السبعُ المثاني التي آتاها اللهُ سبحانه الرسولَ ليست الفاتحة

الحمدُ لله ربِّ العالَمين

(1)

* [ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ {1} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {2} إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ {3}‏ ] الكوثر .

* [ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ  فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى {130} وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى {131} ] طه .

* [ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ {87} لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ {88} ] الحِجر .

هذه النجوم الثلاثة من آيات (الكوثر وطه والحِجر) يبيِّن بعضُها بعضاً وتضع النقاط على الحروف في بيان السبع المثاني المقصودة التي أنعم الله بها على رسوله الكريم :

أ.  فسورة الكوثر تذْكر أن عدوا للرسول النبي في مكة عيّره بأنه مقطوع لا محالة لأنه لن يُعقِّب بنينَ (أولاداً ذكوراَ) ، فساء ذلك الرسولَ فأنزل الله سورة الكوثر تواسيه وتبشره بأن الله سبحانه قد أعطاه الكثير ، ولم يُفصل .

ب. وآيتا سورة (طه) تأمرانه بالصبر على ما يقولون مما أشارت إليه سورة الكوثر ومن غيره .. وتُذكِّرانه وتحذرانه :

تُذكِّرانه بما أعطاه الله من الكثير الذي يوجب عليه الشكرَ لربه [ أنْ اشكُرْ للهِ ] والصلاةَ لربه  * [ فصلِّ لربِّكَ ] وإطعامَ الطعام [ لوَجْهِ الله ربِّه ] والتسبيحَ بحمد ربه قائلا كلما تحرك : [ الحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ ] وهو دعاء المخلصين لله الدينَ (65/غافر) ..

وتُحذرانه من أن ينظر إلى ما آتى الله غيره من نعمٍ هي فتنةُ أيْ ابتلاء لهم .

ج. أمّا آيتا الحِجر فتشيران إلى سبعٍ من مثاني النِّعم التي منَّ الله بها عليه ولم يُؤتها  مجتمعةً أحداً سواه . لهذا حذره مرة ثانية من أن يتمنى نعمة آتاها اللهُ غيره أو أن ينظر إليها ، وخص من هذه النعم نعمة الأزواج التي كانت فتنة لنبي الله لداود . وقد بيّنا هذا في مقال على الرابط (فقرة 5) :

فطرة حفظ الجنس البشري  

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=217&cat=5

(2)

السبع المثاني هي أزواج من النعم يُكمل بعضُها بعضا

على ضوء ما بيناه من آيات المقال أعلاه وسياق آية السبع المثاني ندرك أنّ السبع المثاني هي سبعةُ أزواج من النعم آتاها اللهُ سبحانه رسولَه الكريم بحيث يُكمل بعضها بعضا كما يُكمل الزوجُ زوجَه . وهي نِعم قلما يجتمع كثير منها لواحد . فلما أكمل الله القرآن العظيم ليكمُل به الدينَ كان نعمةً ثامنة [ كتاباً مُتشابهاً مَثاني ] 23/الزمر ، هي مسكُ الختام . ولم يُنعم اللهُ بهذه النعم كلها مجتمعةً على بشر سواه  :

1. فقد آتاه الله الرسالةَ والنبوة ، فكان رسولا نبيا ، ولم يكن كل الأنبياء رُسلاً .

* [ يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا {45} ] الأحزاب :

.  الرسول والنبي : أصل البلاء عدم التمييز بينهما

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=218&cat=6

2. وآتاه الكتاب والحكمة : النظريةَ التشريعية مكتوبةً في الكتاب وكيفيةَ تطبيقها . بينما أوتي موسى (الكتابَ/التشريع) ، وأوتي عيسى (الحكمة) 63/الزخرف ، 48/آل عمران .

* [ وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما  {113} ] النساء .

. القراءة الآخرة للقرءان : خطاب إسلامي               

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=66&cat=2

3. وآتاه الحُكمَ والنبوة . ولم يكن كل الأنبياء حكاما ، ولا كل الحكام أنبياءً .

* [ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {49} ] المائدة .

لهذا اختاره المؤلف الأمريكي (د. مايكل هارت) أوّلَ المئة الأوائل في التاريخ الإنساني لأن دعوته أثمرت في حياته خلافا لدعوات كل المصلحين عبر التاريخ ومنهم المسيح !

4. وآتاه الدنيا والآخرة : وأكثر من يُؤتَون الدنيا ما لهم في الآخرة من خَلاق . وبعضُ مَن سيكون لهم في الآخرة نصيب لم يُؤتَوا من الدنيا إلاّ القليل وبعضهم أوتي الكثير .

* [ من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وكان الله سميعا بصيرا  {134} ] النساء .

* [ تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين        {83} ] القصص .

5. وآتاه الزوجَ (والولدَ والحفيدَ) 59/الأحزاب . وكثيرون ليس لهم أزواج ، ومِن الأزواج مَن لا ولد لهم ، لا ذكراً ولا أُنثى .

* [ يا ايها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما {59} ] الأحزاب .

والأولاد هم الذكور والإناث ، أمّا الذكور فهم الأبناء . وليس كلُّ من يُؤتيه اللهُ أولادا يُؤتيه أحفادا أو يعيش ليراهم .

* [ ولقد ارسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذرية وما كان لرسول ان ياتي باية الا باذن الله   لكل اجل كتاب {38} ] الرعد . والذرية هم الأولاد والأحفاد وسلسلة أولادهم .

6.  وآتاه القوة والأمانة فكان القويَّ الأمينَ ، مع أن أكثرَ الأقوياء فجرةٌ وأكثرَ الأُمناء ضعفاءٌ بشهادة الواقع . وفي خبر تاريخي أنّ عمرَ شكى إلى الله فجور القوي وعجز الثقة . لهذا وجدت ابنة الشيخ الكبير في موسى (لُقطةً نادرة) فطلبت من أبيها أن يستأجره وهذا درس للمُشغِّلين :

* [ قالت احداهما يا ابت استاجره ان خير من استاجرت القوي الامين {26} ] القصص .

الأجير الصالح هو القوي الأمين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=76&cat=3

7. وآتاه الهدايةَ والغنى ، وليس كلُّ من هداه الله أغناه ، ولا كلُّ من أغناه هداه !

* [ ووجدك ضالا فهدى {7} ووجدك عائلاً فأغنى {8} ] الضحى .

(3)

أمّا رأس النِّعم كلها لمن يُؤتاها فهو القرآن الكريم الذي [ هو خيرٌ مما يجمعون ] 58/يونس . ولا يعلم هذه الحقيقة إلا من أُوتيها . وقد عطفه الله سبحانه على السبع المثاني من نِعم الله عطْفَ تخصيصٍ لأهميته التي أشارت إليها كثير من آياته منها آيةُ يونس آنفةُ الذكر والآية 166/النساء . وخص الله سبحانه القرآن الذي أنزله إلى الرسول الكريم بأنْ جعل الذي يؤمن به مؤمناً :

* [ بالكتاب كُلّه All in one ]

بينما أُوتي مَن قبلنا [ نصيباً مِن الكتابِ ] 23/آل عمران ، 44/النساء ، 51/النساء :

* [ لكن الله يشهد بما انزل اليك

انزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا {166} ] النساء

  ما ينفع الناس من وحي النبوات والرسالات موثق في القرآن

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=46&cat=5

وهناك مثانٍ أُخرى من النعم غيرُ هذه السبع لقوله سبحانه (سبعا من المثاني ، وليس السبعَ المثاني) ، منها أن يُؤتى الرجلُ [ بسطةً في العِلم والجسم ] 247/البقرة .. ومنها اليومَ مثنى (العِلم بالكتاب المنظور والإيمان بالكتاب المسطور) ...

والغربيون اليوم مرشَّحون بإذن الله لامتلاك هذه النعمة ، كما تُشير إلى هذا وعود قرآنية منها أن (العِلم والإيمان لم يُذكرا مجتمعيْن في القرآن إلاّ مرة واحدة في خواتيم سورة الروم . ومنها قوله سبحانه في خواتيم سورة الإسراء يُنذر العرب مشيرا إلى الغربيين الذين آتاهم الله العِلمَ ليُؤهلهم للإيمان بالقرآن الذي اتخذه قوم الرسول (العرب) مهجورا :

* [ وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً {105} وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً {106} قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ : لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً {107} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً {108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً {109} ] الإسراء .

قراءة عصرية لمطلع الإسراء وخواتيمها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=7&cat=6

*****

وأكثرُ ما يمكن أن يُؤتاه أحد بعد الرسول من هذه المثاني السبعِ هو خَمسُ مثانٍ (2 + 4 + 5 +6 + 7) وقد يُؤتى مثانيَ من غيرها كمثنى الصحة العقلية والصحة الجسدية ، وكمثنى الموقع والنسب .. وعلى العاقل أن يرضى بما قسم الله له من نِعم كثيرة لو عدّها فلن يُحصيها:

* [ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {32} ] الزخرف .

حقيقة القضاء والقدر من كتاب الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=96&cat=5

وأكثر ما يمكن أن يُؤتاه من نعمة القرآن الكريم غيرُ الرسول الذي أنزل اللهُ عليه بُنيانَـه هو أن يصطفيه الله ليورثه الكتابَ وييسِّر له بَيانَـه . فمن اصطفاه اللهُ سبحانه وآتاه هذا النعمة كان فضل الله عليه كبيرا :

مفهوم تفصيل الكتاب وبيان آياته

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=125&cat=5

* [ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ {31} ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ {32} ] فاطر .

إرجع إلى الفقرة الثالثة من المقال على الرابط التالي :

.  الرسول والنبي : أصل البلاء عدم التمييز بين    

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=218&cat=6

* [ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ]

مفهوم الوسطية القرءاني  يتحقق

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=17&cat=3

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس- [ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] - فلسطين

---