دعاوى التخصُّصِ في الدينِ والإصلاحِ أكبرُ عقبة أمام الإصلاح

 وينقُضُها القرءانُ والواقعُ

الحمــــــــــــد لله ربِّ العالَمـــــــــــــــين

يحلو لرجال الكهنوت وأتباعِهم في كل دين أن يفرضوا نفوذهم المصلحي على البشر ويحتكروا فَهْم الدين بحجةِ  أن العلم الديني تخصص لا يحل لأحد أن يقول فيه إلا إذا كان متخصصا في الدين  كما يزعمون .

فماذا تقول كبرى تجارِبِ الإصلاح الديني يُؤيِّدها كتاب الله القرءان الذي هو *( الكِتاب كُلّه ) All in one الذي لا ريب فيه ؟

(1)

أذا كان العلم بالدين تخصصا لا يحل لأحد أن يقول فيه إلاّ إذا كان متخصصا ومَرضيا عنه من الكهنوت .. فلماذا قضت إرادة الله عز وجل أن يتخطى اللهُ مَن سماهم القرءان *[ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ {197} ] الشعراء ، الذين كانوا متخصصين في الدين ، ويعرفون الكتاب كما يعرفون أبناءَهم ، بشهادة القرءان (146/البقرة) ، وأنْ يتخطى أمثالَ ورقة بن نوفل الذي ذهب إليه النبي نفسه يسأله في بداية الدعوة عن حقيقة ما أُنزل إليه ، حين كان الرسول الكريم كما قال الله فيه *[ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ]  حسبما وثق هذا القرءانُ :

*[ فإن كنتَ في شكٍّ مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك ... {94} ] يونس ...

فلماذا تخطى الله سبحانه هؤلاء ( المتخصصين في الدين !!!!!!! ) واختار العليمُ الحكيم رجلا أميّا لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان وفضّله عليهم ليبلّغ رسالة الله ويصبح بالقرءان الذي لم يَعرف سواه فكفاه أعلمَ بالدين الحق منهم ومِن غيرِهم ؟!

بل إنّ الله سبحانه سفّه اعتراضات الجاهليين المشركين التراثيين ( وما أشبه اليوم بالأمس ) الذين اعترضوا على الإختيار :

*[ وقالوا لولا نُزّل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم ؟؟ {31} ] الزخرف ..

فردّ الله الذي له  *[ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ] عليهم مستنكراً متعجباً :

*[ أهُم يقسمون رحمة ربك !!!!!!! نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ... {32} ] الزخرف  .

ولَمـّـــــــــــــــــــــــــا :

*[ كذّبت ثمودُ بالنُّذُر {23} فقالوا أبشراً مِنّا واحِـــداً  نتَّبعُه ! إنّا إذاً لفي ضلال وسُعُر {24} أءُلقي الذّكْر عليه مِن بينِـــــــنا !!! بل هو كذابٌ أشِر {25} ] القمر ...

 ردَّ الله سبحانه عليهم متوعِّداً :

*[ سيعلمون غداً مَن الــكذاب الأشِر !!!! {26} ] القمر .

كما ردَّ على آخَـــــــــــرين :       

*[ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ] 124/الأنعام ... رسالتَه نصّاً وبنيانا أو فهْماً وبياناً :

*[.. فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ .. {125} ] الأنعام .

*[  فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19} ] القيامة .

  الرسول والنبي : أصل البلاء عدم التمييز بين مهمتيهما

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=218&cat=6

(2)

وإذا كان القرءان الكريم الذي كان ولا يزال نصّا ثابتا معجزا لا يتغير ، واختار الله سبحانه رجلا أمّيا غيرَ مُتخصصٍ ليُحمِّله مسئولية تلقيه وتبليغه للناس ، فقام عليه السلام بهذه المهمة خير قيام بشهادة الله الذي اختاره ، وشهادة النتائج العملية التي حققها *[ محمّدٌ رسولُ اللهِ والذين معه ] في 22/ سَنة فقط ، بشهادةِ التاريخ وشهادةِ مَـن لم يؤمن بالقرءان (د. مايكل هارت في كتابه : المئة الأوائل) ....

إذا كان ذلك كذلك .. فإن هذا القرءان الذي هو بُنيانٌ وبيان / نَصٌّ وفهْــــــم  ( نورٌ على نورٍ : نورُ الفهْمِ على نورِ النَّصّ) ... وبدون بيانٍ وفَهْــمٍ يناسب العصر وينفع الناس لن يتحقق الغرض الذي من أجله أنزله الله سبحانه ليكون هُدىً للناس ودليلا للْخَلق Manual ، بدليل واقع البشر الذين هجروه حين لم يستطيعوا فهْمه ، فصارت معيشتهم ضنكا .

لذلك تعهد منزلُه بحِفظ نَصّه ومُتَعَلّقاته إلى يوم الدين *[ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ] :

كلمات الله محفوظة وحافظة لغيرها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=10&cat=3

وأن يُيسّر له من يبيِّنه ويفهمه فهْما نافعا مناسبا للعصر. ولو كان فَهْمُ الأقدمين الذين ما تركوا قولا لقائل(!!) كما زعم بعضهم ، لو كان صوابا.. فلماذا ظلت أوضاع الأمّة تتدهور وتنحط حتى وصلت إلى هذا الحضيض المخزي مع وجود النص القرءاني وتفسيراتهم له بين أيديهم ؟؟؟؟ !!!!!

. ترجمة القرآن كُله كتفسيره كله لا نفع فيهما

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=331&cat=4

فهل وُجد من هؤلاء ( المتخصصين ! ) - بعد الجيليْن الكريميْن من السابقين والتابعين - عبر القرون وحتى الآن  مَن استطاع أن يوقف تدهور الأمة بأن يُقدم فَهْما لبعض هذا القرءان ينفع الناس في واقعهم  ويؤدي إلى تغييرهم ما بأنفسهم إلى الأفضل حتى يُغيِّر الله ما بهم من أوضاع إلى الأفضل كذلك ؟؟!!

لقد أفلس الطرح الذي قدّمه كل هؤلاء ( المتخصصين !) للدين على أنه مرويات تراثية عندنا وعند غيرنا حتى اصبحت كلمة ( دين ) منذ خمسة قرون وحتى اليوم عند عقلاء البشر مهزلةً تماما كما كان الدين مهزلة في عهد المتخصصين من رجال الكهنوت  في مطلع القرن السابع الميلادي ، حتى أرجع الله سبحانه للدين اعتباره حين أنزله كتابا من عند الله ثابتَ الكلمات على رجل أُمّيٍّ ليس من ( المتخصصين ) ؟؟؟

إرجع ، إن شئتَ ، إلى المقال الذين يبين تشابُه قلوب البشر آنذاك مع تشابُهها اليوم على الرابط :

. الأساس لمشروع حضاري ع + E  

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=67&cat=2

(3)

إن فَهْم هذا الكتاب العظيم ( القرءان ) لن ييسره الله سبحانه لأيٍّ من هؤلاء ( المتخصصين بالمرويات التراثية الخرافية !) التي استكبروا بها عن آيات الله وكتابه . وبما أن فهْمه فَهْما عصريا نافعا لا يحتاج إلى رسول – لأن مهمة الرسول ، أيِّ رسول هي أن يُبلِّغ رسالة نَصِّية – بعد أن بلّغها نَصّيةً كاملة تامةً الرسولُ النبي الكريم محمد قرءانا .. فقد قضى سبحانه أن فَهْم القرءان وبيانه يحتاج إلى مَن لـم يُلوَّث عقلُه بخرافات المرويات التراثية ( حدثنا و روى )  المبنية على افتراءات على الله ورسوله  ، لأن أمثال هؤلاء لن يقدروا على الإيمان الخالص بئايات الله بحيث يكون دافعا لمحاولة فَهْمها بعد أن استكفوا بمروياتهم الباطلة واستكبروا بها عن آيات الله ، زاعمين أن الحديث من مفترياتهم ينسخ القرءان ! وأن القرءان أحوج إلى السُّنة التي افتروها على الرسول النبي الكريم مِـن حاجة السُّنّة إلى القرءان ، وأنّ السُّنة تشريع مستقل فلا يجب عرضها على القرءان !!!! بل زعم أحد هؤلاء المتخصصين بالأكاذيب – وقد سمعتُ هذا بأُذنيّ – ان القرءان بدون السُّنة كالشاة في الصحراء لا حياة له إلاّ بها !!!!!!!!!!! . لذلك دمغ الله هؤلاء المستكبرين عن آيات الله  بأحاديثهم ومروياتهم التراثية الخرافية بأنهم لا يُؤمنون بئايات الله :

خمس حقائق عن القرءان لا بد أن تُعرف

http://kuno-rabbaniyeen.org/Default.asp?page=details&newsID=152&cat=5

*[ إن الذين لا يُؤمنون بئايات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم {104} إنما يفتري الكذبَ الذين لا يُؤمنون بئايات الله وأولئك هم الكاذبون {105} ] النحل ..

قائلا في كل واحد منهم ، ردّا على تحسره عند موته على عدم اتّباعه أحسنَ ما أُنزل إلى البشر من ربهم :

*[ بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ {59} وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ {60} ] الزمر ..

*[ إن الذين كذّبوا بئاياتنا واستكبروا عنها لا تُفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط  ....{40} ] الأعراف  .

*[ ومن أظلم ممن ذُكِّر بئايات ربه فأعرَض عنها ونسي ما قدّمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه وفي آذانهم وَقرا وإن تدعهم إلى الهدى فـــــلن يهتدوا إذاً أبـــــــــدا {57} !! ] الكهف

(4)

إن كُبرى الحركات الإصلاحية العالمية أثَرا على الغرب المسيحي وعلى العالَم هي حركة الإصلاح الأوروبية البروتسطنتية التي بدأها رجل واحد ( مارتن لوثر ) في ألمانيا إثرَ هزائم الأوروبيين المتلاحقة على أيدي العثمانيين المسلمين بدءاً بسقوط القسطنطينية سَنة 1453/م ثم حصار فِينّا في قلب أوروبا سَنة 1529/ م . وقد دعا لوثر بوصفه أوّل المُحتجين ( البروتسطنت ) إلى نبذ الخرافات التي فرضها رجال الكهنوت على الناس  داعيا إلى اعتبار الكتاب المقدس عندهم  مرجع  الدين الوحيد ، هذا هو نصف العلاج الذي به نهضوا بحيث استطاع  المسيحيون البروتسطنت بعين واحدة هي عين العلم المادي أن يهزموا كل المسلمين الخرافيين العميان وأن يهدموا دولتهم ويحتلوا كل بلادهم ( 35/ مليون كلم² ) ولا يزالون يُتبِّرون ما علوا تتبيرا !! وقد بيّنا هذا في مقالين :

لماذا نهضوا وتخلفنا ولا نزال

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=15&cat=3

جواب السؤال الصعب أين الخلل ؟                       

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=11&cat=2

فهل كان مارتن لوثر من كبار كرادلة الفاتيكان المتخصصين أم أنه عودي عداءً شديدا منهم ككل المصلحين عبر التاريخ ؟؟؟ وهل كان البروتسطنت ولا يزالون إلاّ أقلية(6%) تحكم العالَم كله ومنه مئات ملايين المسلمين الخرافيين الذين وصفتْهم حتى مروياتهم التراثيةُ بأنهم كثير ولكنهم غُثاء كغثاء السيل !!!!!!

(5)

إذا كان الأوائل ما تركوا قولا لقائل ( كما زعم الأقدمون من المتخصصين! )  فإنني أطلب من أتْباعهم أن يَسألوا كل المتخصصين بدين المرويات التراثية أن يُجيبوا عن سؤال واحد : إذا كان الله سبحانه لم يصِف نفْسه في كتابه الكريم بأنه ( أكبر ) ، بل وصف نفسه بأنه  ( كبير ) و ( الكبير ) فما هو أصل ومفهوم شعار المسلمين العظيم حقيقةً في معناه : ( ألله أكبر ) والذي استدل منه بعض المسيحيين - حين لم يجدوا جوابا - على أن المسلمين يُؤمنون بتعدد الآلهة ولكنهم يرون اللهَ أكبرَها  !!!

وحين لا يجدون منهم جوابا يرضاه القلب السليم وينفع الناس ، يمكنهم أن يلتمسوا الجواب على الرابط :

. مفهوم قوله سبحانه وكبره تكبيرا 

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=103&cat=3

(6)

إن العلماء المخلصين دينهم لله يجب أن يكون لهم [ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ] إذا كانوا ⁽¹⁾ يرجون الله واليوم الآخِر⁽²⁾ ويذكرون الله كثيرا .. فلا يَسألوا على الدعوة إلى الله وكتابه وتعليمه أجرا ولا يقبلونه تأسيا بالرسول الكريم الذي أمَره ربه أن يقتدي بالهُدى المشترك لكل الرسل من قبله بأن لا يَسأل على الدعوة إلى كتاب الله أجرا لأنّ له من ربه أجْراً غيرَ ممنون :

*[ أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ

قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ {90} ] الأنعام

. لا أسألكم عليه أجرا ولا أقول لكم عندي خزائن

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=241&cat=2

لذلك فإن الربانيين الذين نذروا أنفسهم لتعليم الكتاب ودراسته صادعين بأمر الله الذي بلّغه عنه كلُّ رسله *[ كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ {79} ] آلعمران .. يُسعدهم أن يكون لهم في رسول الله ، بل في كل رسل الله أسوةٌ حسنة بأنْ لا يسألوا ولا يقبلوا على الدعوة إلى كتاب الله وتعليمه ودراسته أجراً إلاّ مِن الذي أنزله وجعل فَهْمه لهم مُيسّرا . لذلك يجد القاريء على هذا الموقع أن ما يُنشر فيه  بيانا وفَهْما للقرءان هو حق للبشر ، لا لفرد ، كما أنّ القرءان نفسه *[ ذِكْرى لِلعالَمين ]

(7)

إن دعاوى التخصص في الدين هي دعوى باطلة يُقصَد بها محاربة الإصلاح الذي طالما وقف رجال الكهنوت عقبة في طريقه عبر التاريخ . فإن الدينَ الحق / دينَ الله/ هو نصٌّ رباني كامل ثابت لكنه مفتوح الفهْم . ولكل من شاء من البشر أن يدلي بدلوه في فهْمه شريطة أن يُدلل على رأيه ببرهانٍ رباني من كلمات الله في كتابه ، وبفهْمٍ لها إنساني ينفع الناس فيمكث (أثره) في الأرض :

*[ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ : هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ {24} ] الأنبياء

فلَأنْ يقول في آيات الله جاهل لا يدري .. هو أقل أذىً بكثير من أن يُمنع ذو لُبّ من أن يتدبرها بحجة أنه ليس من أهل الإختصاص .

وتقريرا لحق كل إنسان في أن يقول رأيه مهما كان فقد أوحى الله إلى رسوله الكريم موسى أن يطلق سراح السامري الذي عبّد قومه العِجلَ مُقرا بحقه في أن يقول :

*[ قَالَ فَاذْهَبْ : فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ ... ] بل مؤكدا أنه لن يمسه بسوء *[ لَا مِسَاسَ ] ومبينا أن حسابه كحساب أمثاله المُضلين سيكون على الله *[ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ.. {97} ] طه .

ولكن موسى (عليه وعلى المرسَلين السلام) الذي رد على السامري بالحُجة ، عمد إلى عِجله فحرّقه ونسفه في اليَمّ نسفا ليُثبت له وللناس عمليا أنّ الذي يَقبل أن يُحرَّق ويُنسف لا يمكن أن يكون إلها (ولا ربّا) ، وكذلك من يقبل أن يُصلَب ويُقتل ، أو مَـن يموت ، أو من يأفل ويغيب ، كما استنتج إبراهيم قائلا : *[ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ] .

وقد عرف (الدايلاما) الذي يراه أهل التبت إلها هذه الحقيقة التي لم يعرفها نصف البشر المسيحيين والمحمديين في الشرق والغرب .. فقال حين سأله صحفي مرة : يقول أتباعك إنك إله ، فهل أنت إله ؟ فقال الرجل مستنكرا : أنا !! أنظر إلى جسمي الضعيف .. إلى تجاعيد وجهي .. إلى ضعف بصري .. إلى ضعف سمعي ، وإلى حتمية موتي ! هل هذه صفات إله ؟؟!!

وسواء عرف الإنجليز مبدأ مصلحة الحياة في حرية القول من قول موسى ، أو اهتدوا إليه بالتجربة ، فقد عرفوه ومارسوه واشتُهروا به حتى أقاموا متنزهّا في عاصمتهم (هايد بارك) ليتمكن مَـن له رأيٌ  مِـن أن يقوله طالما وجد مستمعين . ومن طرائف ما حدث في هذا المتنزه أن أحد الخطباء ظل يخطب والناس يسمعون وينفضون ، حتى لم يبق إلاّ مستمع واحد . فلما أنهى الخطيب كلمته شكر المستمع الباقي ظنا منه أنه معجب بما قال . فقال المستمع : لا داعي لشكري فأنا مجرد شرطي مكلف بحمايتك !!

إن ساحة (عرفات) التي تصالح العرب من قبلِ نزول القرءان على أن يلتقوا فيها *[ لِيَشهَدوا منافِعَ لهُم ] ويتعارفوا في جوار أوّل بيت وضع للناس .. هي أوْلى أن يتبادلوا فيها آراءهم مهما كانت بشرطٍ شرَطه الله سبحانه بأن لا جدالَ في الحج :

*[ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ... (197) ] البقرة .

(8)

ختاما : إن الذي :

(1) يُسوّق بين الناس طعاما فاسدا منتهي الصلاحية يقترف جريمة ،

(2) لكنه إذا نسب صناعته كذبا إلى مصنع مشهور ، فإنه بالتزوير والإفتراء تصبح جريمته مضاعفة ،

(3) فإذا أكره الناس عليها مستعينا بصاحب نفوذ فقد اقترف جريمة ثلاثية . هذا هو تفسير قوله سبحانه فيمن إذا سألتهم عن مفهوم (ما أنزل اللهُ ربُّهم) ردوا بالأحاديث والخرافات التي هي أساطير الأولين من موروثاتهم ونسبوها إلى الله على أنها وحيٌ يوحى وسعوا إلى فرضها على الناس :

*[ وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ {24} لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ {25} قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ {26}‏ ] النحل .

والعجيب أن هذه الآية (26) من سورة النحل رقمها القرآني هو 1927 ، فهل لمعنى الآية ورقمها علاقة بزلزال نابلس المدمر سَنة 1927 ؟!!

*[  أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ! بَل لَّا يُؤْمِنُونَ {33}

فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ {34} ] الطور

والحمد لله رب العالَمين

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس- *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] - فلسطين

---