4/29/2024
 
 

بحث في الموقع

 
 

 مواضيع مختــارة

 

      

 

     

2/22/2012 5:39:00 PM

عدد القراءات: 12763
عدد التعليقات: 15




11/16/2011 4:08:00 PM

عدد القراءات: 12328
عدد التعليقات: 9


8/27/2010 12:22:00 PM

عدد القراءات: 43733
عدد التعليقات: 1212


8/22/2010 11:38:00 AM

عدد القراءات: 13879
عدد التعليقات: 3





7/26/2010 7:06:00 PM

عدد القراءات: 15013
عدد التعليقات: 4





4/27/2010 1:11:00 AM

عدد القراءات: 14692
عدد التعليقات: 22



     

 

  

  

 
 
 

 

 

أبحــــاث

عشَرَةُ معالمَ على طريق الإسلامِ الربّانيِّ القرءاني الوَسَطي المُعاصرِ

11/27/2010 1:04:00 PM

عدد المشاهدات:5665  عدد التعليقات: 0
11/27/2010 1:04:00 PM

محمد راجح يوسف دويكات

 

عشَرَةُ معالمَ

على طريق الإسلامِ الربّانيِّ القرءاني الوَسَطي المُعاصرِ

 

المَعْلم ألأوّل

  *[ الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين ] 1/1/الفاتحة

مفهومه 

أنّ اللهَ الخالِقَ سبحانه مستحقَ الحمدِ وحدَه ..

 هو ربُّ العالَمين وحدَه

*[ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {54} ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {55} وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ {56 [ الاعراف :

المجاهرة والمخافتة وما بينهما في الصلاة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=180&cat=3

فالله سبحانه هو رب العالمين . كما خلق العالَمين فهو ربهم الأحد . ليس ربَّ واحد بمفرده ولا رب جماعة أو امة بمفردها . لله تعالى الخلقُ ولرب العالمين سبحانه الأمرُ ، على الترتيب . الى رب العالمين يوجَّه الدعاء لان معظم البشر ينكرون حقه في الربوبية ( تدبير امور الكون ) مع انهم قد يعترفون بخالق واحد خلق واستراح !  لذلك تكرر الدعاء مفتَتَحا بـ  ( ربِّ ، ربَّنا ) أكثرَ من مئة مرة في القرءان الكريم . ثم يُحوَّل بعضه الى الله نفسه لا يوكل احدا : قاضيا وحاكما أعلى (إلهَ الناس) . فاذا حكم فلا استئناف على حكمه سبحانه :

*[.. وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {4 } ] الرعد . 

*[  إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَـيَكُونُ {35} ] مريم .

*****

وللذين يعترفون بالله خالقا واحدا وينكرون انـه الـرب المدبر أو يشركون مـعه اربـابـا متـفرقين متشاكسين : أمواتــاً يصبحـون مصادر اديان خرافية معطوبةٍ تُفرِّق ، واحياءً هم مصادر الانظمة الديمقراطية البشرية المتشاكسة  .. لهؤلاء واولئك يقول سبحانه مقيما عليهم الحجة *[.. فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ.. {149} ] الأنعام :

*[ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ؟! أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ؟! وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ؟! وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ؟! فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ {31} فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ {32} ] يونس  .

فمشكلة البشر هي انكارهم ان الله الذي خلقهم باعترافهم ( In God we trust )  هو ربهم الحق الذي يدبر الامر في الارض حقيقة ، كما في السماء :

*[ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ {84} ] الزخرف .

ومشكلتهم كذلك هي غفلتهم عن أنه سبحانه يمسك بمئة من مئة من أوراق لعب البشر ومكرهم وتخطيطهم :

*[ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً .. {42} ] الرعد .    

*[ بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً {31} ] الرعد .

فهو سبحانه يُدخل كل خططِ البشر ومكرِهم في تخطيطه و مكره *[ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ {54} ] آل عمران ، فيُخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، ويرزق من يشاء و يؤتي المُلك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاء  ... ويدبر الامر كله بطريقتين :

أ. طريقةٍ خفية غيرِ معلنة لا يعلمها ولا يتذكرها اكثر الناس . وقد لخّصها سبحانه بقوله :

*[ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ {82} ] يس .

*[ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {100} ] يوسف .

سواء حسب سنن وقوانين هو سبحانه خلقها ، أو خارجَ هذه السنن . فهو سبحانه *[ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {23} ] الأنبياء .

*[ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {49}‏ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ {50} ] القلم .

وفي الاحـداث المفصلية :

*[.. وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {77}..] النحل ،     ( خبر عاجل ! ) .

*****

ولديه سبحـانه لتحقيق امـره وانفـاذه جنودٌ وقوى وآلياتٌ لا يعلمـها الا هو . ببعضها يأخذ بناصـية - مركـز التفكـير والقرار في مقدمة  دماغ - كل دابة في الكون . لهذا يستعين به المؤمنون ويتخذونه وكيلا . وحين عرف هود عليه السلام هذه الحقيقة تحدى بها قومه واثقا من ربه :

*[ .. قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {54} مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ {55} إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّـي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {56} ] هود .

كما تحدى الرسول الكريم قومه بعِصْمة ربه الذي أنزل عليه الكتاب وفرضه عليه :

*[.. قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ {195} ‏ إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ {196} وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ  {197} ] الأعراف .

ووكالة/ولاية الله رب العالمين لمن أرادها انما تتحقق ويتحقق معها الأمن لِمَن لم  يلبِس ايمانه بظلم ، أي بشرْك برب العالمين :

إبراهيم يسأل والله سبحانه  يجيب

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=161&cat=5

*[ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ {82} [ الأنعام .

وفي هذا اشارة ايضا الى ان الذين لا يشركون برب العالمين لا يمكن ان يظلموا احدا . وبما أن كل أو جُل المسلمين اليوم لا أمْن لهم فمعنى هذا انهم قد لبسوا ايمانهم بظلم الشرك برب العالمين . لذلك فقد ظلموا انفسهم وظلم بعضُهم بعضا . وانهم ، وان لم يكونوا مشركين بالله خالقا .. الاّ ان تعدد مرجعيات الدين عندهم فرَّقهم وجعلهم يُشركون برب العالمين أربابا ، فأورثهـم هذا ديــنا معطوبا مزوَّرا بل أديانا ، بينما الدين الذي أرتضاه الله سبحانه للمسلمين الاولين ومكَّنه لهـم واستخلفهم بسببه في الارض وبدَّلهم بسببه من بعد خوفهم امْنا هو دين واحد (55/النور) ، وحبل نجاة واحد (103/آل عمران) ، مرجعيتُه واحدةٌ هي كتابُ الله .

 

ب. وثاني الطريقتين اللتين يدبر رب العالمين بهما الامر هي طريقة معلنة تتلخص في *[ شريعةٍ من الامر {18} ] الجاثية ، جعل ربُ العالمين الرسولَ النبي الكريم عليها ليتبعها هو و المؤمنون بدلا من بعض أمر الله المباشر :

مفهوم الشَّريعة و مفهوم الشِرْعة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=333&cat=4

فهي جـزء من الامر ضمَّنها اللهُ كتـاب التعليـمات Manual الذي انزله سبحانه على رسله الكرام وكان القرءان الكريم اخر طبعة منه . فهو *( الكتاب كله ) All in one . لهذا كانت كلماتُ الله واياته فيه بنيانا ثابتا معجزا لا يتغير تبيانا لكل شيء يتغير .

ولقوة وسرعة تأثير هذا الكتاب في نفوس البشر وفي محاولات الاصلاح سمـاه الله سبحـانه ( روحا ) أي قوة تحريـك وتوجيه ذاتية :

الروح : من مفاهيمها القرءان الكريم

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=208&cat=4

*[ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {52} [ الشورى ..

فالقرآن روح ، وهو بعض الامر الذي يدبر به رب العالمين شؤون الكون من جهة ، وبديل لبعض هذا الامر من جهة اخرى . من هنا كان الانسان خليفة الله سبحانه الموكل وكالة تنفيذ جزئية في مهمة عمارة الارض :

*[ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {61} ] هود .

و كان هذا الروح مصدر الحياة الحق :

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ.. {24} ] الأنفال .

*****

هذا الروح قسمان : بنيان/نصٌّ  وبيان . اما البنيان فقد كمل بانزال اخر ايات الله من القرءان العظيم على الرسول الكريم ولا تبديل لكلمات الله فيه :

*[ أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {1} يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ {2} ] النحل .

 قارن تنزيل الملائكة بالروح هنا بإلقاء الروح في 15/غافر .

 وإلى النص القراني الرباني المقدس الثابت الذي لا تغيير ولا تبديل لكلماته يشير سبحانه :

*[.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي.. {3} ] المائدة .

به (الكتاب) وحده يَدين (المؤمنون المسلمون) فهو دينهم الحق الذي سيحاسَـبون بموجـبه :

*[ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ.. {31} ] فاطر .

*[ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {24} يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ {25} ] النور .

*[ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {69 } ] الزمر .

*****

اما البيان/الفهم لهذا ( البنيان الرباني الثابت المقدس ) فسيظل متجددا تجدد الحياة ، يلقيه الله سبحانه القاء على من يشاء من عـباده . فهو *[ نورٌ على نورٍ ] ، نورِ الفهم على نور النَّص :

*[ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ  {15} ] غافر .

قارن إلقاء الروح هنا بتنزيل الملائكة بالروح في 2/النحل .  

وهذا البيان الرباني يُلقيه رب العالمين على مَن يؤمنون بالقرءان فقط ويتَّبعون آياته  بتدبُّرها      (82/النساء ، 24/محمد) ، ولا يظنون الخير في العاجلة فيستعجلون تلاوته هذرمةً وهم يَعُدّون الاحزاب والارباع ، والخِتمات .. مهملين بيان كلماته واياته ومُهمِلين أثر هذا البيان الذي يأتي متأخرا كما وعد الرب الحق سبحانه بقوله ( ثم ) :

*[ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19}‏ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ {20} وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ {21} وُجُوهٌ يَوْمـَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ {23} ] القيامة  .

*****

وقد تحققت آخرةُ (عاقبة/نتيجة) البيان القراني البسيط بساطة الناس أول مرة في الاولين وحدةً وعزة ونصرا وغِنى فـي 22/سنة ، فكـان *[ محمد رسول الله و الذين معـه [ وجوهُهم      *[ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ {23} ] القيامة ، فـي الدنيـا ( حتى ولو لم تره ) وفي الآخرة :

*[ .. يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ.. {8} ] التحريم ، رافعي رؤوسهم تنظر وجوههم الى ربها اطمئنانا وأمنا (والنظر الى الشيء غير الرؤية ) بينما المجرمون *[ نَاكِسُوا رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ {12} ] السجدة ، *[ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ {24} تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ {25} ] القيامة .

ولكي تـتحقق آخرة/نتيجةُ البيان القرءاني مرة ثانية في الآخِرين باذن الله تعالى فان علـى الذيـن اوتـوا الكتـاب الاخِــر ( القرءان ) وأورِثوه أن يبينوه للناس ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب الاول من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون .

فقد حذرنا الله سبحانه من عاقبتهم باسلوب العرب : اياكِ أعني واسمعي يا جارة ، وهو أسلوب تكرر كثيرا في كتاب الله تعالى : الكلام عن أهل الكتاب الاول والذين أوتوه ، والمقصودون بالكلام هم الذين أوتوا الكتاب الاخِر من بعد أن هجروه وأعرضوا عن اياته :

*[ وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ {187} ] آلعمران .

*****

 اليس هذا هو ما فعله المسلمون بعد القرن الهجري الاول حين بدأوا يشترون لهو الحديث ليضلوا به عن سبيل الله (آياته) بغير علم منهم حتى اصبحت سبيل الله تعالى وهي اياته هزوا واستبدلت بهـا اسفار الحـديث والمذاهـب !!      

*[ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ {6} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {7} ] لقمان :

جواب السؤال الصعب أين الخلل والسؤال الأصعب ما العمل ؟

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=11&cat=2

والملاحظ من اية الميثاق السابقة ان الله سبحانه لم يطلب من اهل الكتاب ان يبينوا الكتاب للعالَمين ولا للناس جميعا حتى لا تتـحجر العقول قرونا عند بيانهم وواقعهم بل للناس في واقعهم ليظـل البيان متجددا يعالج الواقع الذي يعيشه الناس . بل ان اللهَ الرب الحق لم يطلب من النبي نفسه ان يكون بيانه للقرءان للعالمين ولا للناس جميعا بل للناس في واقعه ، مع ان النبي نفسه ارسله الله سبحانه رسولا بالقرءان رحمة للعالمين وللناس جميعا :

*[ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً {158} ] الأعراف . يُبلّغهم القرءانَ تلاوةً .

أما كنبي فقال الله له :

*[ .. وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {44} ] النحل .

لذلك أَمر النبي بعدم كتابة أي بيان له ، بل بمحو أي شيء كُتب عنه سوى القرءان ، لان ما كان يقوله من بيان او كلام سوى القران كان خاصا بأهل عصره وأحيانا بساعته ، اذ لم يكن يعلم الغيب ليخاطب الناس في غير عصره بغير القرءان . وكيف يفعل ذلك فيأمر او يسمح بكتابة كلامه من غير القرءان بينما الذي انزل القرءان عليه يستفهم  مستنكرا مرتين :

*[ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ {47} القلم  و 41/الطور .

*****

الملاحَظ هنا أن النبي أُمر أنْ يُبين ما نُزِّل وهو القرءان لا ان يفصله ولا أن يبين غيره ، وأن (أهل الذكر) أُمروا ان يتفكروا فيما نُزل ليبينوه للناس كذلك . مع علم الله سبحانه مسبقا ان قليلا من الناس سيفعلون هذا ، فقال (ولعلهم) . كما ثبت بالفعل عبر القرون . لذلك توعد الله سبحانه من يكتمون بيان الله وبيناته في الكتاب .. توعدهم بأشد العذاب وقرنهم بالذين كفروا وماتوا وهم كفار اذا لم يتوبوا ويصلحوا ما أفسدوه بلهو الحديث ، ويُبينوا ما أنزل الله من الكتاب :

*[ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى

مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ

أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ :

(أ) تَابُواْ

    (ب) وَأَصْلَحُواْ

(ج) وَبَيَّنُواْ

فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {160}

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {161} خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ {162} وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ     {163} ] البقرة .

بهذا نرى ان العدول عن بينات الكتاب ممن اطلع عليها يكاد يشبه الكفر بها في استحقاق الزمرتين لِلعنة الله واللاعنين ، اذ ان الكاتمين ، والذين كفروا يهدمون القاعدة الايمانية الكبرى :

*[ وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ] .

ويؤكد عِظم جرم الكاتمين لما أنزل الله من الكتاب ، الذين يلتمسون الحق في مرجعيات أخرى - هي لهو حديث - يؤكده قوله سبحانه :

*[ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {174} أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ {175} ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ {176} ] البقرة .

نداء إلى رجال الكهنوت من  قبل فوات الأوان

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=124&cat=6

ان الذين كتموا بينات الكتاب واعرضوا عن اياته من أهل الكتابين تسببوا في تعدد المرجعيات فنشأ عندهم دين معطوب مُزوَّر فضّل الناس في اوروبا و العالم وفي بلاد المسلمين عليه أنظمة صنعها البشر ( ديمقراطيات ) تماما كما يفضل كل الناس طرفا صناعيا على طرف خَلْقي معطوب ، وكِلْيةً صناعية على كلية خلقية فاشلة ، وقلبا صناعيا على قلب خلْقي تالف . ويقينا لن تجد واحدا من الناس يفضل طاقم أسنان صنعها البشر على أسنانه الخلقية اذا كانت سليمة ، فكيف ان يساوي بين عين زجاجية مهما كانت براقة وعين سليمة من خلق الله سبحانه !!

المَعلمُ  الثاني

الكتاب هو الحق ( المرجعية الوحيدة للدين )

*[ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ      {31} ] فاطر .

*[ إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً {9} ] الاسراء .

هذه وصية الله سبحانه للمسلمين بعد اسرافهم على انفسهم وافسادهم في الارض مرتين فعقوبتِهم مرتين ، سُنَّة الله فيهم وفي بني اسرائيل من قبلهم ، مع ما أشار اليه الـنص القرآني من عُلوٍّ كبير يعيشه بنو اسرائيل الان وعلو كـبير ينتـظر مسلمين يؤمنون بالقرءان بغضِّ النظر عمن هم . وقد وثق الله سبحانه هذا في مطلع سورة الاسراء :

قراءة عصرية لمطلع الإسراء وخواتيمها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=7&cat=6

وفي ختام آيات مطلع سورة الإسراء التي اشتملت على ثلاثة وعود ، بيَّن الله أنَّ تسليطه سبحانه لنصارى الغرب على المسلمين التراثيين ليدخلوا المسجد (1917/م) كما دخـلوه أول مـرة (1099/م) وليحتلوا كل بلادهم ويذلوهم هذا الاذلال *[ وليتبروا ما علوا تتبيرا ] ... كل ذلك لم يكن من فراغ حين اتخذ المسلمون التراثيون من دونه وكيلا أي شركاء . ولكن انتصار الغرب هذا يمكن أن يكون رحمة لمسلمين ولغيرهم وخيرا في عاقبته *[ عسى ربُّكم انْ يرحمَكم ] كما رحم مَن قبلهم بعد عقوبتهم الثانية سَنة 70/م بتقطيعهم في الارض امما !!

اما رحمته للمسلمين التراثيين بعد أن قطعهم في الارض امما ودويلات كذلك فسوف تكون اذا :

(1) تعلموا مـن الذين هزموهم الصلاحية المادية العلمية  لعمارة الارض - وهو ما يحدث الان ببطء- بعد أن افتقدوها قرونا متحـجرة عقولهـم على ما وجدوا عليه اباءهم ، واذا :

(2) تعلموا من القرءان كـتابِ الله تعـالى ( الصلاحية الانسانية ) التي تحمي الاعمار وتوجهه الى الغاية من خلقِ الانسانِ وهي عمارة الارض بوكالة تنفيذية جزئية من رب العالمين سبحانه الذي هو مدبر الامر وصاحب العمل في الارض .

الصلاحية المادية لعمارة الأرض والصلاحية للحياة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=71&cat=5

وقد ردت كلمة *[ رحمة ] مُعرفة او بدون تعريف او مضافة الى الله سبحانه رب العالمين او الضمير العائد اليه ( 114) مرة ليتطابق العدد مع عدد سور القران الكـريم (114/سورة) !! وتكـرر ذكرُ *[ الرحيم  و رحيما ] 115/ مرة  ، منهـا مرة واحدة تعود الى الرسول ( 128/ التوبة )  وتبقى (114/ مرة) صفة لله رب العالمين . وكذلك تكرر ذِكرُ (القرءآن) كتاباً لله 57/ مرة ، منها (10) مرات في سورة الاسراء وحدها مما يجعلها بحق سورة القرآن ، كما تكرر ذكرُ ( الرحمن ) 57/ مرة كذلك .

 

لذلك جاءت آية الوصية المذكورة اعلاه ختاما لوعد الله الذي صار سُنّة لله سبحانه انطبقت على المسلمين كما انطبقت قبل ذلك على بني اسرائيل ، وبشَبهٍ في التفصيلات يدعو الى العجب ، لهذا قال (هذا القرءان) أي هذه الايات من القرءان لتُقرأ قراءتين واحدة عن بـني اسرائـيل وأخرى عن المسلمين . كما جاءت هذه الاية بشرى ( لمسلمين مؤمنين !!) سوف يورثهم الله الارض وفي فترة قياسية أخرى ( بـدلا مـن انتظارهم قرونا ) حين يتخذون القرءان مرجعهم الوحيد للهُدى ودين الحق ، فيمتلكون به الصلاحية المزدوجة لعمارة الارض بالعلم والايمان معا .. مُحذرا :

*[ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ {38} ] محمد .

ولم يقرن الله سبحانه العلم بالايمـان الا مـرة واحـدة في القرءان الكريم وفـي خواتيـم سورة ( الروم !!) . وحين قرن نبي الله سليمان العلم بالاسلام *[... وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ {42} [ النمل ، آتاه ربه سبحانه مُلكا ما كان ينبغي لاحد من بعده !! فسبحان الله رب العالمين !!

المَعلمُ  الثالث

 تفصيلُ الكتاب كُلُّه .. في الكتاب كُلِّه

*[ وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {52} ] الأعراف .

*[ أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً .. !! {114}  ] الأنعام .

الاية الاولى هي شهادة رب العالمين سبحانه انه هو الذي فصّل الكتاب على عِلم ، وان تفصيله لهذا الكتاب جاء هُدى ورحمة لقوم يؤمنون بهذا . وقد تبعت شهادةَ رب العالمين شهادةُ الرسول نفسه ان الله سبحانه انزل الكتاب مفصلا ولا يحتاج الى أن يفصله أحد حتى ولا النبي ( اما الرسول فمهمته البلاغ لايات الله المنزلة اليه تلاوةً فقط ) . فكما ان الكتاب نفسه لا ريب فيه من رب العالمين ، فكذلك تفصيله لا ريب فيه من رب العالمين .

*[ وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ {37} ] يونس :

مفهوم تفصيل الكتاب ومفهوم بيان آياته

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=125&cat=5

فمن ادعى من البشر انه يفصل الكتاب او ان بشرا فصَّله فقد افترى على الله عز وجل وكذّب الله ورسوله . لكن رب العالمـين طلب من النبي ان يبينه للناس أي ان يُظهر لاهل عصره ما خفي من تفصيلات الكتاب ( سواء بتلاوة الايات التي تعالج الواقع او بتفسيرها لمن خفي عليه مفهومها ) ، كما طلب من المؤمنين بالكتاب - ولا ايمان بكلام سواه :

*[ قُلْ آمِنُواْ بِهِ .. أَوْ : لاَ تُؤْمِنُواْ {107} ] الإسراء :

   سلّةً واحدةً ، خُذها أو دَعْها  Take it or leave it

نعم !  طلب منهم أن يتفكروا فيه ويتدبروه ويبينوا ما خفي من تفصيلاته . وقد ذكر الله سبحانه ان هذه التفصيلات التي ذكرها الله سبحانه باللسان العربي (لا باللغة العربية التي أكثرها لغو وكلام فارغ) لا يستطيع معرفتَها الا قومٌ يعلمون ، ولن تنفع الا قوما يعلمون فُصلت على مقاسهم !!

*[ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {3} ] فُصلت .

*****

فالقران الكريم ( كتاب الله المسطور ) مفصل من الله عز وجل لا يحتاج الى تفصيل من مخلوق . شهد بذلك الله ورسوله وكفى بالله شهيدا . بل يحتاج الناس الى بيانٍ متجدد لما خفي من تفصيلاته . ولن يملك القدرة على بيان هذه التفصيلات واظهارها للناس في واقع معين الاّ من ايقن بهذه الحقيقة وعرف اللسان العربي ( مستعينا بالمعجم المفهرس لالفاظ القران الكريم الذي هو وحده معجم لسان العرب ) وكان عنده علم بايات الله في الكون المنظور ( 27- 32 / فاطر  و 53- 54 / فصلت ) وهي امور لا تجتمع اليوم الا في قليل من الناس الذين يؤمنون كما *[ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّـهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ] أي بكتـاب الله *[ ... وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَـابٍ ... [ ، ويتَبعـون *[ احسنَ ما أُنزل [ اليهم من ربهم وهو ما ناسب الواقع من ايات الله في كتابه القرءان العظيم :

خمس حقائق عن القرءان لا بد أن تُعرف

http://kuno-rabbaniyeen.org/Default.asp?page=details&newsID=152&cat=5

ولأن هذا الكتاب قليل الكلمات (كالأعداد الأولية العشرة) بالمقارنة مع الاف الاسفار والكتب الكثيرة من تأليف البشر فقد وصفه الله سبحانه بالطيب القليل واشار الى الكثير غيره بالخبيث الكثير وحذر مِن ان نساوي بين القليل الطيب ( وهو ما انزل الله على الرسول من ربه قرءانا وأَمره ان يُبلغه للناس ) وبين الكثير الخبيث من الاسفار والكتب التي تجعل مَثل من يحملونها بدل القرءان كمثل الحمار يحمل اسفارا ( 5/الجمعة )  فقال سبحانه :

*[ مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ {99} قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {100} ] المائدة  .

فمن ادرك مفهوم مهمة الرسول (وبها صار رسولا) التي فُرضت عليه وهي تبليغ القرءان تلاوة فقط *[ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مـَعَادٍ ..  {85} ] القصص ..

.. وادرك الفرق بين قليل هذا البلاغ الطيب وبين كثير غيره الخبيث الذي انتهت صلاحيته للاستهلاك الادمي مع الزمن ... فهو من أُولي الالباب الذين كمـلت علامتـهم (100/100) . وهي علامة السابقين الاولين من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان الذين ذكرهـم الله سبحانـه وزكاهـم فـي الايـة (100) مـن سورة التوبـة – في إشارةٍ إلى علامتهم - وذكـرهم فـي الايـة (10) مـن سورة الواقعـة *[ والسابقون السابقون {10} ] الواقعة .

فالقران الكريم الذي أُنزل وحده الى الرسول من ربه :

*[  كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {29} ] ص .. 

هو القليل الطيب وما سِواه مما ورثناه ووجدنا عليه اباءنا هو الكثير الخبيث الذي مَثله كمثل الخمر والميسر اثمه اكبر من نفعه بشهادة الله سبحانه في (42) اية من القرءان سفه الله سبحانه فيها حجة الرافضين للحق والاصلاح بحجة اتباعهم ما وجدوا عليه اباءهم ، وبشهادة واقـع المسلمين المخزي منذ قرون .

فبالقليل الطيب افـلح *[ محمد رسول الله والذين معه ] في فترة قياسية (22/سنة) فكانوا مصـاحف تمشي علـى الارض وكذلك مَن اتبعوهم باحسان . وحين اتخذ مَن بعدهـم (بعد 101/هجري) *[ هذا القران مهجورا ] واستبدلوا بقليله الطيب الاف الاسفار الكثيرة الخبيثة صار مثلهم :

*[ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ   {5} ] الجمعة . 

المَعلمُ الرابع

 الإنابةُ تكون الى الله ربِّ العالمين

والاسلامُ يكون له باتّباع أحسنِ ما أَنزلَ

*[ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {53} (1) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ (2) وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {54} (3) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ {55} أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ {56} ] الزمر .

لقد فتح الله سبحانه باب الاصلاح والنجاة في الدنيا والآخرة لمن اسرفوا على انفسهم إفسادا في الارض بخطوات ثلاث :

1. بالإنابة الى رب العالمين مدبرِ الامر ، وهي قرار نظري  ايماني . ومفهوم ذلك الرجوعُ الى هذا الرب طلبا لعونه وهدايته الى الحق الذي فيه الخير . ومـع ان المسلم يقول ذلك قولا في صلاته مرات في اليوم :

*[ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5} اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6 ] الفاتحة ..

الا ان قليلا من المسلمين يدركون مفهوم هذه الانابة ليعقلوا/يربطوا دعاءهم برد ربهم عليهم فورا عقِب هذه الانابة القولية وفي مطلع السورة الثانية من الكتاب بعد الفاتحة : أن من طلب العون والهداية فهُما في كتاب الله ، فهو وحده حق اليقين الذي لا ريب فيه . وكل كلام سواه فيه ريب واختلافٌ كثير

*[ الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2} ] البقرة .

*****

  2. أَما الخطوة الثانية فهي اسلام المؤمنين امرَهم لربهم عمليا بمفهومين :

اولا : باتباع ما أُنزل اليهم في ( ذلك الكتاب ) من أجل التطبيق العملي ، والرضا بذلك بل التسليمِ بأن ما أَنزل رب العالمين للعمل والتطبيق هو خير يقينا . فاذا أخذ المسلمون بمدخلات واسباب الخير والصدق فلا بد ان تكون المخرجات والنتائج مخرجات خـير وصدق :

*[ وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنـِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصـِيراً {80} وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً {81} وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً {82} ] الاسراء .

الإيمان انقلابي والتطبيق تدريجي

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=73&cat=3

ثانياً : وما عليهم بعد اتباع آيات الله المنزلة إلاّ ان يعطوا المخرجات حقها من الوقت بالصبر على بطء تحقق النتائج وتوكيل رب العالمين باختيار ما يراه خيرا من النتائج ومن توقيتها . لهذا نزل الامر من رب العالمين على رسوله منذ الايام الاولى للرسالة :

*[ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً {8} رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً {9} وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً {10} ] المزمل .

وقد تكرر الامر الى الرسول الكريم ولكل من يُمسِّك الناس بالكتاب مثلِه بصيغة ( اصبر) 19/ مرة .

ولأن الرسول الكريم ذاق ثمرة إسلام امره لله بالمفهومين المذكورين فقد اوصى المسلمين به ، فوثق الله سبحانه هذه الوصية في سورة الشورى بالذات ليكون ذلك ردا على من يرون اسلام امرهم وخاصة عند الاختلاف لأي بشر او للاكثرية :

*[ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {10} ] الشورى  

فهلا توكل المسلمون على الله وأنابوا اليه كما فعل رسولهم الكريم وردوا خلافاتهم الى كتاب الله تعالى مرجعية واحدة ثم الى الله نفسه يحكم فيها ويختار لهم من النتائج وتوقيتها ما يراه خيرا ، قائلين كما نقول :

*[ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ {89} ] الأعراف !!

*[ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {4} رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {5} ] الممتحَنة  .

*****

3. اما القيد على الإتباع الذي غفل عنها المسلمون عبر القرون ولا يزالون فهو امـرُ رب العالمين لهم ان يتبـعوا ( أحسَنَ ما أُنزِلَ ) اليهم من ربهم بعد ان اسرفوا على انفسهم . اما المسلمون الاولون فكانوا قد أُمروا باتباع ( ما أُنزل ) اليهم من ربهم لان كل ما أُنزل كان حسنا أي مناسبا للواقع حين كانت ايات الرب تنزل حسب المناسبات ، فكانت كلها مناسبة للواقع ، عُقلت به أولا بأول :

*[ كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {2} اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ {3} ] الاعراف .

 

اما بعد ذلك وبعد ان فسد الناس واسرفوا على انفسهم باتباعهم الاولياء من البشر بدلا مما أُنزل اليهم من ربهم للإتباع والتطبيق العملي .. فان أحسن ( ما انزل ) هو ما ناسب الواقع تماما كالدواء . وقد ادى عدم معرفة المسلمين خاصتِهم وعامتِهم بهذه القاعدة الاسلامية الكبرى الى التباس الامور والجهل بالاولويات ومداهنة الجاهلين والدهماء والمرتزقة اصحاب المصالح الآنية :

الأساس لمشروع حضاري ع + E  

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=67&cat=2

*[ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103} الَّذِينَ ضـَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَـيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُـمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً {104 } أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يـَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً {105} ] الكهف .

علما ان كتاب الله كلَّه – آياتٍ بيِّناتٍ وآياتٍ مبيِّناتٍ - هو احسن الحديث ولا نسخ فيه ولا بد ان تُطبَّق اياته في واقعها المناسب لها . ومن رأى غير ذلك اصابه خطاب الله سبحانه :

*[ .. أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {85} ] البقرة .

وتأتي الايات التي تبين سنن الله سبحانه وأقداره في التغيير ... تأتي على رأس احسنِ ما أُنزل الى الناس من ربهم في واقعهم اليوم بل في كل واقع . 

المَعلمُ الخامس

 مفهومُ سُنّةِ الله  في التغيير :

غيِّروا أداءَكم .. يغيّرْ اللهُ أوضاعَكم

*[ ... إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11} ] الرعد .

*[ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ   {53} ] الانفال .

اوَّلا : فماذا غيّر المسلمون بأنفسهم فكرا وسلوكا حتى استحقوا ان يغير الله ما بهم من اوضاع هي الآن مخزية !؟ . فبعد ان كانوا خير امة اخرجت للناس فأورثهم الله سبحانه الارض ومكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وبدلهم من بعد خوفهم امنا ... بعد ذلك طال عليهم الامـد واصبحوا خدما وعبيدا للاخَرين ، راسبين في ( ما بهم ) . ومعنى ذلك انهم راسبون في ( ما بأنفسهم ) .

الجواب : إنهم لما زاغوا ازاغ الله قلوبهم واضلّهم فصار القرءان عندهم طلاسم واكثره منسوخ بالاحاديث وحمال اوجه لا يصلح للاستدلال به وكأنه كتاب اعجمي لا يستطيع حتى العرب ان يفهموه او يعقلوا اياته :

*[ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ {198} فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ {199} كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ {200} لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ {201} فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {202} ] الشعراء .

ومفهوم هذه الايات ان الذين لا يفقهون القرءان ولا يستطيعون فهم كلمات الله فيه لا يُعتبرون مؤمنين به مهما زعموا . فلا غرابة اذن ان يُدخل الله سبحانه في قلوب المجرمين انه طلاسم وحمال اوجه ومستحيل ان يفهمه العرب اليوم وكأنه كتاب اعجمي . ولا غرابة اذن ان يستمر حتى العرب من المسلمين في هجره والإعراض عنه وعدم الايمان به وبالتالي عدم معرفة احسنِ ما أنزل الله  فيه حتى يروا العذاب الاليم يأتيهم بغتة وهم لا يشعرون كما حدث ويحدث الان وسيظل يحدث إلى أن يعرف الناس جواب السؤال الصعب : أين الخلل ؟

جواب السؤال الصعب أين الخلل والسؤال الأصعب ما العمل ؟

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=11&cat=2

وقد تأكد ذِكر العذاب الأليم هذا فـي الاية 55/ الزمر . بل ان رب العالمين سبحانه وصف المعرضين عن ايات ربهم من بعد تذكيرهم بها ... وصفهم بغاية الظلم الذي يستحقون به عذابا ادنى تصاعديا قبل ان يذيقهم العذاب الاكبر في الدنيا ، لعلهم يرجعون الى ايات ربهم وكتابه . وقد أُعطوا فرصة (22) سنة اشار اليها عدد كلمات الوعد الرباني التالي ورقم اخر اية فيه من سورة السجدة :

*[ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {21} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ {22} ] السجدة .

*****

 ويؤكد هذا المفهومَ عشراتُ بل مئات الايات القرانية التي تبين سوء مصير المُعرضين عن الذكر 123-127/طه , والهاجرين للقرءان الكريم 27–31/الفرقان ، والمنسلخين من ايات الله 175/الأعراف ، والذين يستبدلون بها لهْو الحديث 6-7/لقمان .. وقد وصفهم الله سبحانه بأنهم مُكذبون وظالمون بل أظلم الظالمين وأنهم مجرمون مستحقون للعذاب الاليم خاصة وأن المسلمين حُذروا سلفا مما وقع فيه من قبلهم وأُنذروا بسوء العاقبة فلم يعتبروا :

*[ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ    {115} ] التوبة .

وفي بيانِ ما يتَّقون ويَحذرون فِعلَه اذا ارادوا ان يرحمهم الله ، يقول محذرا من عدم اتباع الكتاب ومن عواقب ذلك :

*[ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {155} ] الأنعام .

فاتبعوه .. واتقوا عدمَ اتباعه !!!

*****

ثانـيا : فكيف يضع الناس سُنّة الله سبحانه وقدَره في التغيير موضع التنفيذ ؟

يقرر نص سُنَّة التغيير - وهو نص رباني - ان على الناس تقع مسؤولية تغيير ما بأنفسهم من معتقدات وافكار تتلوها مواقف وسلوكيات . وعلى الله سبحانه تغيير اوضاعهم ومنها النظام الحاكم الذي - كمستوى اداء - يمثل الناس سواء انتخبوه ام لم ينتخبوه ، اذ ان علامة اداء النظام الحاكم في أي بلد تساوي المتوسط الحسابي لمعدلات اداء الناس ، لان النظام الحاكم لأي مجتمع هو طينة من عجينة المحكومين ، وهو سقف بنيان ذلك المجتمع بأساساته وقواعده واعمدته وجدرانه . فلا سبيل الى الارتقاء بمستوى اداء النظام بمجرد تغيير الاشخاص . كما لا فائدة من تغيير سقف متصدع على بناء متصدع الاساسات والقواعد والاعمدة !!!

ولعل قوله سبحانه *[ .. وأولي الأمْر منكم {59} ] النساء ، وبالتعبير البشري ( كيفما يكونوا يُولَّ عليكم ) .. لعله تأكيد لذلك المفهوم المغيب عن جهل او قصد . فأولوا الامر - مع التذكر ان  (الامر كله لله) 154/ آلعمران - هم من الناس ( منكم ) ليس بمعنى انهم بشر مثلهم فقط ، بل بمعنى انهم من المستوى نفسه فهم مرآة المجتمع يعكسون مستواه ويقومون بالامر (منكم) أي بدلا عنكم .

فاذا اردنا ان يُحسِّن اولوا الامر اداءهم فليس ثمة سبيل إلاّ ان نلتزم بسُنَّة الله في التغيير فنُحسّن أداءنا اوّلا بتغيير ما بأنفسنا . اليس هذا هو القانون العام الذي حكم اصحاب العمل والاجيرين مذ وجد الانسان ، وملخصه : غيّروا اداءَكم نغيّرْ اوضاعكم ! اما اذا بقي الناس على ما هم عليه فان تبديل اشخاص اولي الامر سيوقع الناس في محذور بيت شعر ذهب مثلا :

دعوت على عمروٍ فمات فسرني : فلما اتى زيد بكيت على عمرو !!

ولعل من اهم الادلة الواقعية على صحة هذا المفهوم إحجام نسبة كبيرة من الناس في كل بلد عن الادلاء بأصواتهم ، لعِلمهم ان تغيير وجوه الحاكمين لن يجديَ نفعا . وقد سبق المسلمون الى استخلاص هذه العبرة قبل أكثر من الف عام حين كان شعار كثيرين منهم :

مات الخليفة لم يحزن له احد : وجاء اخر لم يفرح به احد !!

لهذا ولغيره يتذكر المؤمن المسلم على الدوام ان الانسان خاسر لا محالة الا الذين امنوا بالحق/كتاب الله نظريةً وتواصوا به ، وعملوا بموجبه الصالحات التي تنفع الناس فتمكث في الارض تطبيقا عمليا ، بعد ان يعطوها حقها من الوقت ويتواصَوا بالصبر على بطء النتائج العصر/103 .

وإعطاء كل شيء حقه من الوقت هو الصبر الذي تحتاجه الصالحات من الاعمال ويحتاجه الصالحون الصابرون الذين يُوفَّوْن اجورهم بغير حساب ، لأنهم يعلمون علم اليقين انَّ :

*[ لِكُلِّ أُمـَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سـَاعَةً وَلاَ يَسـتَقْدِمُونَ {49} ] يونس ..

كما يعلمون انَّ :

*[ .. لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ {38} يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ {39} ] الرعد .

لهذا فهُم لايؤمنون بأن الاقلام قد رفعت وان الصحف قد جفت طالما كان هناك محو عند الله وإثبات . لكن المحو في اجال الاشياء او الافـراد او الجماعـات او الدول بتقصيرها او اطالتها انما يتأثر بأسباب استثنائية يأخذ بها المصلحون والمحكومون والحكام تؤدي الى نتائج استثنـائية سـواء في نوعيتها اوكميتها او سرعة تحقيقها او تقصير او اطالة اجال العاملين :

حقيقة القضاء والقدر من كتاب الله

  http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=96&cat=5

من ذلك ان العمل بالقرءان الذي هو دليل الـخلق الرباني الذي انزله رب العالمين في ليلة القدر فاصبحت لذلك خيرا من الف شهر .. ان العمل بالقرءان يختصر الزمن بنسبة 1/83 (1000/12=83.3) . أي ان سَـنة العمل بالقرءان خير من اربع وثمانين سنة اخرى بغيره . لذلك لم يُذكر في القرءان *[ أجر المصلحين ] الا مقترنا بالذين يُمسّكون ( انفسهم وغيرهم ) بالكتاب :

*[.. وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ{170} ] الأعراف :

قراءة عصرية لمطلع الإسراء وخواتيمها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=7&cat=6

واذا علِم المُمسكون بالكتاب سُنَّة الله تعالى في مداولة الايام بين الناس (140/ آلعمران)  ، وانَّ كل البشر افرادا وجماعات ودولا هم خلائف رب العالمين في الارض ، وانهم في امتحان وعقد عملٍ محدد المدة يتوقف قِصَرها او طولها على مستوى ادائهم .. اذا علموا ذلك امكنهم ان يُؤثِّروا بالحكمة والموعظة الحسنة في المحكومين والحاكمين بل في كثير من البشر .

*[ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {165}  ] الأنعام .

*****

 ثالـثا : على ان الربانيين الذين يُمسّكون بالكتاب ( دون ان يصيبهم غرور يجعلهم يستخفون بالعمل ) فيقيمون الصلاة حسب كتاب الله :

إقامة الصلاة كما بينها الله في كتابه

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=54&cat=5

وهُم يعلمون أنْ لا عذر لمضيع لها او ساهٍ عنها ... سواء كانوا يُعلّمون الكتاب او يدرسونه          ( 79/ آلعمران) ... لا يَركنون الى الذين ظلموا لمعرفتهم بوعيد الله سبحانه .. فلا يطلبون عونا منهم ولا يقبلونه مع استعدادهم للنصح لهم ولغيرهم بالحكمة والموعظة الحسنة ما استطاعوا . 

*[ .. وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ {113} ] هود .

*****

 رابـعا : وحين يدرس الربانيون الكتاب يتذكرون دائما ويُذكّرون الناس انه ليس هناك ذنب يَذهب بدنيا المرء وآخرته لصعوبة التوبة عنه اكبرُ من السقوط في بيت عنكبوت الكافرين بالحق ، ومظاهرتِهم بالعمل جهرا او سرا معهم طلبا لعونهم المعنوي اوالمادي :

*[ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُـمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَـنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَـغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً {137} بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً {138} الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً {139} ] النساء  .

*[ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً {81} كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً {82} ] مريم . ضدا : في الدنيا والآخرة !!!

*[ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ {74} لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ {75} ] يس .

وقد فرض ألله سبحانه على المنافقين بهذا المفهوم (دون غيرِهم) أربعة شروطٍ للتوبة تكاد تكون تعجيزية :

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً {144} إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً {145} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً {146} ] النساء .

بل ان الله سبحانه نهى عن الاستعانة العسكرية بالكافرين بالحق ولو على الكافرين . فحين وعَـد الله سبحانه الرسول الكريم وبشّره وهو في طريقه الى المدينة مهاجرا.. وعَده ان يرده الى مكة ، ولكنه اشترط عليه شرطين ما احوجنا الى تذكرهما على الدوام ، لأن كل مؤمن بكتاب الله تعالى متَّبعٍ له مخاطبُ بهما :

اولهما : *[ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ {86} ] القصص . لذلك كان يرفض أي عون يأتيه من الكافرين بالحق ولو على الكافرين اذ لو قبِل عونهم لكان عليه ان يعينهم ليرد لهم صنيعهم . وهذه هي المظاهرة بصيغة المفاعلة مبادلة ومشاركة .

وثانيهما : *[ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيـْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمـُشْرِكِينَ  {87} ] القصص .

فقد أُمر انْ يلتزم بايات الله فور نزولها . فهي إكسير المناعة والعصمة من السقوط ... ولو لم يفعل فصدَّه الكافرون أو ما يدعون إليه .. عنها لكان من المشركين !!!

المَعلمُ السادس

 مؤهلاتُ الأجيرِ الصالح : *[ القويِّ الامين ]

*[ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ {26} ] القصص .

*[ قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ {39} ] النمل

*[ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ... {40} ] النمل .

جَمعت الايتان الاوليان بين القوة والامانة كمؤهلين للاجير الصالح . واذا كان الاقدمون قد فهموا القوة على انها قوة الجسم وقوة الارادة لحاجة الناس الى هذين الصنفين من القوة آنذاك فان المفهوم الجديد للقوة يشمل الكفاءة العلمية والمهنية التي يحتاجها كل انسان للتعامل مع المادة ، في مقابل الامانة التي يحتاجها الاجير الصالح – وكل انسان على الارض اجير – في تعامله مع الناس .

والمتفكر في الآيتين يُدرك ان امتلاك القوة يُغري بضعف الامانة بحيث يمكن ان نَعتبر المؤهِّلين على طرفي نقيض . لذلك اعتبرت الإمرأتان الفاضلتان موسى عليه السلام لُقطةً نادرةً . من اجل ذلك اراد العفريت من الجن ان يَطْمئن سليمانُ عليه السلام الى امانته على العرش اضافة الى قوته وقدرته على احضاره في وقت قصير .

اما الذي عنده علم من الكتاب فلم يَذكرْ قوته لانها مضمونة وتُفهم من السياق . ولم يجد حاجة لذكر امانته طالما انه كان يملك عِلماً من الكتاب الذي هو مصدر القوة والامانة معا . وفي هذا تأكيد لمفهوم انه لا يمكن تأهيل الانسان بالمؤهلين معاً الّا بجعل كتاب الله تعالى مرجع المناهج التعليمية ليكون الهدف من العملية التعليمية بناءَ الانسان المؤهَّلِ بهذين المؤهِّلَين بدون حذلقات وجرش كلام كثير .

*****

وحين اقام *[ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ] بُنيانهم على تقوى من الله ورضوان تزكّوا كلهم بآيات الله سبحانه يتلوها عليهم الرسول الكريم عليه السلام ثم يعلمهم النبيُّ منها ما احتاجوه في زمانهم لتغيير انفسهم وحل مشكلاتهم على المستويين النظري والتطبيقي العـملي :

*[ .. وَأَنـزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُـنْ تَعْلَمُ وَكَـانَ فَضـْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً   {113}‏ ] النساء .

ولم يكن غريبا لذلك على رجل كمعاوية الذي درس في مدرسة الربانيين التي اوصى بها الله ورسلُه (79/آل عمران) وانشأها رسول الله ، ان يلتزم بمؤهِّلي القوة والامانة وان يضرب على ذلك اروع مثَل وهو يوصي والياً عيّنه على العراق :

إني مستعملك عاماً فناظرٌ في امرك بعده :

أ . فان وجدتك الضعيفَ  الأمـين عزلتك وخرجت كفافاً لاعليك ولا لك !

ب. وان وجدتك القويَ الفاجـــر عزلتك وصادرت مالك وكنت عندي مذموما !

ج. وان وجدتك الضعيفَ الفاجــر عزلتك وصادرت مالك ونكلت بك وكنت عندي مذموما !!

د. وان وجدتك القـويَّ الامـين ابقيتك وزدت عطاءك وكنت عندي محمودا .

الأجير الصالح هو القوي الأمين

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=76&cat=3

الملاحظ ان اهل الكتاب الاول في هذا العصر يمتلكون قدراً كبيرا من القوة المدَّعمة بالعلم المادي . فعلامَتهم في هذا المؤهِّل عاليةً جداً . ولكنْ علامتهم في مؤهل الامانة متدنية . ومع ذلك فهم افضل حالاً بكثير لعمارة الارض من ( المسلمين عبيد الأموات ! ) الراسبين في علامة القوة والكفاءة وعلامة الامانة معاً . ذلك ان مؤهل القوة والكفاءة قُدّم في الآيتين على الامانة . وقد قَدَّم الله سبحانه آدم على الملائكة مع امانتهم وولائهم لربهم لان آدم اكثر كفاءةً واقدر على انجاز المهمة التي خلقه الله من اجلها كما ثبت من فحص الكفاءة الذي تقدم اليه آدم والملائكة فنجح ورسبوا :

فحص الكفاءة الذي نجح فيه آدم

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=158&cat=3

لذلك استطاع بنوا ادم عمارة الارض بالوكالة عن رب العالمين سبحانه الذي :

*[ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ... {61} ] هود .

ولكن اذا كان الله سبحانه يُمهل مـن يُفسد فـي الارض ويُصلح ، فانه لن يمهل من *[ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ {11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ {12} ] الفجر .. كما يتبين من واقع البشر اليوم . ولان ساعة البشر لم تحن بعد لان مهمتهم لم تنجز حتى الان ، فإن المتوقَّع ان يتدخل الله سبحانه في تصحيح مسارهم بجعلهم يرجعون الى كتاب الله تعالى دليل الخلق Manual الذي انزله اول مرة في ظروف مشابهة تماماً احتاجه البشر فيها لحسم خلافاتهم وصراعاتهم كحالهم اليوم :

*[ تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {63} وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {64}‏ وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ {65} ] النحل

الصلاحية المادية لعمارة الأرض والصلاحية للحياة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=71&cat=5

سياسة حافة الهاوية ليست ابتكارا بشريا    

 http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=265&cat=6

المَعلمُ السابع

 مفهومُ الاسلام واهميَّةُ الانتسابِ الى المسلمين

*[ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {33} وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {34} وَمَا يُلَـقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {35} وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّـيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {36} ] فصلت .

مثل الإستعاذة بالله كمثل اللجوء السياسي عند البشر

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=176&cat=3

اذا كان للايمان النظري قاعدةٌ كبرى هي الايمان بالله خالقا وربا للعالمين (الله ربي) بمرجعية ما انزل الله ، واعمدةٌ مثبتة عليها هي الايمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر.. فإن سقفه هو الاسلام التطبيقي الذي لايكون الا لله رب العالمين بمرجعية ما انـزل الله كذلك .

وبهذا نرى ان الايمان النظري بلا اسلام عملي لا يتشكل منه بنيان قائم يُنتفَع به . كما ان أي ادعاء لإسلام تطبيقي عملي لرب العالمين لا يبنى على ايمان نظري بما انزل الله رب العالمين لن يكون الا ( اسلامَ أعراب ) كإسلام المسلمين الزَّبَدي الموروث منذ قرون .

*[ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {14}.. ] الحجرات .

مفهوم الإسلام ومفهوم الإيمان

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=58&cat=5

فاذا علمنا انّ *[ ماأنزلَ اللهُ ] الذي أُمر المؤمنون ان يؤمنوا به ويتبعوه بعد سنة 610/م هو الكتاب الذي انزله الله سبحانه على رسوله الكريم محمد كتابا واحدا ومرجعيةً واحدة ... ادركنا معنى ان ينتسب المسلم الى المسلمين وان يحذر تعدد المرجعـيات التي تجعل الناس مشركين :

*[ ... وَلَا تـَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ {31} مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِيـنَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حـِزْبٍ بِمَا لَدـَيْهِمْ فَرِحُونَ {32} ] الروم .

*[ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّـقُونَ {153} ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ {154} وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {155{... فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ {157}... إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ {159} مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {160} ] الانعام .

اذا كانت الاية 153/الأنعام أعلاه هي وصيةً وتحذيرا موجهيْن اصلا الى مَن قبلنا وصيةً عاشرة في ختام ايات الهُـدى ( الوصايا العشر ) التي وثقها الله سبحانه في الايات (151- 153 ) من سورة الانعام ، وأمرَ رسوله الكريم ان يبينها و يتلوها على اهل الكتاب ... فقد بيّن الله سبحانه وفي موقع هذا النجم نفسه ان هذا الصراط المستقيم للمؤمنين بعد سَنة 610/م هو هذا الكتاب الذي نزله سبحانه مباركا على عبده ورسوله محمد *[ وهو الحق من ربهم {2} ] محمد .

فبعد ذِكر كتاب موسى الذي انزله الله سبحانه ليحكم به النبيون الذين اسلموا والربانيون والاحبار .. يحكمون به للذين هادوا ( 44/المائدة) ... بعد ذلك مباشرة يقول سبحانه مخاطبا الناس بعد 610/م .

*[ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {155 ] الانعام ....

آمراً باتباعه ومحذرا من عدم اتباعه واتباع السُّـبُل . فان عدم اتباعه سبيلا واحدا لله الواحد ينشأ عنه فراغ يؤدي حتما الى اتباع السبل المتفرقة التي تؤدي الى امم متفرقة متنازعة فاشلة يذهب ريحها كما هو واقع المسلمين منذ قرون .

 المَعلمُ الثامن

 *[ لا إكراهَ .. في الدِّين ]

 

*[ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {256} ] البقرة .

*[ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ !! {99} وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ {100} ] يونس .

*[ وَقُلِ : الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً.. {29} ] الكهف  

 

تُقرر الاية الاولى قاعدة رئيسة من قواعد *[ الهدى ودين الحق ] . فإكراه أي انسان على أي شيء محظور ، ومبدأ حظر الإكراه  لا يضمنه إلاّ الدينُ ، دينُ الله ، كتابُ الله ، ولا يضمنه نظام بشري يسهل تعديله حسب الأهواء كما تُعدَّل القوانين والدساتير . وليس النهيُ عن الاكـراه على الدين فقط ، اذن لقال ( لا اكراه على الدين ) فان حرف الجر المتعلق بالاكراه هـو ( على ) .

*[ إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {73} ] طه .

*[ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً.. {33} ] النور .

فيكون مفهوم الاية : في الدين لا اكراه على شيء . فلا يُكره احدٌ على الايمان ولا على البقاء فيه ولا على الخروج منه كما لا يكره على الكفر ولا يكره على الاعتراف بشيء ولا على نكاح ولا طلاق ولا على عمل أي شيء . بل ان النص محكم في ان العقود لا تكون الا بالتراضي ، الّا على ما حَرّم الله عز وجّلَ فلا قيمة للتراضي : 

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً {29} وَمَن يَفْعَلْ ذَلـِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً {30} ] النساء .

فاذا كان عقد شراءِ سلعة وبيعِها بدراهم معدودة لا يكون مشروعا الا اذا تم بالتراضي ، والا كان عدوانا وظلما مؤذنيْن بالتقاتل وسفك الدماء ، فكيف بالعقود بين الحاكم والمحكوم والزوج وزوجه ، والانسان وربه !

قانون حماية المستأجر يُشرعن الإكراه 

  http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=245&cat=3

*****

 اما الاية الثانية ففيها استفهام تعجبي استنكاري ممن يحاولون اكراه الناس على الايمان أو البقاء فيه ، فقد ربط الله سبحانه توقيت ايمان كل نفس تختار الايمان باذنه توقيتا . بل ان الله سبحانه خيّر كل انسان في الاية الثالثة بين ان يؤمن بالحق او ان يكفر متوعدا الذي يكفر بعقاب من عنده لكنه سبحانه لم يُشر ادنى اشارة الى عقاب دنيوي يوقعه الافراد او الحكام على احد بحجة انه اختار الكفر بالحق . او اختار ان يرتد ويخرج من الايمان ، فقد  جعل الله سبحانه حسابه وعقابه على الله :

*[ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {24} إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ {25} ] محمد .

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ... {54} ] المائدة .

*[ ... وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ {108} ] البقرة .

*[ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {177} ] آلعمران  .

بهذا نرى ان ما نُسب الى الرسول او النبي من احاديث كقولهم : امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله ، وقولهم : من بدل دينه فاقتلوه ، هي افتراءات على الله سبحانه وعلى رسوله يفضحها القرءانُ كلام الله وكفى به شهيدا  . أما أبو بكر فقد قاتل المتمردين على الدولة لرفضهم دفع الحق المالي للدولة كما تفعل كل دول العالَم مع الذين يعلنون العصيان المدني . والتبرير التاريخي يبين ذلك : والله لو منعوني عقال بعير لقاتلتهم عليه ...

*****

وقد أُمر عليه السلام بأن يدعو الى سبيل ربه بالحكمة ( حسن التطبيق على نفسه اولا )  والموعظة الحسنة من كتاب الله تعالى وان يجادلهم بالكلمة التي هي احسن وان يستمر على ذلك حتى بعد ان يؤمنوا *[ ليزدادوا ايمانا ] .. *[ ثم لم يرتابوا ] . كما انه أُمر ان يتبع القرءان فقط وليس في القرءان ما يشير الى مشروعية إكراه احد على شيء او مشروعية عقاب يوقعه البشر على البشر لمجرد انهم كفروا بالحق او كانوا كفارا ، فكيف حين يكون العقاب المزعوم هو القتل الذي حدد الله سبحانه حدود مشروعيته في ايات محكمة . وقد امر الله سبحانه الرسول والمؤمنين ان يلتزموا بالقرءان وايات الله :

*[ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ {109}‏ ] يونس .

*[ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ] القيامة .

*[ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {87} ] القصص .

*[ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ {95} ] يونس .

*****

اما الجهاد فقد شرعه الله سبحانه جهادا كبيرا بالقرءان اوّلاً . ولم يُذكر الجهاد الكبير الا مرة واحدة في كتاب الله تعالى يُحذِّر فيها الله سبحانه النبيِّ والمؤمنين ان يتخذوا غير القرءان مرجعا لهم في الدعوة التي تكون جهادا كبيرا بالقرءان فقط ، فقال سبحانه وفي سورة الفرقان التي تفرق بين الحق والباطل . وردا على الذين طلبوا من الرسول ان يبدل القرءان او يأتيهم بكلام غيره قال سبحانه لرسوله النبي الكريم آمرا ومحذرا : 

*[ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً {52} ] الفرقان .

أما الجهاد الكبير بالقرءان فلا بواكي له

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=72&cat=3

اما الجهاد المادي بالقتال فقد شُرع حينما اصبح للمؤمنين قيادةٌ لها ارادة سياسية تملك بها قرار الحرب والسلم . ولم يُشرع بل لم يسمح به والمؤمنون ضعفاء طيلة العهد المكي الذي لم يُؤمَروا فيه بطاعة الله ورسوله . وانما أُمروا بطاعة الله ورسوله كما أُمروا بالركوع ( وهو غاية الخضوع ) .. في المدينة حين أصبح المسلمون مجتمعاً سياديا !!

مفهوم أعطوا ما لقيصر لقيصرمن كتاب الله 

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=68&cat=2

فاذا اضفنا الى آية تحريم الاكراه على أيّ امر وآيةِ وجوب التراضي في المعاملات والعقود ، اضفنا آيةَ تحريم التطفيف التي توجب على المؤمن الّا يرضى لآخَرين ما لا يرضاه لنفسه ... اذا فعلنا ذلك كانت الايات الثلاث هُدى للناس ( الذين قد لا يعرفون التفصيلات ) يُحصّنهم من الضلال والشطط :

*[ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ {1} الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ {2} وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ {3} أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ {4} لِيَوْمٍ عَظِيمٍ {5} يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ {6}‏ ] المطففين

 

والتطفيف هنا مَثل حسي على التطفيف العام الذي يجعل الانسان يتوقع من الناس ان يعاملوه بما يُحبّ لكنه لا يرى ان للناس عليه حقا في ان يعامِلَهم بما يحبون ! وقد ادرك بعض الاقدمين هذا فقالوا في مفهوم التطفيف العام : عامل الناس كما تحب ان يعاملوك !

. ويلٌ للمطففين الذين يكيلون بمكياليْن  

 http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=274&cat=4

 

المَعلمُ التاسع

بديلُ ثقافةِ العنفِ لتغييرِ وإصلاحِ الأنظمةِ الحاكمة

وهو مفخرة النظام الإسلامي الرباني القرءاني

فارجع إليه على الرابط

. بديل ثقافة العنف لتغيير  الأنظمة وإصلاحها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=2&cat=5

 

المَعلمُ العاشر

مفهومُ الوسطيةِ القرءاني يتحقق باتِّباعِ الرسولِ/القرءانِ الكريم

فارجع إليه على الرابط

مفهوم الوسطية القرءاني  يتحقق باتِّباع الرسول/القرآن الكريم

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=17&cat=3

 

*[ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ]

*[ وَءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]

 

محمد راجح يوسف دويكات   

  نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] - فلسطين

 

 



 
 
ما ينشر في هذا الموقع ( ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ) وليس حقا لفرد أو أفراد
2008