سبحانه الكافريـن حقاً أربعـة أصنـاف جعـل الصنف الثاني بعد *[ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ] أولئك الذين يُفرّقون بين الله ورسله قائلين : هذا قول الله وهذا قول رسوله – في إشارة إلى باطل مَن يقولون : القرآن قول الله والحديث (السُّنة) هي قول رسوله !! بل إن الله سبحانه لم يقبل المداهنة في هذه المسألة الإيمانية ، فلم يُفرِّق بين المُدْهنين (الصنف الرابع) والأصناف الثلاثة الأخرى : 

*[ إِنَّ الَّذِينَ(1) يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ(2) أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ (3) نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ(4) أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) ] النساء

(7)

الخلاصــــــــــــــــــة 

خلاصة البحث أنَّ أرقى وأسرعَ تجارب التاريخ في الاصلاح وباعتراف مَن لا يَدين بالاسلام  ( د.مايكل هارت الامريكي في كتابه : المئة الاوائل ) قد قادها السابقون الاوَّلون *[ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ] بمرجعيةٍ واحدةٍ لا ثانيَ لها هي كتاب الله (القرءان) : آمَنوا به وعَقَلوه واتَّبعوه وطبَّقوه تطبيقاً عصرياً مناسباً لعَصرهم دون أنْ يعرفوا سواه  بعد ان تركوا ما وجدوا عليه آباءَهم وتوارثوه عنهم مِن الضلالات ومظاهر التخلُّف قروناً ، فأثمرت جهودُهم في فترة قياسية (22 / سنة) لم يَعرف لها التاريخ مثيلا .

فمن أراد انْ يكون من السابقين الاخِرين في التجربة الآخِرة القريبة إن شاء الله ، فإن كتاب الله القرءانَ موجود ، فيه خطابٌ لكل واقع وعصر . ليس له تاريخ انتهاء صلاحية Expiry Date  لانه ليس مخلوقا ، خلافا لكلِّ مخلوق ومصنوع من مادة الكون وكلام البشر . فكل هذا تتناقصُ صلاحيَّتُه مع الزمن حتى تنتهي كما انتهت صلاحية الاسفار والكتب التي وجدنا عليها آباءنا منذ قرون ولم تعد في مُجملها صالحةً للعصر . فهي كالخمر خبيث محرم مع ان فيه ماءً وسُكراً نافعين !! اذ لو كانت تلك الاسفار والكتب صالحةً لانْتفع بها مَن قبلنا الذين استبدلوها بكتاب الله تعالى منذ أكثر من عشرة قرون فصار مَثلُهم ومَثَلُنا كمثل الحمار يحمل اسفارا !!

 بالقرءان اجتبى الله النبيَّ محمدا ورقّاه الى درجة رسول فكان فضلُ الله عليه بالقرءان كبيرا . وبالقرءان شَرُفت ليلة القدر فكانت خيرا مِن ألف شهر ، في اشارة الى انَّ سَنَة العمل بالقرءان خيرٌ من اكثر من ثلاثٍ وثمانين سنةً بغيره . كيف لا والقرءان هو الصراط المستقيم الذي هو ( هندسياً ) اقصر مسافة بين نقطتين : نقطةِ الباطل ونقطة الحق :

قراءة عصرية لمطلع الإسراء وخواتيمها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=7&cat=6

وبالقرءان وحده مرجعا وحيدا للحق في الدين والانسانيات خاصةً ، وبفهْمٍ مناسبٍ للعصر يمكن ان يُوحَّد مَن شاء من المسلمين والبشر مِن جديد ويُؤلَّفَ بين قلوبهم بعد ان فرَّقوا دينهم بالاسفار والمذاهب فكانوا *[ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ] الروم .

وبالخطاب الرباني القرءاني وحده يمكن ان تنضمَّ اليهم ملايين العقول من الذين اوتوا العلم ، ليصبح المؤمنون بالقرءان ، المسلمون لله ، مرةً أُخرى *[ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ] مستجيبين لربِّهم من قبل ان يستبدل الله سبحانه قوما غيرهم ثم لا يكونوا امثالهم :

فيا أيها الناس :

*[ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم

مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ

مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ {47}  [الشورى :

ملجأ المؤمن من قبل اليوم الذي لا مرد له

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=168&cat=6

*[ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ {38}‏ ] محمد

*[ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ

إِنَّا لَقَادِرُونَ {40}

عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ {41} ] المعارج . 

 محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] -  فلسطين

 



 
 
ما ينشر في هذا الموقع ( ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ) وليس حقا لفرد أو أفراد
2008