5/6/2024
 
 

بحث في الموقع

 
 

 مواضيع مختــارة

 

      

 

     

2/22/2012 5:39:00 PM

عدد القراءات: 12780
عدد التعليقات: 15




11/16/2011 4:08:00 PM

عدد القراءات: 12343
عدد التعليقات: 9


8/27/2010 12:22:00 PM

عدد القراءات: 43755
عدد التعليقات: 1212


8/22/2010 11:38:00 AM

عدد القراءات: 13894
عدد التعليقات: 3





7/26/2010 7:06:00 PM

عدد القراءات: 15030
عدد التعليقات: 4





4/27/2010 1:11:00 AM

عدد القراءات: 14706
عدد التعليقات: 22



     

 

  

  

 
 
 

 

 

من نحـــن

القولُ الفَصْلُ في المَسِّ ... وعلاقةِ الجن بالإنس !!!!!

7/29/2010 1:31:00 PM

عدد المشاهدات:5850  عدد التعليقات: 2
7/29/2010 1:31:00 PM

محمد راجح يوسف دويكات

 

 

ألقولُ الموثّقُ في المسِّ .. وعلاقةِ الجن بالإنس !

 

*[ الْحَمْـــــــــــــــــدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِـــــــــــــــينَ ]

*[ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ    (213) ] البقرة .

مقدَّمة

يتعجب المسلم المتدبر لكتاب الله سبحانه كيف يجمع مسلم بين الإيمان بالله عز وجل وبأنّ القرءآن الكريم هو كتابه الذي أنزله على رسوله الكريم - سلامٌ عليه وعلى المرسَلين- تبيانا لكل شيء .. كيف يجمع بين هذا وبين الإيمان بخرافات صارت ماركة مسجلة للمسلمين عبر القرون  ولا تزال ، مع العلم أن كتاب الله عز وجل هو دليل الصانع عن صنعته(Manual) بكل ما في هذه الكلمة من معنى :

فيه تعليمات الصانع وإرشاداته المتضمنة طرق التشغيل والعمل والصيانة ، وفيه ضمانة الصانع إذا احتُرمت تعليماته ، وفيه تحذير بإلغاء الضمانة وبحدوث أعطاب إذا خولفت التعليمات ، بالإضافة إلى بنود لإصلاح الأخطاء المحتملة ، وَذِكْرٍ لعنوان الصانع إذا تعقدت الأمور ليُلجأ إليه طلبا للعون والمشورة والهداية :

   نحو مشروع حضاري عالمي للألفية الثالثة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=75&cat=2

هذا ما يتضمنه أيُّ دليل صناعي (Manual) تُصدره شركة صانعة وترسله مع المصنوع . ألا تنطبق محتويات دليل الصناعة الرئيسة هذه – ولله المثل الأعلى- على ما ذكره الحق سبحانه في وصف كتب التعليمات التي أنزلها الله عز وجل على الإنسان في مراحل مختلفة وكان خاتمَها وآخرَها والمهيمنَ على كل كلام فيها أو في غيرها القرآنُ الكريم :

*[ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى (تعليمات) فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (ضمانة) (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا (تحذير بإلغاء الضمانة) وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(124) ] طه .

*****

شاهدت مرّةً حوارا مُتلفزا حول الجن وعلاقته بالإنسان والمسّ وفقدان العقل . مع الأسف الشديد لم يقل أحد مطلقا ما ينبغي أن يقال بأن وجود الجن – وهو أمر غيبي – يجب أن تؤخذ حقيقته ممن هو أصل الغيب وهو الله الخالق سبحانه وتحديدا من كتابه الكريم ذي الكلمات اليقينية الثبوت في مجملها وتفصيلاتها وسياق نصوصها[1]. وهي كلماتٌ نصِّيّةٌ ثابتة لم يتطرق إليها نقص ولا زيادة ولا تحريف لتعهُّد الخالق سبحانه بحفظها .. بخلاف كل الكلمات الأُخرى التي تظل ظنية الثبوت إلا ما وثقه القرآن الكريم منها .

فماذا يقول كتابُ اللهِ العظيمُِ في موضوع الجن؟ وهو القائل :

 *[ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ(170) ] الأعراف .

(1)

تؤكد آياتٌ كثيرة في كتاب اللهِ العظيمِ

 أنَّ وجود الجن أمر يقيني وأنّ مِـن صفاتهم :

أ. أنهم يروننا من حيث لا نراهم :

*[… إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ(27) ] الأعراف .

ب. وأنهم لا يعرفون الغيب ، شأنهم كشأن كل بني الإنسان بمن فيهم الأنبياء الكرام لأن الله سبحانه هو :

*[ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) [ الجن .

وقد أمر اللهُ سبحانه رسوله الكريم أن يقول فقال :

*[ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ…(50) ] الأنعام .

كما أمره أن يعلن :

*[.. وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ…(188) ] الأعراف .

*****

وكدليل على انخفاض مستوى الذكاء والقدرة على الربط عند الجن – ناهيك عن عدم معرفة الغيب وعلى الرغم من قوتهم البدنية وسرعتهم –  فقد ذكر لنا الله سبحانه عالمُ الغيب في قصة سليمان عليه السلام :

*[ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ(14) ] سبأ .

ج. وأنهم – وهذا هو الأهم – لا يستطيعون تكليم الإنس كما ليس في قدرة الإنس أن يَسمعوهم بدليل كلمات الله اليقينية من كتاب الله تعالى :

*[ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا (1) ] الجن .

*****

فإذا كان الجن الصالحون لم يأذن الله سبحانه لهم بتكليم رسول الله عليه السلام ، وإذا كان الرسول الكريم – وهو مَن هو منزلة من الله سبحانه –  لم يُعْطَ القدرة على سماعِهم ولا محادثتِهم ، وإن كانوا هم سمعوه .. فكيف يحق لأي إنسان أن يدّعي القدرة على سماعهم ومحادثتهم !

لقد أراد رب العزة أن يُسفِّه القائلين بتدخلِ الجن في حياة الناس تدخلا محسوسا وبمحادثتِهم .. وأراد أن يُبطل باطلَهم بكلماته (التي بها يُحِقُّ اللهُ الحقّ ويُبطلُ الباطلَ)  فطلب من رسوله الكريم إبلاغ المؤمنين إلى يوم القيامة أنه علم بخبر الجن الذين أسلموا بوحي من الله سبحانه وليس بسماع كلامهم .

وعليه فإن من يدّعي أن الجن كلموه تكليما مسموعا وأنه حادثهم أيْ تبادل الحديث المسموع معهم هو إما كذّاب ، أو واهم لسبب أو لآخر، أو مسحور يُخيّل إلى بصره أو سمعه أنه يرى أو يسمع .

 

د. إن الجن وعلى رأسهم إبليس قد حجزهم الخالق سبحانه عن بني البشر الذين هم خلفاء الله وأجيروه بحيث لا يبغي بعضهم على بعضٍ :

*[ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ {19} بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ {20} ] الرحمن...

سؤال لم يُسأل من قبل .. فك شيفرة مرَج البحرين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=123&cat=6

وقد خلق اللهُ سبحانه البشر ووكلهم بعمارة الأرض وكالة جزئية خاصة حسب خطة الله تعالى ووعْد بحمايتهم إذا استجاروا به وأطاعوه . وقد بيّن الله سبحانه حدود الإذن الذي منحه لإبليس والجن بالتدخل والتأثير في الناس فقال

 

*[ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) ] الحِجر .

*[ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) ] النحل .

*[ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) ] الإسراء .

 

إن هذه الآيات تنفي أن يكون للشيطان – وهو اسم لجنس عصاة وعتاة الجن - أيـَّةُ سلطة (سلطان) على المؤمنين ، وتثبت أنّ له سلطةً غير حسية فقط على الكافرين والعصاة . ومع ذلك فإن الغريب في الأمر والمؤسف معا هو أن أكثر المدافعين اليوم عن وجود سلطة حسية للجن على بعض الناس هم من المسلمين المهتمين بالدراسات الإسلامية والذين يُفترض فيهم أن يأخذوا الحقائق  والأحكام من منبعها كتاب الله العظيمِ الذي أتاح لنا المعجمُ المفهرس لألفاظ القرآن الكريم فرصة عظيمة لحصر آياته وتفسير بعضها ببعض على ضوء الواقع المتغير. وهذه آلية لم تكن ميسّرة لأجدادنا من أهل العلم الذين أدّى بعضهم ما عليهم في عصرهم وبذلوا جهدهم محكومين بأزمنةٍ وأمكنةٍ ووقائعَ ومداركَ تختلف كثيرا عمّا عندنا اليوم . لهذا قال الله فيهم وفي النبيين من قبلهم بل في كل الأموات :

*[ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {134} ‏] البقرة .

 وعليه ، فإنّ مَـن يمتلك القدرة على فهمٍ متجدد لكلمات كتاب الله أو بعضها على الأقل .. بات لا عذر له إن هو اكتفى بترديد وإعادةِ ما قالوا !

 

هـ. وحتى السلطان أيْ السلطة التي أعطاها الله سبحانه للشيطان على غير المؤمنين وعلى العصاة هي سلطة مُحددة بالوسوسة والإيحاء الخفي فقط : تزيينا وإغواءً وتخويفا :

مفهوم الإغواء والتزيين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=166&cat=3

 *[ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ (22) ] إبراهيم .

أفبَعد هذا الاعتراف من الشيطان نفسه أنه لا يملك أيَّ سلطة على الناس سوى بالوسوسة والإيحاء .. هل لمسلم يحترم إيمانه وعقله ويؤمن بالله وكتابه أن يصدّق أن جنيا يَحل في إنسان أو يجبره على أمر لا يريده!! إن الله سبحانه قد ختم كتاب تعليماته إلى البشر بتأكيد هذه الحقيقة عن سلاح الشيطان والجن الوحيد وهو الوسوسة فقط :

*[ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3)

مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)

الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) ] الناس .

و. يبدو من كلمات آيات كتاب الله تعالى أن طريقة الشيطان في التأثير على الإنسان كانت الوسوسةَ والإيحاءَ الخفي فقط منذ أبينا آدم عليه السلام . اقرءوا معي :

*[ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ      (21) ] الأعراف .

فقول الشيطان لهما ومقاسمتُهما (تبادلُ القَسَم معهما) إنما كانا بالإيحاء الخفي عن بُعد وهو الوسوسة حين يكون الإيحاء إيحاءً بالباطل والشر. ولم تُذكر في كتاب الله تعالى كلمة تفيد أن آدم كلَّمَه الشيطان تكليما أو أن آدم حادثه أو حاوره . ولم يكن هذا لأحد (في القرءان) إلا للنبي سليمان عليه السلام الذي طلب من الله سبحانه أن يهَبه مُلكا لا ينبغي لأحد من بعده.. فسخّر له الجنَّ والطير وأُعطي القدرة وحْدَه على محادثتهم .

 

(2)

 مفهوم المسِّ في كتاب الله العظيم

إن مفهوم المسّ الذي يظنه كثير من الناس فُقدانا للعقل تنقضه كلماتُ كتاب الله التي بها يُحَقُّ الحق ويُبطَل الباطلُ

 

*[ وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ {82} ] يونس

*[ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ {8} ‏] الأنفال

*[ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {24} ] الشورى

*[ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ {7} ] الأنفال

من كلمات الله اليقينية هذه .. نُدرك :

 1. *[ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ] ص .

فلم يقل أحد مطلقا إن أيوب عليه السلام فقد عقله . بل هي وسوسة الشيطان - مع ما أصابه من البلاء - أتعبتْه وأرهقت نفسه .

2. *[ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) ] الأعراف .

ولم يقل أحد إن ما قد يصيب المؤمنين من مس الشيطان يَذهب بعقولهم ، بدليل أن ذِكْرهم لله وءاياته وسيرةِ النبيّ التطبيقية لكتاب الله الموثقةِ في القرآن الكريم ( لا في المرويات التراثية ) يُزيل أثر مس الشيطان أي وسوستِه وما يترتب عليها من تفكير بالمعاصي[2]:

وحي الله سبحانه ووحي الشيطان

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=139&cat=5

3. *[ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  (17) ] الأنعام .

 فالمَس بضر أو مرض قد يكون من الله كما يكون منه سبحانه المسُّ بخير .

4. *[.. ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) ] القمر ... فعذاب جهنم للعصاة مسٌّ .

5. *[ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ … (275) ] البقرة .

فإذا عرفنا :

أ‌.  أن الشيطان ليس له سلاح مُصرَّح له باستعماله في معركته مع الإنسان سوى الوسوسـةِ - تزيينا وإغواء وتخويفا - وهي سلاح لا يصيب إلا النفس ابتداء ، مع ما يترتب على إصابة النفس المكشوفةِ بغير دفاعات إيمانية من صراع نفسي وإرهاق ونصبٍ وعذاب قد يؤثر في الجسد .

ب‌. وعرفنا أن (مسّ) كفِعلٍ لم يُربط في كلمات كتاب الله تعالى بفقدان العقل تحديدا وإنما – كما يمكن استقراء هذا من المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم - رُبط بالضُّر، والشر والسوء وتعب الهرم إضافةً إلى وسوسة الشيطان ، كما رُبط أيضا بالخير…

ت‌.  وعرفنا أن (المسّ) بالاسم ورد في كتاب الله مرتين : مرةً بمعنى عذاب جهنم  *[ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ ] ومرة في آية الربا …

إذا عرفنا كل ذلكم أدركنا أن (المسّ) في آية الربا لا يمكن أن يكون إلا وسوسة من الشيطان وما ينتج عن استمرارها من صراع بين المرابي ونفسه يجعله يقف مكشوفا بغير سلاح أمام الشيطان ومزيدٍ من وسوسته بحيث كلّما أراد (القيام بأمر) جعله الشيطان يتخبط في قراراته ويتصرف على غير هدى بسبب ما أصابه من مسّ الخوف على ماله ، واحتمال ضياع ديونه ، وانخفاض العملة ، وعدم القدرة على الاستثمار المباح النافع بسبب انهيار المصارف الربوية . وقد يصل الحال ببعضهم مقرضين ومقترضين إلى أن يمشي وهو يحدث نفسه فيظن الناس به شرا .

(3)

 مفهوم الجنون في كتاب الله العظيمِ

كلمة (مجنون) كما وردت في كتاب الله العظيمِ وألصقها المشركون برسول الله -  عليه وعلى المرسَلين السلام - بل ألصقها الكفار بكل رسل الله الكرام لم تعْنِ مطلقا أن المجنون هو من فقد عقله ، فإنّ أحدا من المشركين لم يدّع أبدا أن الرسول الكريم كان فاقدا عقله . بل إن مفهوم كلمة (مجنون) عندهم لم يزد على مَن أتى بأمر غريب معجز لا يقدر عليه في زعمهم إلا الجن. ولهذا قالت العرب في وصف الإنسان المبدع أنه (عبقري) أي خريج وادي (عبقر) حيث كان الجن في ظنهم يسكنون :

1. *[… وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ(13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (14) ] الدخان ...

أي تُعلمه الجن .

2. *[ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) ] الذاريات ...

نظرا لربطهم بين السحر والجن .

*****

ولعل مفهوم (المجنون) بأنه من فقد عقله قد ترسخ عند العرب في عصور الانحطاط والظلام حين هجروا كتاب الله تعالى وقصروا رجوعهم على الظنّي من الأخبار فهدروا وقتهم في الشروح والحواشي وإعادة التعليق عليها حتى ترسّخت عندهم الخرافات ومنها تلك المتصلة بدور الجن في تلبُّس الناس والحلول فيهم وإصابتِهم بفقدان العقل في زعمهم ، وكأن الذي خلق الإنسان واستأجره لعمارة الأرض غير قادر على إجارته وإعاذته مما لا يستطيع الإنسان الاحتراس منه . بينما نرى أيَّ صاحبِ عمل من بني البشر - ولله المثل الأعلى - مسئولا عن توفير الأمن والحراسة لمن يعملون عنده !!

(4)

 حقيقةُ السحرِ بنوعيه : سحرِ الأبصارِ وسحرِ البصائر

يبدو السحر خرقا للمألوف ، ولكن كلمات كتاب الله تعالى تقطع أن هذا الخرق ليس حقيقة إطلاقا بل هو تخَيُّلٌ وخداع .

1. *[ قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ  (116) ] الأعراف .

2. *[ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) ] طه .

فالسحر تخييل وخداع للبصر وليس فيه من الحقيقة شيء بينما آياتُ/معجزات الرُسُل الحسية الخارقة للمألوف – قبل الرسول الكريم محمّد عليه السلام - حقيقةٌ . لذلك ميّزها سَحَرة فرعون عن الخداع والتخييل الذي مارسوه فآمنوا برب موسى وهارون بعدما تبيَّنَ لهمُ الحقّ !

موقف لسحرة فرعون : ما أحوجنا إلى مثله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=30&cat=4

وكذلك كانت علاقة النبي سليمان عليه السلام بالجنّ والطير وما أعطاه الخالق سبحانه من القدرة على مخاطبتهم وسماعهم وتسخيرهم في أعمال، مما لم يكن لأحد قبله ولا بعده . كل ذلكم إنما كان حقيقةً لا سحرا كما ظن بنو اسرائيل بسليمان حين نسبوا إليه السحر . وقد قرر الله سبحانه أنّ سليمان لم يكن ساحرا ولم يمارس السحر لا سحرَ الأبصار ولا سحر البصائر لأن ممارسة سحر البصائر بزخرف القول بدلا من آيات وكلمات كتاب الله  كفر بينما كان سليمان نبيا كريما ملتزما بكتاب الله التوراة :

بداية الخلل عند أهل الكتابين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=60&cat=6

*****

 في كلمات الله التاليةِ وضَع سبحانه النقاط على الحروف في المسائل الهامة المتعلقة بالسحر:

*[ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْن بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) ] البقرة .

مفاهيم هذه الآيات

1. إن تعليم الشياطينِ سحرَ البصائر للناس – المشارَ إليه بعد الآية 101 – هو سحْرُ زُخرفِ القول والأحاديث التي فبركها أحبارهم بديلاً عن التوراة التي نبذوها وراء ظهورهم .. وربطوه بقدرتهم على سحر الأبصار.. كلاهُما باطِل . وشياطين الجن يوحون للناس بكثير من الأمور ومنها السحر الذي هو تخييل وخداع للحواس، كما يزينون لهم بأحاديثهم سبل السهولة والاستعجال والإغراء بمعسول الكلام (إيحاءاً) ما يثير في الإنسان الغرور والاستغراق في الأماني . لهذا قيل : إنّ من البيان لسحرا . وقدّ اتهم المشركون الرسول الكريم بأنّه سَحرهُم بالقرءآن لأنّهُ لم يَأتهم بآيات/معجزات حسيّة :

أ. *[ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ(112)] الأنعام  .

 والكلام هنا عن الأكاذيب التي افتُريت على كلّ نبي ّبديلاً لكلمات الله وءاياته التي أنزلها على رُسُلِه

آيات الله الحسية وآياته الكلامية تُقدم لسلطان نصير       

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=256&cat=5

ب. *[… وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا(119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) ] النساء .

ج. *[… وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ  (121) ] الأنعام .

وتبيِّن الكلماتُ القرآنية اليقينية أنَّ كل قول أو كلام من شياطين الجن للناس لا يكون أبداً – باستثناء حالة سليمان عليه السلام - إلا بأسلوب الإيحاء الخفي/الوسوسة . كما تؤكد آياتُ كتاب الله العظيم أنَّ أي قول أو كلام أو خطاب من الله تعالى لا يكون لبشر إلا بالإيحاء الخفي مباشرة أو بواسطة مَلَك رسول بيْنه وبيْن الرسل الكرام من بني البشر.. باستثناء رسول الله موسى عليه السلام الذي كلمه الله تكليما من وراء حجاب :

*[ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا … (52) ] الشورى :

وحي الله سبحانه ووحي الشيطان

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=139&cat=5

2. إن الحكمة من خلقِ الله سبحانه لسحرِ الأبصارِ و سحر البصائر- وهو الأخطر - والإذنِ للشياطين بتعليمهما للناس إيحاءً كما يوحون إليهم بغيره من الباطل ، وكذلك الإذنُ للشياطين بتعليم الناس (ايحاءً) كيف يمكن هدم العلاقات الإنسانية بين الأزواج والشركاء من البشر 

إن الحكمةَ من ذلك كُلّه ربما كانت – والله سبحانه أعلم- الحكمةَ نفسها من خلْقِ الله للشجرة ونَهْيِ آدم عليه السلام عن الأكل منها ، كما كان الملِكان من ملوك بَني إسرائيل في بابل يفعلان مع مَن يريد تعلُّم سحر البصائر والخرافات  *[ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ ] ، أي امتحان صعب بما نعلّمه للناس من افتراءات أُنزلتْ/فُرضتْ علينا .. فَلَا تَكْفُرْ بتعلُّم غير كتاب الله .

3. إن دخول شياطين الجن – دع عنك شياطين الإنس- إلى ذاكرة الإنسان بالإيحاء والتخييل، وهو دخول يمكن أن يؤدي إلى هدم أقرب العلاقات الإنسانية سواء كانت زوجيةً أو علاقاتِ شراكةٍ أو صداقةٍ حميمة[3] … إن مثل هذا الدخول ( الذي لو شاء الله ما فعلوه ) محكوم بالقدْر الذي يأذن به الله سبحانه كشأن كل ما يحدث في الكون وعلى الأرض خاصة :

حقيقة القضاء والقدر من كتاب الله

  http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=96&cat=5

وليس له خصوصية تُخرجه عن سنن الله تعالى وأقداره في إدارة الكون والحياة على الأرض . وبالتالي فليس للإنسان ما يخشاه بسببه طالما أنه – أي الإنسان- مشمول برعاية وحماية ورحمة خالقه ورب عمله الذي استخلفه لعمارة الأرض بالوكالة عنه :

*[ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ         {61 } ] الأنعام .

بل يمكن أن تكون له حراسة استثنائية منذ أن يكون في بطن أُمه إذا كان من (هُداة قومه) العاملين لتغيير ما بأنفُسهم حتى يُغير اللهُ ما بهم من أوضاع (8 – 11/الرعد) :

*[ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ… (11) ] الرعد .

سبع طرائق بسبعة طرق فاختر طريقك إلى الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=83&cat=5

4. من دون كل علوم الحياة التي يتفاوت ما فيها من ضرر ونفع بحيث لا يخلو أكثرها ضررا من نفعٍ ما ، فإن السحر بنوعيه هو العلم الوحيد الذي يَلحق بمتعلّمه ضررٌ محض لا نفع فيه ولا ينطبق عليه قولهم : رب ضارة نافعة . لهذا ورد كلماتُ الله بدقة تليق بالخالق العظيم : 

*[ .. وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ .. {102] البقرة ..

وليس : وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وما لا يَنْفَعُهُمْ . إذ أنّ النص القرآني مفهومه أنّ ما يتعلمه السحرة والمحدِّثون من ( سحْرِ أبصارٍ وبصائرَ ) يضرهم حتما دون أن يكون فيه أي نفع لهم مهما كان ضئيلا . وأنّ أي مردود مادي من السحر (التحديث بأكاذيب وخرافات تستهوي بسطاء الناس وضعاف العقول) لا يعتبر نفعا بتقريرٍ من الخبير بعباده البصير. لهذا أردف الله سبحانه قائلا :

*[ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {102} ] البقرة ..

فقد باعوا أنفسهم للشيطان مقابل مردود مادي بائس لن يكون فيه نفع لهم بل هو السحت الذي رَبَطه الله سبحانه بالكذب على الله  ورسله :

*[... وَيْلَكُم لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) ] طه .

*[ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ.... ] ( 42) المائدة :

السحت هو المال المكتسب بالإفتراء على الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=35&cat=3

5. أسوأ الخرافات المتعلّقة بعلاقة الجنّ بالإنس هي تلك التي تدّعي إمكانيّة التناكح بين الجن والإنس إمّا اعتمادا على خرافات تراثيّة أو بسبب العجز عن فهمهم لكلمات القرءانِ الكريم كقوله سبحانه فيه :

*[ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) ] الرحمن .

إذ أنّ الكلام هُنا عن جَنّتين أعدّهما الله سبحانه لمن خاف مقام ربِّه : جنّةٍ للإنس وجنّةٍ للجن . في أُولاهما قاصرات الطرف من الإنس لم يطمثهنّ إنسيٌ قبلهم ، وفي أُخراهما قاصرات الطرف من الجن لم يطمثهن جني قبلهم – على الترتيب .

(5)

 معالجةُ السحر وإيحاءات الشيطان

بعد معرفتِنا أن تعليم شياطين الجن والإنس للسحر المادي المحسوس للناس إنما يكون بالإيحاء الخفيّ وبحدود مضبوطة من خالق الكون ومدبر أموره.. فقد تبين أن السحر يقع ضمن إيحاءات الشيطان العامة ووسوسته بالشر. وهي أمور لا إكراه فيها لأحد ، وأن اتِّقاء ذلك لا يكون إلا كما بيّن الخالق العظيم في كتابه الكريم لرسوله الكريم وللناس أجمعين. ومع أن البحث يطول إلا أنه لا بد من الإشارة إلى المُعوَّذتين (بشكل خاص) اللتين تمثلان أحسن النصوص المختارة لبيان كيفية وأهمية الاستعاذة بالله تعالى والاحتماء به . وقد أجاد أحد الصالحين الفاهمين حين قرّب المفهومَ المعنوي للأذهان بمثل حسّي :

فحين سأله أحد المستفسرين عن العمل لتجنب إيحاءات الشيطان ووسوسته ونْزغه ، رد الرجل على سؤاله بسؤال : إذا نبحك كلبُ قوم شرسٌ فما تفعل ؟ قال : انتهره وأدافعه جهدي . قال : فإن عاد ؟ قال : أعود ! فقال الرجل : هذا يطول ، ولكنْ إستعنْ بصاحبِ البيتِ يَكفيكَه !!

وهكذا أمَرنا رب العالَمين سبحانه أن نستعين به ونستعيذ ، طالبين عونه وعِصمتَه لنا مِـن كل ما لا نقدر عليه لسبب أو لآخر كعِظمِ شر ما خلق ، وشرِ ما يخبؤه الظلام الدامس (الغاسق إذا وقب) وشرِ الحاسد الذي لا يرده عن عداوة المحسود إلا زوال نعمته . كما ختم الله سبحانه الكتاب الذي لا ريب فيه والذي هو هدى للمتقين الذين يحتاجونه ويطلبونه من ربهم حين يدعون الله ربّهُم بفاتحة  الكتاب *[ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ]خَتَمه بإرشادنا إلى أن نستعيذ به بوصفه الربَّ المُشرع والملِكَ المنفذ والإلهَ القاضي الأعلى  بين الخلق ، نستعيذ به مِن شر مَن يوسوسون في صدور الناس بالشر سواء كانوا من شياطين الجن أو شياطين الإنس الذين لا يَقلّون قدرة على الأذى بل يزيدون لتعدد أساليبهم ووسائلهم المكشوفة والخفية .

 وهناك بحث يطول في كيفية الفصل بين إيحاءات الرحمن للناس بالخير وإيحاءات الشيطان لهم بالشر ، تؤخذ من المرجع اليقيني الذي أشار إليه الله سبحانه :

*[ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ … (31) ] فاطر.

وقد أشار إليه الرسول الكريم مخاطبا أهل عصره ومَن بعدهم :

*[… قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ … (19) ] الأنعام

وحي الله سبحانه ووحي الشيطان

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=139&cat=5

 

الخُلاصــــــــــــــــــــــة

1. إنَّ كتابَ اللهِ العظيمَِ بكلماته اليقينية المُحْكمة إلى قيام الساعة هو المرجع الوحيد الذي يَحسم كل خلاف وخاصة في أمور الغيب . بهذا أوصى الرسولُ نفسُه فيما وثّقه اللهُ سبحانه عنه قرءاناً :

*[ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ   (10) ] الشورى .

 

2. وأنَّ شياطين الجن ملجومون بقدرة الله تعالى، ولا يستطيعون أن يُسمِعوا أحدا من البشر ولا يستطيع بشر أن يَسمعهم . وكل ما يباح لهم : أن يكلموا الناس إيحاء خفيا ووسوسةً فقط ، وأنهم لا يملكون أن يُلحقوا أذى جسديا بأحد إلا إذا كان هذا الأذى الجسدي غير مباشر ويحدث نتيجة للإرهاق النفسي الذي يصيب مَن يستحوذ عليه الشيطان بسبب كثرة معاصيه وفساده .

 

3. وأنَّ ما يقوم به المشعوذون من ضرب وحشي وتعذيب لبعض المرضى بحجة إخراج الجن منهم هو ممارسات خرافية مخزية لا أصل لها البتة في كتاب الله .

 

4. وأنَّ ما يشاهده بعض الناس من أمور غريبة بحيث تبدو خارج نطاق الأسباب عموماً هو إما تخييلات سحرية كالحيل السينمائية .. أو أنها – إن صحت جدلا - تعتبر تدخلا إلهيا نادرا خارج نطاق قانون الأسباب ، يوجِّه الخالقُ العظيم به أنظار الناس ليدركوا أن الأسباب كلها لا تعمل وحدها إلا بإرادةِ أو إذْن خالقها وربها ، وأنه سبحانه وتعالى قادر على تعطيل بعضها وخرق بعضها ليعلم الناس أنَّ ما لا يمكن إدراكه بقانون الأسباب يمكن أن يُحققه الخالق العظيم بسبب وبلا سبب نعرفه . فالله سبحانه :

*[.. مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {56} ] هود .

لمِثل هذا احتاط إبراهيم عليه السلام بقوله :

*[.. وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا … (80) ] الأنعام .

فكانت هذه الحقيقة أوَّل ما قرره القرآن الكريم عن رب العزة حين بادر رسولُ الله جبريلُ رسولَ الله محمدا ( عليهما سلام الله ) بقوله ( إقرَأ ) قبل أن يبدو عليه التعجب لأنه بقانون الأسباب لا يستطيع أن يَقرأ إذ لم يتعلم القراءة . فجاءه مفهوم رد الله المستحقِّ للعبادة والتعظيم كما بلّغه جبريل :

إذا كنت لا تستطيع أن تقرأ بقانون الأسباب

فستقرأ بقدرة رب الأسباب لا بقدرتي :

*[ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ] !!

 

*[ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {286} ] البقرة

 

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ]-  فلسطين

 

 



[1] فبالإضافة إلى تأكيد الله سبحانه *] وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقّ{31}  [فاطر ، الحق مُعرّفا وليس هو حقٌ فقط .. فقد وَصف القرآنَ جملةً ووصفه تفصيلا بكل ما فيه بأنه حق اليقين :  *] وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) [ الحاقة  .

وفيه تفصيلا يقول سبحانه: *] إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) [ الواقعة .

 

[2] فبالإستعاذة بالله سبحانه لفظا وبالرجوع إلى كتابه .. يحفظنا الله عز وجل من شر الجن ، وليس باللجوء إلى رجال من البشر يُدجلون علينا ويزيدوننا رهقا وغما ومرضا *[ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) [ الجن . أيْ : رجال من الإنس يعوذون من الجن برجال من الإنس ..

[3] النفاثات في العقد هن النساء اللاتي يمتلكن قدرة على الكيد بحيث يهدمن عقود العلاقات حتى أقواها وهي عُقد النكاح ، إذ لم يصف القرءان عَقدا من العقود بأنه عُقدةٌ إلا عُقدة النكاح في إشارة إلى أنها تُعقَّـد لتدوم (ذُكرت بالإفراد مرتين) . فبعض النساء ينفثن سمومهن كالأفاعي في عُقد النكاح ليقطعنها .

 



 
 
ما ينشر في هذا الموقع ( ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ) وليس حقا لفرد أو أفراد
2008