مِن سُننِ اللهِ سبحانه : تلاقُحُ الحضاراتِ وتسابُقُها .. والأبقَى هو الأصْـلحُ

الْحَمـــــــــــــْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِــــــــــــــينَ

(1)

البرهان على العنوان من آيات القرآن

*[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {13} ] الحجرات .

*[ ... لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ ..{48} ] المائدة .

*[ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ {21} وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ .. {22} ] الحِجر .

*[ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {27} لِيَشْهَدُوا ⁽¹⁾ مَنَافِعَ لَهُمْ ⁽²⁾ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا  رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ {28} ...⁽³⁾ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {29} ] الحج .

(2)

البيـــــــــــــــــــــــــــان

إذا أحطنا علماً بآيات الله المذكورة اعلاه وعقلناها/ربطناها ببعضها وبالواقع خلصنا الى أّنّ تقسيم الله سبحانه للناس أُمما وشعوبا وقبائل وفصائلَ ... قُصد به انْ يكون عند كلٍّ منهم شيء يكمّل به ما عند الاخَر ، لأنّ مِن مقتضيات التعارفِ اكتشافَ تعدّدِ وتنوّعِ ( السلع والخِدمات )  و( التجارب والافكار ) عند الآخَرين . فاذا تبادلها الناس مستفيدين من تسخير الله سبحانه بعضَهم لبعض حسبما ذكَر لهم في كتاب تعليماته/القرءان العظيم :

*[ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً .. {32} ] الزخرف ..

إذا أدركوا هذه السُّنة الربانية ضِمن منظومة السُّنن الربانية تقدمت الحياة كما تشير ايات الله المُنزّلة في كتابه المسطور ، وكما يشير واقع حياة البشر ماضيا وحاضراً في كتاب الكون المنظور .

سؤال لم يُسأل من قبل .. فك شيفرة مرَج البحرين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=123&cat=6

(3)

حتى يكون تنافسٌ وتسابقٌ بين الناس فيما ينفعهم ويحقق الغاية من وجودهم ( عمارةَ الارض كما يريدها مالكها ورب عمل الانسان فيها ) لا بد ان يكونوا زُمَراً وصفوفا كالمدارس . فالناجحُ/الصالح  يبقى في المدرسة ، والسابقُ/الأصلح  يبقى فترةً أطولَ ويدخل الجامعه . اما الراسب فيخرج منها ليعملَ فيما لا يرضاه الآخَرون . لهذا قال سبحانه *[ فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ] :    

*[.. فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ {17} ] الرعد .

مفهوم السبق وميادينه

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=113&cat=5

(4)

التلقيح والتزاوج الذي تُحدثه الرياح ( وردت لواقح مرة واحدة ) بيْن شيئين مُتكامليْـن هو الذي يُنتج ما ينفع الناس سواء تلقيحُ الرياح لسُحبٍ ذات شحنة كهربائية سالبة وأُخرى موجبة وما ينتج عن ذلك من ماء مبارك يُحيى به اللهُ الارض بعد موتها .. او تلقيح الرياح لغبار النبات المذكر والمؤنث وما ينتج عنه من ثمار متنوعة .

وتلقيح الرياح هو مَثل حسي على رياح التغيير التي يرسلها اللهُ من مكان الى مكان لتتلاقح الافكار والتجارِب مُنتجةً افكارا ونظرياتٍ وتطبيقات جديدة .

*****

 وحين تتعفن افكار الناس بسبب توقف التغيير بالتلاقح والتكامل الطوعي بينهم يتدخل ربهم فيُلقح ما عند البشر بما عند ربهم الذي خلقهم من هُدىً ودينِ حقٍّ ، مُحدِثا اختراقاً في جدار الباطل والجمود والفساد الذي أقامه البشر في طريق التغيير ، لتتلاقحَ القوة والامانة .. والعلم والايمان فتكونَ ثمرةُ هذا التلاقح الإنسانَ/الأجير المُؤهلَ لعِمارة الأرض :

*[ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِـينُ {26} ] القصص

الأجير الصالح هو القوي الأمين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=76&cat=3

عندئذٍ : يشهدُ البشرُ الاختراقَ الأكبر بعد الاختراق الكبير الذي أحدثته دعوةُ ( مارتن لوثر ) سنة 1529/م ، وأوصلت به العالَم إلى هذا التقدم العلمي الباهر الذي مكّن البشر من أن يقوموا ليمشوا بِرِجْلٍ واحدة بعد قرون من كساح العصور الوسطى ، وليُبصروا بعينٍ واحدة بعد قرون من ظلمات تلك العصور :

   نحو مشروع حضاري عالمي للألفية الثالثة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=75&cat=2

هذا هو مفهوم قوله سبحانه في كتابِ تعليماته/القرءانِ الكريم مُذكِّـرا بأهميّةِ هذا التلاقُح  وبارتباطِ المَثَليْن المعنوي والحسي :

*[ تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {63} وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {64}‏ وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَـعُونَ {65} ] النحل .

 فحين يصبح الناس أمواتا حُكما بسبب كثرة اختلافاتهم وصراعاتهم المُدمِّرة كحالهم منذ سبعة عقود ، فلا سبيل إلى إحيائهم إلاّ بكتاب الله المنزّل كما تَحيى الارض الميتةُ بالماء المنزل من السماء !!

. لا حلّ إلاّ بمرجعية نصِّية علوية مكتوبة

http://www.kuno-rabbaniyeen.org/Default.asp?page=details&newsID=148&cat=3

(5)

من اجل هذا التلاقح شرع الله سبحانه الحَجّ ليكون - خلافا لمفهوم الناس عن الحجّ - فُرصةً سنوية تدوم أربعة أشهر *[ ‏الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ]  ليتعارف عشراتُ ملايين الناس سنويا ويتبادلوا فيه الافكار والتجارب والسلع والخدمات الانسانية آمِنين في جوار بيت الله الحرام الذي هو مركز البث والاستقبال الرباني :

من قول الله في الحج .. ومن أصدق من الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=116&cat=4

الحج الذي ينفع الناس من كتاب الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=53&cat=5

اما اذا لم يتعارف الناس طوعاً فسيتعارفون بالتدافع المأساوي قسراً ،

كما تعارفوا (!) في الحرب العالمية الثانية !!!

(6)

وحتى لا يستمر التدافع المدمِّر فان الله سبحانه ، كما يتبيّن لأولي الألباب ، أخذ يُهيء الاجواء لتلاقُح العلمِ والايمانِ ، القوةِ والامانةِ : العلمِ والقوةِ اللذيْن تمثلهما الحضارة الغربية .. والأمانةِ والايمانِ اللذيْن يحملهما المؤمنون بكتاب الله القرءان دليلاً للخلق Manual .

ومن اللافت للنظر ان (العلم والايمان) لم يرِدا مقترنيْن في القرءان الا مرة واحدة وفي آخِر سورة الروم ( !!! ) ، كما لم تقترن (القوة والامانة) في كتاب الله الا مرتين :

نظرات قرآنية في خلق الإنسان على مرحلتين

 http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=344&cat=5

ومن اعجب العجب ان رب العالمين سبحانه قد اختص اسحقَ بن ابراهيم ( الذي ينتسب اليه اهل الكتاب الاول ) بجين العلم منذ سَنة 1847/قم فوصـفه بانـه (غلام عليم) مرتين . ولم يصف اللهُ سبحانه احداً من خلْقه بهذا الوصف سواه .. كما اختص اخاه اسماعيل بجين الحِلم الذي ورثه عن ابيه ابراهيم  فوصف اسماعيل بانه (غلام حليم) ووصف اباه ابراهيم بانه (اوّاه حليم) ، في إشارة إلى وجوب تكامُل العلم والحلم وما يمكن أن يثمره تلاقُحهما من خير عميم للبشر . ولم يصف اللهُ سبحانه احداً من خلقه بالحِلم سواهما !!!

إطار حل القضية الفلسطينية حلاّ ممكنا لا ظلم فيه

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=174&cat=6

(7)

لقد افسد اهل العلم من الغرب عِلمهم بالفجور والإفراط في استعمال القوة ، وافسد اهل الشرق حِلْمهم بالغفلة والافراط في العجز والجمود على الخُرافة . ولن يتيسر اصلاح هذين العَطَبين بسرعة واتقان ليَبقى اهلُهما (!!) إلاّ بالرجوع الى آخِر طبعةٍ من كُتُب الله/القرءانِ الكريم الذي من آمن به فقد آمن :

*[ بالكِتاب كُلّه ]  All in one  دليلاً للخلق وحبلاً من الله للإنقاذ ،

كما يرجع الفنيّون الى دليل الصناعة .

فقد وصفه منزله بأنه :

*[ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {3} ] فصلت ...

عندئذٍ : ستجتمع جهودُ أهل الايمان بالذِّكر/القرءان  الذين يعرفون اللسان العربي ، وجـهودُ أهلِ العلْم ( قومٍ يعلمون ) .. ليصنع الطرفان العجب في عصر وحدة النانا  ( واحد الى مليار من المتر ) الذي اشير الى مِثله في القران الكريم :

*[ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مّـِنَ الْكـِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِـهِ قَبْلَ أَن يَرْتَـدَّ إِلَيْكَ طَـرْفُكَ .. {40} ] النمل

*****

 بهذا العلم من الكتاب ستُحلُّ مشكلات كثيرة على رأسها القضية الفلسطينية والمشكلة الإقتصادية بشِقيها سوءِ الإستهلاكٍ وسوءِ التوزيع :

أثر ثقافات الإستهلاك  والإستعجال في تفريخ الأزمات

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=106&cat=4

وربما كذلك مشكلة وسائل المواصلات التي لن يستطيع الانسان بالعلم المادي وحده أن يحلَّها كما حلَّ مشكلة الاتصالات . ولكن تلاقُح وتكامُل العلم بئايات الله المنظورة في الكون المنظور.. مع ءايات الله المسطورة في الكتاب المسطور .. سيصنعان بإذن الله العجَب !!!!

*[ أَوَلَمْ يَرَوْا

أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ

بِقَادِرٍ

عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى

بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {33} ] الأحقاف .

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] -  فلسطين

---