التقوى والاصلاحُ .. الوقايةُ والعلاجُ

الْحَمْــــــــــــــدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَــــــــــــــمِينَ

(1)

البرهان على العنوان من آيات القرآن

*[ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {21} ] البقرة .

*[ ... تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {187} وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ... {188} ... وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {189} ] البقرة .

والعاقبة للمتقين : من يضحكْ متبسِّما أخيرا ..

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=352&cat=3

(2)

البيــــــــــــــــــــان

التقوى بمفهومها العام تعني الوقاية من السوء والشر وكلِّ إثم او خطأ . وأهمُّ ذلك كلِّه حسابُ الدنيا ونارُ الآخِرة :

ما لا يذكره كثيرون : هناك حساب في الدنيا

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=197&cat=4

هذه التقوى هي المقصودة بقول الله سبحانه *[ إنَّ أكرَمَكُم عندَ الله أتقاكُم ] أيْ أكثرُكم أخذاً بالاسباب الوقائية ، وأهمُها تلك التي تقي من غضب الله ومن النار ، فإن درهم وقاية خير من قنطار علاج . ولو أراد بالتقوى هنا تقوى الله فقط لقال (أتقاكم لله) .

ولا تكون الوقاية ميّسرة الا بعدم الاقتراب من المحظور . فاذا كان المحظور قريباً صعُــبت الوقاية منه . لهذا جاء أمره سبحانه *[ ولا تقْرَبوا الفَواحِشَ ] . وموقف النبي يوسف من امرأة العزيز صورة معبرة عن واقع يتكرر :

*[ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ، وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أصْبُ إِلَيْهِنَّ

وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ {33} ] يوسف .

*****

وبدون التقوى/الوقاية نقع في الخطأ/الإثم ، ونحتاج بعده الى الإصلاحِ/العلاج المكلّفِ والمعقَّد . وقد أخذ الله سبحانه على نفسه عهدا ان يبين للناس الامور التي اذا تجنبوها وقايةً وفَّروا على انفسهم كثيراً من الشقاء والجهد :

*[ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {115} ] التوبه .

 كما بيّن سبحانه إجمالا وتفصيلا اداة التـقوى/الوقاية وأنها اتِّبـاعُ كتـابه العظيم :

دَليلاً للخَلْق Manual  

*[ وَهَـذَا كِتـابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ⁽¹⁾ فَاتَّبِعُوهُ ⁽²⁾ وَاتَّقُـــــــــــــــــــــــــــــــــواْ لَعَلَّكـُمْ تُرْحَمُونَ {155} ] الانعام .

أيْ واتقوا / إحذروا عدمَ اتباعه !! ولأن المسلمين فرّطوا في التقوى/ الوقاية فقد اتسع الفتْقُ على الراتق ولم يعودوا يستطيعون الإصلاح الذي لم يُذكر اجرُه الا مرة واحدة في كتاب الله مقرونا بالمُمسّكين بكتاب الله الذي لا وجودَ له اليوم بكلمات الله نفسِها إلاّ في القرآن . مَن استمسك ومسَّك الناس به فقد استمسك :

*[ بالكتابِ كُـلِّه ]  All in one

*[ وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ {170}‏ ] الاعراف .

أما تفصيلا فقد رُبطت التقوى/الوقاية بالإيمان والصبر والإحسان والإصلاح . فإنّ مَن يفعل ذلكم تكون التقوى/الوقاية مُيسّرةً له :

*[ .. وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ {179} ] آلعمران .

*[ .. وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ {186}‏ ] آلعمران .

*[ .. وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً {128} ] النساء .

*[ .. وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً {129} ] النساء .

ولأن الإنسان فُطر على الخطأ ، باعتراف البشر ( To err is human ) فإنّ مَن يَعرف خطأه ويُصلحه تَسهُل عليه التقوى/الوقاية بعد ذلك ، حين يَعتبر بخطئه !!

وإذا امْرُؤٌ لدغتْه أفعى مرةً : ترَكتْه حين يُجَرُّ حبلُ يَفْرَقُ !

مع أنّ الأفضل أن يتعلـــــــــــــــــــم فيعتـــــــــــــــــــــبرَ بخطأ غـــــــــــــيرِه !

*[  فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ {2} ] الحشر

(3)

 ولعل اهم مجالات التقوى/الوقاية هو لباسُ البشر وخاصة لبـاس النســاء :

*[ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {26} يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ {27} ] الاعراف .

 فإنّ السبب في سقوط آدم في المعصية هو الإصغاء لنصيحة الشيطان له ولزوجه بنزع لباسهما بالتدريج ( strip-tease ) بدءاً بلباس الزينة وانتهاءً باللباس الذي كان يواري سوءاتِهما حتى وقع المحذور !!

*****

 وقصة ادم وزوجه هذه التي تكررت مرات في القرءان هي أبلغ ردّ على شِبه التعرّي الذي تمارسه أكثر نساء الارض بقصد الإثارة ، كما يُعرض في الشوارع وأماكن العمل وعلى أكثر الفضائيات .

عِلماً ان الله الخبير بما خلق لم يُحلَّ للمرأة انْ تُظهر حتى في بيتها من زينتها لبعلها / زوجها ( باستثناء غرفة نومهما ) الا ما تُظهره للأحدَ عشر صنفا الآخَرين .. وقايةً للزوجين من الإثارة الدائمة والإسراف في الشهوة وعواقبها المدمّرة (31/النور) .

وحين تكون التقوى/الوقاية ضعيفة ويكثر الخطأ ، يصعب الإصلاح/العلاج وخاصة حين :

⁽¹⁾ لا يكون عند الناس دليلُ خَلْق Manual  شبيهاً بدليل الصناعة ،

⁽²⁾ او يكون لكنَّ الناس لا يرجعون اليه ،

⁽³⁾ او يرجعون اليه ولكنهم يَعجزون عن قراءته وفهمه .. كما هو واقع البشر ومنهم المسلمون التراثيون منذ قرون .

الأساس لمشروع حضاري ع + E  

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=67&cat=2

(4)

ان محاولات الاصلاح التي يكثر الكلام عنها هذه الايام محلياً وعالمياً لن تنجح الا بالرجوع الى دليل الخلق الرباني الوحيد الصالح للعصر وكل عصر ، وهو القرءان الكريم بنصّه الثابت (كلمات الله نفسِها ) وفهْمِه المتغير/المتجدد . به وحده يستطيع المؤشر الحضاري للبشر ان يتحرك من الزاوية التسعين التي توقّف عليها اليوم بالعلم المادي وحْده  ليصل بالعِلْمِ والإيمانِ معاً .. لأول مرة في التاريخ الى الزاوية 180 التي ستأخذ الارضُ وصولاً اليها زخرُفَها وزينتَها فينتهي بذلك عقد عمل الانسان على الارض وقد وفّى مُهمته ليوفيّه ربُّه حسابَه :

*[ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {24} ] يونس .

ولم يُذكر العِـلمُ والإيمانُ مقترنيْن الا مرة واحدة في كتاب الله العظيم وفي أواخِـرِ سورة الروم !!!!!!!!!!

 حاجة البشر إلى مرجعية واحدة

  http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=23&cat=4 

*[ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ !! ]

{17} {22} {32} {40} ] القمر

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] -  فلسطين

---