وعْدان قُرءانيان بالاستخلافِ في الأرض :

 وعْدٌ للأوَّلين ووعْدٌ للآخِرين

*[ الْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين ]

(1)

ألبرهان على العنوان من آيات القرآن

*[ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ⁽¹⁾ {54} وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ⁽²⁾ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ⁽³⁾ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ⁽⁴⁾ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ⁽⁶⁾ (يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {55} وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {56} لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ⁽⁵⁾ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ{57} ] النور.

*[ وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ⁽¹⁾ {18} أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ⁽²⁾ ثُمَّ يُعِيدُهُ⁽³⁾ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ {19} قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ⁽⁴⁾ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ⁽³⁾ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {20} يُعَذِّبُُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ {21} وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء⁽⁵⁾ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ {22}  ] العنكبوت .

(2)

البيــــان

هذان النجمان من ايات الله ربِّنا العظيم سبحانه تتكلمان عن وعْد من الله عز وجل للذين ءامنوا تحقَّق في الأوَّلين و وعْدٍ آخَرَ سيحققه الله سبحانه للذين ءامنوا وعملوا الصالحات إعادةً في الآخِرين . وأوْجه الشَّبه في الوعدين كثيرة ومُذهلةً :

⁽¹⁾  تصدَّر وعدَ الله الأوَّلَ في ءايات سورة النور ووعْدَه الآخِر في سورة العنكبوت تذكيرٌ بالبلاغ المبين الذي حُمِّله الرسول الكريم والذي هو أساسُ الوعد في المرتين ، وأساسُ الشرطِ لاستحقاق الوعد الاول وأساسُ شرطِ ديمومته *[ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ] . هذا البلاغ المبين هو القرءان الكريم تحديداً الذي تكرر ذِكْره 57/مرةً  . والى هذا أشار رقم آخِر اية مِن الوعد في سورة النور (57) ، كما أشار عدد كلمات الوعدين في السورتين : فمِن ( وعَد الله – المصير = 57/ كلمة مكتوبة مقروءة ) . ومِن ( أوَلم يروا – نصير = 57/ كلمة مكتوبة مقروءة) . وهذا العدد هو تكرار كلمة ( القرءان / كتابِ الله المنزّل ) . كما اشار رقم أخِر آية في وعد سورة العنكبوت (22) الى العِدَّة الزمنية بالسنين التي سيتحقق فيها الوعد الثاني بمشيئة الله سبحانه :

⁽²⁾ فكما تحقق الوعد الأول في اثنتين وعشرين سنة من بداية نزول القرءان نصّاً ، سيتحقق الوعد الآخِر يإذن الله في اثنتين وعشرين سنة من بداية الدعوة الخالصة إلى القرءان فهْماً عصرياً مُحدَثا يناسب كونَه ذِكراً مُحدَثا كما وصفه منزّله تبارك اسمه (1/الأنبياء) .

⁽³⁾ قولُه سبحانه *[ مِنكُمْ ] بعد *[ الَّذِينَ آمَنُوا ] وقبل *[ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ] – خلافا لموقع (منهم) في الاية 29/الفتح – يلفت النظر : فالوعد استحقه الذين امنوا وهم بعضُ مَن نزل عليهم القرءان فآمنوا به . ولأن ايمان هؤلاء متميز (100/التوبة) ، فقد استحقوا الوعْد لكونهم السابقين الأوّلين بالايمان قبل ان يبدو منهم عمل الصالحات الذي لا بد  لغيرهم ( منكم = مَن سيكونون ابدالكم مستقبلا ) انْ يفعلوه ليستحقوا الوعْد الثاني/الآخِر بالاستخلاف في الآخِرين .

فعَمَل الصالحات في سورة النور لا بد منه حين يأذن الله سبحانه بإعادة التجربة الايمانية الربانية المشارِ اليها في سورة العنكبوت . ولأن هذه الإعادة تبدو للناس اصعبَ – كما يشير واقع العالَم اليوم –  فقد شهد الله سبحانه *[ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ] ، لأن الذي رعى التجربة الأولى – كما بدأ الخَلْقَ أول مرة – قادر على انجاح التجربة الآخِرة كما سيكون قادراً على اعادة الخَلق يوم الحساب *[ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ] . لذلك يقول سبحانه مؤكداً *[ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ] .

⁽⁴⁾ قوله سبحانه *[ مِن قَبْلِهِمْ ]  في سورة النور يشير الى أهل الكتاب الاول يهودا ونصارى الذين استخلفهم الله سبحانه في الارض التي بارك فيها للعاَلمين حسب السُّنة الربَّانية نفسِها ، كما استخلف النصارى في الارض كلها حين جعلهم اليومَ سادتها .

اما بالنسبة للآخِرين اليوم فإن قوله *[ مِن قَبْلِهِمْ ] ينطبق كذلك على المستخلَفين الأوَّلين ممن أخلصوا لله الدينَ بالقرءان ، والذين لم يعرفوا غيره فكفاهم .  وهؤلاء الآخِرون هم     *[ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ] لكنْ بشرطِ الإيمانِ وعملِ الصالحاتِ معاً في الآخِرين .

 هذا الاستخلاف للأولين من الطوائف الثلاث فيـه معجزات قرءانية مذهلة بيّنا بعضها في ابحـاث سابقة وسنبيّن بعضَها الاخَـر حين تلتـقي الأمور *[ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ] لتكون نتائجها *[ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ]  و *[ رحْمةً لِلعالَمين ] بأعراقهم وخُلطائهم !!

أضواء جديدة على تاريخ فلسطين تُعرى أهم الموروثات الفكرية

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=19&cat=2

لماذا نهضوا وتخلفنا ولا نزال

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=15&cat=3

حقائق  قرءانية عن  هجرة موسى

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=20&cat=5

قراءة عصرية لمطلع الإسراء وخواتيمها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=7&cat=6

جدول زمني بأحداث تاريخية مفصلية

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=94&cat=6

⁽⁵⁾ الآية الأخيرة في كل مِن الوعدين يتحدى بها الله سبحانه اعداءَ التغيير والاصلاح سواء  *[ الَّذِينَ كَفَرُواْ ] في الوعد الاول او *[ أَنتُم ] من البشر على اطلاقها في الوعد الثاني ، ويبشّر دعاةَ التغيير والاصلاح بالبلاغ  المُبين ( القرءان العظيم ) بأن المكذبين الأولين لم يُعجزوا الله في الأرض كما ثبت فعْلاً ، وان المكذبين الآخِرين لن يعجزوه في الارض ولا في السماء ، في اشارة قرءانية لم تتكرر الى ان حرْبهُم على الله وكتابه في زمن شبكات العنكبوت ( التي سُمِّيت هذه السورة باسمها ) لن تنفعهم فيها اسلحةُ وصواريخُ وطائراتُ ومركباتُ السماء ، ولا مكْرُ شبكات العنكبوت . ولم يُذكر عدمُ إعجاز اعداء الاصلاح في السماء الّا في هذه الاية !! *[ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ] و تبارك الله اصدق القائلين !!

⁽⁶⁾ شرْطُه سبحانه لتحَقُّق وعدِه في الاستخلاف في الارض *[ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ] هو شرْطه لديمومة الوعد بمظاهِرِه الثلاثة التي فقدها العرب والمسلمون بعد ان غيّروا ما بأنفسهم الى نقيض ما كان عليه *[ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ  ] ومعنى ذلك انهم لم يعودوا يحققون الشرط منذ أن ^(أ) اصبحوا خدَم وعبيدَ العالَم ، ^(ب) واصبح دينُهم الذي يَدينونه ( وهو قطعاً ليس دينَ اللهِ الحقّ ) غير مُمكَّنٍ له في الارض لأن الله لا يرتضية دينا ً.. كما ^(ج) فقدوا الأمن الذي بُدِّلوه خوفاً . ومَعنى هذا كله أنهم ومنذ قرون لا يعبدون الله بدون شرك . ويترتب على ذلك ما هو اخطر : إن ما بأنفُس القوم من دين لم يَنفعْهم في الدنيا ... لن يَنفعْهم يقيناً في الآخرة بعد أن لم يعُد الدينَ الخالص الذي ارتضاه الله دينا للأوّلين !!!

*[ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ

حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {53} ] الانفال .

*[ ... وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ {29} فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ {30}‏ ] الاعراف .

الله يقول : كونوا ربانيين لا سلفيين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=3&cat=2

*[ هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ

 وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ

 وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ {52}‏ ] ابراهيم .

محمد راجح يوسف دويكات   

 نابلس- *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] - فلسطين

---