الذي أهلك عاداً الأولى أهلك عاداً الآخِرة .. فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ؟!

لاحقا للمقال على الرابط :

المراجعة الدورية لإصلاح  الأخطاء وعدم العودة إليها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=87&cat=6

الحمـــــــــــــــــد لله ربِّ العالـــــــــــــَمين

*[ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ]

(1)

عــــــــــــــــــــادٌ الأولــــــــــــــى

*[ وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {27} ‏ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {28} ] الأنعام .

هذه حقيقة قررها اللهُ رب العالمين بأن المكذبين بئايات الله هم أسوأ البشر بدليل أنهم حينما يرون عذاب النار يتمنون لو أُعطوا فرصة أُخرى فرُدوا إلى الحياة الدنيا ليصلحوا خطأهم بعدم التكذيب بئايات ربهم . هنا يقرر ربهم الذي خلقهم *[ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ! {14} ] الملك .. يقرر أنهم كاذبون إذ لو رُدوا إلى الحياة الدنيا لعادوا يكذبون بئايات ربهم !

وقد ضرب الله على هذه الحقيقة مثلا من الحياة الدنيا قومَ عادٍ الذين ذكر القرآن الكريم إهلاك الله لهم أول مرة ثم إعطاءَ من بقي منهم فرصة أُخرى ولكنهم عادوا (لذلك سُموا عاداً) لما نُهوا عنه من التكذيب بئايات ربهم فأهلكهم حتى لم تعد لهم باقية :

*[ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى {50} وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى {51} وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى {52} ] النجم .

وقد تأكد ترتيب قوم نوحٍ وعاد وثمود مرات أُخرى في القرآن منها (70/التوبة ، 9/إبراهيم ، 42/الحج ، 31/غافر) . وبيّنت سورة الفجر أن فرعون ذا الأوتاد (الأهرامات : والجبال أوتادا) كان مِن بعدهم .

فتكون عادٌ قد أُهلكت أول مرة من قبْل ثمود . وقوله سبحانه *[ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى ] يعني بداهة أن هناك عاداً الآخرة . وفي سورة الأعراف (59- 93) وسورة هود (25 - 100) فُصّلت أخبار قومِ نوحٍ ، وعادٍ قوم هودٍ ، وثمودَ قومِ صالح ، وقومِ لوط ، ومدينَ قومِ شعيب .

وتتميز قصة رسول الله هود إلى قومه عادٍ بتفصيلات ذاتِ دلالاتٍ أهمها المنطق الأعوج للضالين في كل العصور . فمع أن الفطرة والعقل السليميْن للأمور تفرضان أن يكون الله الخالق الذي يُعبد هو الرب الأحد الذي يُطاع .. إلا أن عادا الذين غرهم طولُ أجسام بأحلام عصافير (!) استكثروا أن يطلب منهم رسولهم عبادةَ الله وحده وأن يذروا الأرباب الذين سموهم هم وآباؤهم ولم ينزلها الله في كتاب موثق (سلطان) يصلح أن يكون حجة !

[ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ {65} قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ {66} قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ {67}‏ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ {68} أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {69}

قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ  اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ {70} قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ !! أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ !! فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ {71}

فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ {72} ] الأعراف .

*****

أليس هذا ما احتج به مشركو قريش على رسول الله محمد متخذين لهم أربابا آلهةً سموْها هم وآباؤهم كاللات والعزى ومناة ... كما يتخذ التراثيون الآن البخاري ومسلم والترمذي أربابا يحللون ويحرمون غير مكتفين بكتاب القرآن الواحد

*[ أجعلَ الآلهةَ إلهاً واحدا ! إن هذا لشيءُ عُجابٌ ! {5} ] ص .

فلم يكن غريبا أن تنطبق على عادٍ سُنة الله سبحانه في إهلاك المكذبين برسالات ربهم وإنجاء رسولهم هودٍ والذين آمنوا بتلك الرسالات ومن معهم ، وأن يُدمر الذين كذّبوا بئايات الله ولم يكونوا مؤمنين !

(2)

عــــــــــــــــــادٌ الآخِـــــــــــــرةُ

قوله سبحانه *[ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى {50} وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى {51} ] النجم ، يدل على أنه لم يُهلك عادا كلها بل أنجى هودا والذين معه . أما ثمود فما أبقى منهم من أحد إلاّ رسولَهم صالحاً :

*[ فتولّى عنهم وقال يا قومِ لقد أبلغتكم رسالةَ ربي ونصحتُ لكم ولكن لا تُحبون الناصحين {79} ] الأعراف .

وذِكر عادٍ الأولى يوحي بعاد الآخرة التي ذُكرت في سورة (الحاقة) بعد ثمود . أما عادٌ الأولى فتكرر ذكرها قبل ثمود .

فتكون عادٌ الآخرة قد انحدرت من الذين أنجاهم الله برحمة منه مع هود والذين آمنوا معه . لهذا جاء النص في سورة الأعراف :

*[ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ]

أما في سورة هود فنص كلمات الله يقول :

*[ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ {58} ] هود .

*[ وَالَّذِينَ مَعَهُ ] أكثر من *[ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ] ويشمل ذاك الذين آمنوا والمُلحقين بهم من أطفالٍ وسفهاء (غيرِ راشدين) وأتباعٍ كانوا معهم .

فالذين آمنوا مع هود لم يبق منه أحد حياً من بعد إنجائهم ، فلم يشهدوا العذاب الغليظ الذي حلَّ بأتباعهم الذين نجاهم الله معهم أول مرة وتكونت منهم عادٌ الآخرة من بعد ثمود :

*[ الْحَاقَّةُ {1} مَا الْحَاقَّةُ {2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ {3} كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ {4} فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ {5} وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ {6} سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ {7} فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ؟! {8}‏ ] الحاقة .

هذا موجز ما حل بثمود وعادٍ الآخرة : فقد أشارت آيات الحاقة هذه إلى ما أكدتْه آية النجم [ وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى {51} ] ، كما أكدت آية الحاقة هنا أن عاداً الآخرة التي جاءت من بعد ثمود قد أُهلكت كلها حتى لم تبقَ منهم باقيةُ لا من البشر ولا من ملحقاتهم !

الخـُـــــــــــلاصة

أن الذي يُعاقَب على ذنب اقترفه لأول مرة يكون عقابه أخف ممن يُعاقب لعودته إلى ذنب يكرره دون أن يعتبر :

أ.   لهذا كان عقاب بني إسرائيل على إفسادهم الذي عادوا إليه في وعد المرة الآخرة سنة (70/م) أشدَّ بكثير من عقابهم على إفسادهم في وعد المرة الأولى سنة (589/قم)  بعد 659/سَنة بين المَرتين !

ب.  وكان عقاب بني إسماعيل والمسلمين التراثيين على إفسادهم الذي عادوا إليه في وعد المرة الآخرة سنة (1917/م) أشدَّ وأعمَّ بكثير من عقابهم على إفسادهم في وعد المرة الأولى سنة (1258/م)  بعد 659/سَنة بين المَرتين ! وقد بيّنا هذا بالتفصيل في مقاليْن على الموقع :

 قراءة عصرية لمطلع الإسراء وخواتيمها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=7&cat=6

جواب السؤال الصعب أين الخلل ؟

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=11&cat=2

*[ قُلْ صَدَقَ اللهُ ]

 *[ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ]

للمزيد أنقر على الرابط :

ما لا يُعرف عن الساعة والبعث  والقيامة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=200&cat=6

لهذا ذكّر اللهُ الطائفتين حينما تتحقق لكل منهما رحمةُ ربهم بإعطائهم فرصةً ثالثة بوعْد العلوّ الكبير .. أنّ دوام رحمةِ ربهم لهم لا يضمنه إلاّ هذا القرآن :

*[ .. عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ

وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا

وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً {8}

إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ

وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً {9} ] الإسراء

*[ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {22}

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {23}

أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ؟!

أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {24} ] محمد

نعم ! ذكَرهم اللهُ وأنذَرَهم :

*[ وَإِن تَتَوَلَّوْا

يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ

ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ {38}‏ ] محمد

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - [ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] - فلسطين

---