4/30/2024
 
 

بحث في الموقع

 
 

 مواضيع مختــارة

 

      

 

     

2/22/2012 5:39:00 PM

عدد القراءات: 12764
عدد التعليقات: 15




11/16/2011 4:08:00 PM

عدد القراءات: 12329
عدد التعليقات: 9


8/27/2010 12:22:00 PM

عدد القراءات: 43735
عدد التعليقات: 1212


8/22/2010 11:38:00 AM

عدد القراءات: 13880
عدد التعليقات: 3





7/26/2010 7:06:00 PM

عدد القراءات: 15016
عدد التعليقات: 4





4/27/2010 1:11:00 AM

عدد القراءات: 14694
عدد التعليقات: 22



     

 

  

  

 
 
 

 

 

مقـــالات

أثر ثقافات الإستهلاك والإستعجال في تفريخ الأزمات الإقتصادية

10/23/2010 3:12:00 PM

عدد المشاهدات:6496  عدد التعليقات: 3
10/23/2010 3:12:00 PM

محمد راجح يوسف دويكات

 

أثر ثقافات الإستهلاك والإستعجال في تفريخ الأزمات الإقتصادية

 

الحـــــــــــــمدُ للّهِ ربِّ العالـــــــــــــــَمين

(1)

مقدَّمة

يتناول هذا المقال ما هو كائن من أثر وما يجب أن يكون ، كما يتناول القدْر المشترك من أثر الثقافة المشتركة بين البشر وثقافة العربي والمسلم على الإستهلاك والمستهلك وعلى الأزمة العامة التي يعيشها العالَم الذي أصبح قرية صغيرة ، بلدانه حارات فيها ، حتي قيل : إن حركة جناحي فراشة في البرازيل قد ينتج عنها إعصار في المكسيك ! كما يتناول هذا المقال ما هو خاص بالمستهلك العربي والمسلم الذي أصبح تابعا ومفعولا به ، لا يملك من أمره شيئا إلاّ مَـن رحم ربي وقليل ما هم .

يقول الله رب العالمين في وصف الواقع الذي عليه البشر كلُّهم بمن فيهم العرب والمسلمون التراثيون اليوم - وأكثرُهم مكذِّبون بئايات الله :

*[ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {41}‏ ] الروم .

 نعم : لعلهم يرجعون بعد ذلك لا محالة إلى الدين القيِّم ، كما يوصي الله سبحانه كلَّ مؤمن بكتابه ، وهم حتى الآن قليل :

*[ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ {43} ] الروم .

واللافت للنظر أن الله سبحانه ذَكر ظهور الفساد في الآية (41) بعد الآية (39) من السورة نفسها التي بيّنتْ مفهوم الربا وأنه المال الذي يربو في المال كالخلايا السرطانية ، بخلاف المال الذي يتزكي حينما ينمو في (بسبب) جهود الناس :

فالنقودُ لا تلد النقودَ ... إنما تلدها الجهودُ !!

والغريب أن تصدُّع (لا دمارَ) الذين أظهروا الفساد في البر والبحر مربوطا بالربا والثقافات الفاسدة ..  ذكره الغربيون بالكلمة أوَّلاً إثر انتخاب الرئيس الأمريكي (43) سَنة 2000 ، ووجدنا أصله عامئذٍ في نبوءةٍ قرءانية في سورة الروم وردت في هذه الآية التي رقمها {43} ، في إشارة إلى حتمية حدوث التصدع في عهد الرئيس الأمريكي الذي رقمه (43) والذي أُعيد انتخابه كما توقعنا ليحافظ على رقمه فامتدت ولايته حتى سَنة 2008 إيذانا بتصدع  قُوى الإفساد والتضليل  العالَمي بين سنتي 2000 - 2008 .

 وتصدُّع الإناء يعني أن يتشقق ليظهر بعض ما فيه من فساد وقد كان خافيا على الناس . لذلك جاء النص القرءاني :( ظهر الفساد : عمّ وشاع ) . فإنّ ما كان يخفيه الإناء كان فاسدا بل هو الفساد نفسه . ففساد النظام الرأسمالي انعكس على أهله ، ولكن قوّتهم الإقتصادية والمالية كانت تغطي على فسادهم حتى تصدع النظام فظهر فسادُهم وضعفهم حقيقة . وما لم يتداركوا أنفسهم بالرجوع ألى نظام الله في كتابه القرءان الذي من آمن به فقد آمن  :

*[ بالكتابِ كُـلّه ] All in on

فإن مصيرا ينتظرهم كمصير من سبقوهم الذين ظهر فيهم الفساد عبر التاريخ . لذلك قال :  *[ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ] . وأظنهم – بأمر الله - سيفعلــون !!!

بشرى لأهل الكتابين بيوم الجمع  لا ريب فيه

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=80&cat=6

 ويبدو أن الإعصار الإقتصادي المشهود – وهو ضربة من ربِّ العالَمين على الجيوب - هو بعض آلام المخاض التي سيرى العالَم بعدها مولودا جديدا على شكل نظامٍ رباني نظيف يَرجع البشر إليه ليحل محل الأفكار الموروثة الفاسدة المتصدعة ، وكلها أفكار بشرية عرجاء أهملت دوْر الله سبحانه في كوْنه الحي القيوم *[ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ.. {84} ] الزخرف ، حتى أوصلت العالَم إلى الأوضاع المأساوية التي يعاني منها . 

والأغرب أنّ مجموع حروف الآيتين {1+2} من سورة الفيل الذي اعتمده الحزب الجمهوري رسميا شعارا له هذه السنة 2008 .. أنّ مجموع حروفهما المكتوبة هو {43} حرفا( لذلك جاءت كلمة أصحاب بدون ألف ممدودة لينطبق العدد ) .. وأن الآيتين تتحدثان عن أن الله جعل ( كيدهم في تضليل ) ، لينسجم هذا مع إنشاء وزارة الخارجية عندهم (دائرة التضليل السياسي) سنة 2004 ، ليكون التضليل من الفساد الذي ظهر في البر والبحر عندهم وعند غيرهم ! فسبحان الله العظيم :

*[ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحبِ الْفِيلِ {1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ؟؟!! {2} ] الفيل .

(2)

فما هو الفسادُ الإستهلاكي غير الراشد الذي أصبح ظاهرا فاشيا  ، وإلامَ يرجع الناس لإصلاح الثقافة والممارسة الإستهلاكية الربوية الفاسدة الظاهرة عندنا وعند غيرنا ، والتي هي المسئولة عن الأزمة الكبرى التي أطلت برأسها مؤخرا على شكل إعصار (تسونامي) اقتصادي مالي ضرب دول العالم الغنية بعد أن مُهِّدَ له بموجة عارمة من الغلاء الفاحش ؟

لا بُد أن نشير بداية إلى أنّ الإنسان خلقه الله سبحانه ليعمُر الأرض عمارة مادية ( العمارة الإنسانية ضامنٌ لها ) بالوكالة عن الله ربِّه الذي سيدفع له أجره متناسبا مع ما ينجزه من هذه المهمة التي تتحقق بنوعين من النشاطات : (1) النشاط الإنتاجي ، (2) والنشاط الإستهلاكي اللذيْن يرتبطان ارتباط البيضة والدجاجة . فالإستهلاك لا يكون إذا لم يسبقه ويواكبْه انتاج ، والإنتاج لن يستمر إذا لم يكن استهلاك . لكن السؤال هو : أيُّهما يجب أن يُعطى أولويةً في الإهتمام ؟

الصلاحية المادية لعمارة الأرض والصلاحية للحياة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=71&cat=5

مع الأسف سادت ثقافةٌ عندنا بأولوية الإستهلاك على الإنتاج حتى بتنا نستجدي رغيف الخبز ونعطل قرابة نصف السنة ونقول هل من مزيد ؟؟ . من هنا شاعت ثقافة الإقتراض (عندنا وعند غيرنا) التي هي عرَض من أعراض مرض الإنسان المُزمنِ والقاتل : الإستعجال ، حتى أصبح الإقتراض سرطانا فتك بالمجتمعات وظهرت بداية آثاره على شكل انهيارات في مؤسسات مالية كبرى حين أساء البشر تقدير قدراتهم على سداد ما اقترضوه بسبب سوء تقديرهم للأولويات وبسبب استعجالهم ، حين قدموا الإستهلاك على الإنتاج ، أي أنهم حاولوا أن يستهلكوا نظريا ما لم ينتجوه عمليا ظانين أنهم بسياسة ( تلبيس الطواقي ) سيحلون المشكلة إلى الأبد ! مع أن الحس الفطري السليم عند العامة في غير ضروريات الحياة يقول ( إللي معوش بلزموش) و (على قدر فراشك مد رجليك) !

(3)

علاقة ثقافة الإستهلاك وثقافة الإستعجال

بثقافة التقليد

الذي لا يكون إلاّ أعمى

ربما لم يربط أحد بين كلمة (استهلاك) وكلمة (هلاك) علما أن جذرهما واحد (هَلَكَ) الذي يفيد انتهاء الحياة بسبب استنفاد (استهلاك) مقوماتها . والغريب أن الكلمة العربية (إستهلاك) تتفق في مفهومها السلبي مع الكلمة الإنجليزية  consumption  التي تعني استهلاك واستنفاد المواد والطاقات ، حتى أُطلقت الكلمة على مرض يُهلك صاحبه هو (السّـل) الذي يسُلُّ العافية من جسد المريض به ويستنفد طاقاته حتى يُهلكه .

وترتبط ثقافة الإستهلاك بثقافة الإستعجال إذ يجمعهما حلف غير مقدّس . فبسبب استعجال الكسب الذي لا يكون إلا حراما فيُغري بالإستهلاك (الإنفاق) الحرام .. دمر أفرادٌ بل دَمرت دولٌ وإمبراطورياتٌ نفسَها حين عجزت سياسة (تلبيس الطواقي) ممثلةً في حُمى الإقتراض الذي يغري بكثرة الإستهلاك .. عجَزت عن حلّ المشكلات ! لذلك شاع عند الناس المثَل ( إذا بالدَّين خذ رطلين !) . وهذا المثل الشائع مطبق في الواقع عندنا وعند غيرنا .

 

والإقتراض ليس المظهر الوحيد للإستعجال الذي لا يكاد يَسلم من درجة أو أُخرى منه أحد : فالسارق مريض بالإستعجال ، والغشاش مريض بالإستعجال ، والذي يتاجر بالممنوعات المؤذية للناس مريض بالإستعجال ، والتاجر الذي يتاجر بالبضائع الرديئة لأن ربحه فيها أكثر هو مريض بالإستعجال ، والذي يخون أُمته لقاء مكسب يظنه سهلا هو مريض بالإستعجال ، والسائق أو الماشي الذي يتجاهل أنظمة السير مريض بالإستعجال ، ومُسوق البضاعة الذي يكذب على الناس من أجل تسويقها هو مريض بالإستعجال . والصانع الذي لا يعطي مصنوعه حقه من الوقت ليكون متقنا استعجالا ً للكسب غيرِ المشروع هو مريض بالإستعجال .... !

 

ومع أن كتاب الله القرءان ينهى عن الإستعجال بصور متعددة ويُثنى ثناءً كثيرا على الصبرِ نقيض الإستعجال ، حتى أعتَبر الصابرين ناجحين دونما حاجة لتدقيق أوراق امتحانهم لأنهم نجحوا في أهم وأخطر سؤال في أوراق امتحان البشر : سؤال الصبر : *[ ..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {10} ] الزمر ..

.. إلاّ أن العرب والمسلمين ربما كانوا أكثر الناس استعجالا وأقلهم صبرا وأقلهم إتقاناً وإنتاجا ، ومع ذلك أحبَّهم للكسب السريع والتقليد الذي لا يكون إلاّ أعمى . وواقعهم المخزي يشهد بهذا .

والتقليد عند المستهلك العربي والمسلم التراثي الذي عطل به عقله هو مرض مزمن صار مرضا جينيا مضى عليه أكثر من ألف سنة حتى جعله يقلد الأموات والأحياء على السواء ، مُعرضا عن قول ربه في أموات النبيين وهُم صفوة البشر :

*[ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {134}‏ ] البقرة .. ومُعرضا عن قول ربه في تحريم اتِّباع أحياء البشر ( فكيف بتقليدهم) حتى لو كانوا صالحين ، ووجوب اتِّباع ما أنزل الله  :

*[ اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ {3} ] الأعراف .

والمستهلك العربي والمسلم من الأوّلين الذي وعى كلمات ربه كان واثقا بنفسه لأنه كان واثقا ومؤمناً بربه . لذلك كان شعاره وهو يقود العالَم :

ترى الناسَ ما سِرنا يسيرون خلْفَنا : وإن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا !

ولكنه اليوم لقلة ثقته بنفسه وبربه يرى أنّ ما فعله ويفعله الآخَرون هو الصواب : في الطعام والشراب واللباس بأزيائه التي لا معنى لها ، وفي مناسبات الأفراح والأتراح . فتراه يُحمّـل نفسه فوق طاقتها بالإسراف في الإنفاق في الأعراس ، فقط لأن أحد الناس أو بعضهم عمل كذا ، كأن يستقدم (حدّاءً) يدفع له في يوم واحد ألف دينار أو أكثر لمجرد أن يقال عنه ذلك بينما شريط مسجل يحقق الغرض  ، أو أن يدعو أعدادا كبيرة من الناس رجالا ونساءً إلى صالة وما يتبع كل هذا السرف على الأغلب من ديون ومشكلات . وقلما نسمع أن أحدا قرر أن ( يُعلّقَ الجرس ) ويبادرَ إلى أمر فيه ما ينفع الناس :

 كأن يُعلن بادئا بنفسه إلغاء تقليدِ (النقوط) ، وتقليدِ استعمال السماعات لإزعاج الناس ، وتقليد دعوة أعداد كبيرة من الناس في الجاهات والأعراس ، والإكتفاء بالأقارب وقلةٍ من الأصحاب

أما في الأتراح فالتقاليد البالية والمكلفة كثيرة ، وعلى رأسها فتح بيوت العزاء ثلاثة أيام كاملة ، وتقديم التمر والحلويات وإقامة المآدب . وهذه تقاليد فاسدة ليس لها معنى ولا أثر إلاّ مساهمتها في خلق الأزمات الإقتصادية .

(4)

الحاجة إلى مؤتمرات في المدن

لإقرار وثيقةٍ

لتسويق ترشيد الإستهلاك والسلوك

في 14/4/2008 ، صدرت عن أهل السلط في الأردن وثيقة تدعو إلى الإنقلاب على العادات الإستهلاكية ، من أجل ترشيد الإستهلاك في مجالات مختلفة . وأهلُ هذه المدينة المنكوبة والمحاصرة (نابلس) أولى أن يبادروا إلى عقد مؤتمر للإتفاق على مواقف غير سياسية ( لتعذر الإتفاق على هذه في الوقت الحاضر) تدعم الدعوةَ إليها وتطبيقَها بالقدوة الحسنة قياداتُ البلد الراشدة – إذا وُجدت - بدلا من بقاء الناس ( فوضى لا سراة لهم ) ، فتدرس وثيقة السلط وتأخذ منها الإرشادات المشتركة وهي كثيرة ، وتعدل فيها حسب الوضع الخاص للمدينة ، آخذةً بعين الإعتبار العادات الإستهلاكية والسلوكية الضارة التي أهمّها  كثرة الإستهلاكِ (الإسراف) المُؤذِن بالهلاك :

أ. الإسراف في الأكل والشرب : أدّى شيوع ثقافة استهلاك المواد الغذائية  والإسراف فيها إلى الإرتفاع الحاد في أسعارها مؤخرا . ولم يكن هذا مفاجئا . فهناك إسراف في استهلاك الطعام والشراب يتجلى في السُّمنة التي كانت تعتبر في ثقافتنا البائدة دليلا على الصحة حتى سُمي السمين (ناصحا !) . ومع الأسف لم تؤثر في الناس الثقافة القرءانية التي تدعو إلى عدم الطغيان في الأكل بنصٍ شديد اللهجة :

*[ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى {81} وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى {82} ] طه .

أنظر إلى ما يكتبه أصحاب المطاعم ومحلات الحلْوَيات على أبواب محلاتهم *[ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ] لتشجيع الناس على الشراء والإستهلاك بأيِّ ثمن متناسين الإنذار الرباني شديد اللهجة بعدها *[ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ] .

والطغيان في الطعام كالطغيان في أيّ شيء هو تجاوز الحد الذي ينفع الناس إلى ما يضرهم . وقد أنذر اللهُ الذين يطغَون في الطعام بأن يحل عليهم غضبه . ومن مظاهر غضب الله أن تغلو أسعار الطعام غلوا فاحشا بحيث يشق على كثيرين الحصول عليه . والمستهلك العربي والمسلم التراثي يخالف أمر ربه علنا حين يطغى في تناول الطعام وخاصة في المآدب العامة ، متخذا شعاره فيها (إللي ببلاش كثّر منه) ، فيضطر صاحب الدعوة أن يُعد كمية من الطعام أكثر من حاجة المدعوين تحت تأثير دعاوى الكرم الحاتمي والخوف من أن يُتهم بالبخل إذا لم تفِ كمية الطعام بحاجة مدعووين نهِمين ، مُلقيا في النهاية بما يتبقى من طعام في مكب النفايات .

 

 لذلك وضع  الله سبحانه لتناول الطعام وخاصة في المآدب العامة أدبا أشار إليه إشارة لطيفة في قوله سبحانه ( فإذا طعِمْتُم فانتشروا ) . وقولُه سبحانه (طعِمتم) وليس (شبعتم أو اكلتم) يفيد أكل كمية قليلة من الطعام في المآدب العامة خاصة ، وكأن الطاعِم يتذوق الطعام . ومن اللطيف أن نسمي ما يُؤكل طعاما وليس غذاءً  لنذكر الناس المدعوين أنهم مدعوون إلى (طعام) عليهم أن يَطْعَموه لا أن يهتبلوها فرصة يملؤون فيها بطونهم كما يفعل أكثر الناس في مثل هذه المناسبات حتى رويت عن بعضهم مأثورات كقولهم (إذا حضر العَشا والعِشا فابدأوا بالعَشا) : إي ابدأوا بالطعام قبل صلاة العِشاء لقلة صبرهم عنه !!! .

فإن قال قائل : لعلهم لم ينتبهوا إلى إشارات النصوص القرءانية ، قلنا فما بالهم نسوا الموروثات التراثية : حسبُ ابن آدم لقيماتٌ يُقمن صُلبه ! والمعدة بيت الداء ! وما ملأ ابن آدم وعاءً شرا من بطنه !            

ولعل هذا الغلاء المتصاعد في أسعار الطعام هو من مظاهر غضب الله الذي حلّ على الناس عندنا وعند غيرنا بسبب إسرافهم بل طغيانهم في الأكل والزينة مخالفين أمر الله :

*[ يَا بَنِي آدَمَ : ( خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ) وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {31} ] الأعراف .

والملاحظ أن الله سبحانه ربط في آية واحدة بين الإسراف في الزينة - ومنه الركض وراء الألبسة وأزياء السفاهة التي أخذتها كثير من نسائنا عن الأجانب حتى شاعت عندنا مقولة (إفرنجي برنجي) - وبين النهيِ عن الإسراف في الأكل ، ربما ليذكرنا بالخلل في موروثنا الثقافي القائل ( مُرَّ عن عدوك جوعان ولا تمر عنه عريان ) ، مع أن العاقل يدرك أن الخير في التوسط الذي نزعم أننا أهله دون أن نعي معناه من آية تتوسط سورة البقرة :

 *[ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ..{143} ] البقرة :

مفهوم الوسطية القرءاني  يتحقق باتِّباع الرسول/القرآن الكريم

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=17&cat=3

فكيف سنشهد على الناس بما لم نعرفه ولم نمارسه ؟! وإذا شهد علينا الرسول (عليه وعلى إخوانه الرسل السلام ) أننا لا نصلح للشهادة .. فعن أيّ دين نتحدث ؟

 

ب. الإسراف في الشهوة الجنسية : من أسباب الإعصار المالي الذي يعصف بالبشر الإنفاقُ على (1) مثيرات الشهوة الجنسية مع أن أكثر البشر بحاجة إلى ما يُهديء هذه الشهوة ويحد منها ومن آثارها المدمرة ، لا إلى ما يُثيرها :

فطرة حفظ الجنس البشري  

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=217&cat=5

وكذلك (2) الإنفاق على معالجة الأمراض التي على رأس أسبابها الطغيان في الأكل ( التخمة) والطغيان في ممارسة شهوة الجنس التي تستهلك الجسد والدماغ ، مع ما ترتب على الطغيانيْن وخاصة طغيان شهوة الجنس من مأسٍ وويلات على الصعيد الصحي والقِيمي .

فإن أغلى أنواع العلاج هو علاج المصابين بمرض الفاحشة والطغيان الجنسي ( الإيدز) وكذلك النوبات القلبية والجلطات الدموية التي من أهم أسبابها الطغيان في الأكل والأطعمة الدهنية والسكريات ، والطغيان في الجنس .

*****

ومن المفارقات أن الغربيين الذين أطلقوا اسم ( الغريزة الجنسية ) على ما أسميناه (الباه) تورية لاسم (النكاح) ، قصدوا من حيث يدرون ولا يدرون أن يُذكِّروا بحقيقة أن هذه الغريزة صُممت فعلا في الإنسان من أجل المحافظة على جنسه ، وما اللذة المرافقة إلا دافعا يدفع الإنسان رغما عنه إلى المحافظة على جنسه بالتناسل الذي هو نتيجة شبه حتمية لإشباع هذه الغريزة ... فمن المفارقات أن الغربيين هم الذين أغرقوا العالَم كله في سُعارِ طوفان الجنس ، وهيؤوا للبشر كل الأسباب التي تشجع عليه بل على المزيد منه وتابَعتْهم في هذا أكثر وسائل الإعلام الهابط وأخص الفضائيات .

تساءلتُ مرة وأنا أرى الوحوش تأكل الجيف المتعفنة ولا يصيبها المرض خلافا للإنسان ، ووجهت السؤال لطبيب فلم يجب . قلت له إن السبب -  والله سبحانه أعلم - هو أن الحيوانات كلها تلتزم بمفهوم الغريزة الجنسية فلا تمارسها على الأغلب إلاّ مرة في السنة بينما يُسرف أكثر الناس فيها . لذلك ظلت مناعة الحيوانات ضد الأمراض قوية وضَعُف الإنسان *[ .. إنّه كانَ ظَلوماً جَهولا {72} ] الأحزاب .

 

ومع الأسف الشديد فإن نغمة العزف على أوتار الشهوة لقيتْ عند العرب والمسلمين آذانا صاغية وافقت موروثهم الثقافي غير القرءاني الذي جعلوا به القدرة الجنسية دليلَ فحولة حتى جعلوا مسألةَ تعدد النساء البغيضةَ عند أكثر البشر .. جعلوا منها ماركة مسجلة Trade mark خاصة بالمسلمين ، خلافا لأمر الله الذي لم يفهموه والذي تُثبته النسبة الربانية المتقاربة بين الرجال والنساء في كل بلدان العالم ، في إشارة إلى أن الأصل : رجل واحد له امرأة هي زوجة واحدة ، وأن التعدد هو استثناء مشروط بمصلحة يتامى أوّلاً (3/ النساء) :

تعدد النساء في كتاب الله العظيم

  http://kuno-rabbaniyeen.org/Default.asp?page=details&newsID=12&cat=4

ومع الإشارات القرءانية للناس من إلهٍ ورب خبير بخلقه باستحباب التوسط في هذا الأمر كما في غيره إلاّ أن الموروث الثقافي عند أكثر العرب والمسلمين يوحي بخلاف ذلك . أقول (أكثر) لأننا لم نعدم مَن نصحوا للناس بالتوسط في هذا الأمر وبشكل لطيف ينم عن أدب ومعرفة بَعيديْن عن الفُحش في القول . فقد سأل أحدُ الناس بعضَ العارفين عن الباه (يقصد عدد الممارسات) فقال له : هو نور عينيك ومُخُّ ساقيك فأقِلَّ منه أو أكثِرْ !!

والصحيح أن عقلاء البشر يعرفون هذا ويعلمون أن أكثر ما يدمر الجسد مُضعِفا مناعته ، ويُضعف قدرته على العقل ، ويَذهب بالذاكرة إنما هو الإسراف في الممارسة الجنسية .

ولا تتسع هذه العجالة لتفصل التوجيهات الربانية التي تناسب الفطرة السوية وتعين الإنسان على التوسط المحمود المأمون بتقليل الإثارة حتى لا نكون كمن :

ألقاه في اليم مكتوفا وقال له : إياك ! إياك أن تبتل بالماء !

(5)

النظام الربوي الرأسمالي ومكملاته من المضاربات والبيوع الوهمية

هو من أسباب الفساد الإقتصادي المقامرات التي دمرت كثيرين عندنا وأكثرَ عند غيرنا : فقد كان هذا النظام الحاضنةَ لكل ما شهده العالَم ويشهد آثاره المدمرة من فساد وخداع وتضليل ولصوصية وتبييض أموال ، والذي يقوم على التوسع بل الطغيان في الإقراض والإقتراض والإستثمار المشبوه استعجالا للكسب غير المشروع ، دون أن يتعلم إلاّ القليلُ من ملايين الناس الذين وقعوا في الفخ  الحكمةَ الإنجليزية البسيطة عن المكاسب المغرية المدمرة التي يجب أن يتوقف عندها العاقل متشككا :

too good to be true !!

وقد أكدها القرءان الكريم بقول الله محذرا من المكسب السهل المحرم :

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ.. {94} ] المائدة

وقد قرأت مؤخرا على موقع الكتروني مثلا مبسطا على المضاربات المالية بالأسهم التي ذهبت بمدخرات المستهلكين الذين أهلكهم استعجالهم وعدم إعمالهم عقولهم . لذلك وصَفهم خالقهم سبحانه :

*[ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا {44} ] الفرقان ..

أنقله هنا ببعض التصرف :

خبير مالي ُطلب منه أن يُبَسّط للناس العاديين أسباب الكارثة التي حصلت في أسواق ‏الأسهم ، ‏ فقال : ذهب رجل إلى قرية ‏نائية ، عارضاً على سكانها شراء كل حمار لديهم بعشرة ‏دولارات .‏ ‏فباع قسم كبير منهم ‏حميرهم ، بعدها رفع السعر إلى 15 ‏دولاراً فباع آخرون ، ‏فرفع سعره إلى ثلاثين ، حتى نفِدت الحمير من القرية .. عندها قال لهم وقد عرف أنه لم يعُد عندهم حمير: أدفع 50 ‏دولاراً لقاء الحمار الواحد ، وأعطاهم فرصة للتفكير .‏ ‏وذهب لتمضية عطلة نهاية ‏الأسبوع في المدينة. ثم جاء مساعده ‏عارضاً على أهل ‏القرية أن يبيعهم حميرهم السابقة بأربعين دولاراً للحمار الواحد ، على أن يبيعوها ‏مجدّداً لسيده بخمسين دولارا يوم الاثنين ، فدفعوا كل مدّخراتهم ثمناً لشراء حميرهم ، ومن لا يملك مالا اقترض ‏واستدان على أمل تحقيق مكسب سريع . بعدها لم يروا ‏الشاري ولا مساعده أبدا . جاء الأسبوع التالي وفي ‏القرية ‏شيئان : ديون ، وصنفان من ‏الحمير !!

*[ قُلْ صَدَقَ اللّهُ ] : *[ يمْحَقُ اللّهُ الرِّبــــا ]

 

*[ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي

وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى {81}

وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى {82} ] طه .

 

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] –  فلسطين

 

ملحق بالبحث

 

صورة عن وثيقة السلط

الداعية إلى

ترشيد الإستهلاك والسلوك الإجتماعي

دفعت موجة ارتفاع الأسعار في الأردن بعشائر أردنية إلى الانقلاب على الكثير من العادات والتقاليد التي كانت حتى عهد قريب جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لهذه المنطقة . فقد أصدرت نخبة من أبناء مدينة السلط  وثيقة جديدة طالبت أهالي المدينة بالانقلاب على الكثير من العادات والتقاليد غير المبررة ، أو التي يمكن الاستغناء عنها ، تفاعلا فيما يبدو مع التحديات الإقتصادية التي فرضتها موجات إرتفاع الأسعار العامة .
ومالت الوثيقة الجديدة لنظرة تفصيلية تؤسس هذه المرة لانقلاب فكري وعملي علي منظومة متكاملة من العادات والتقاليد السلبية التي ترهق المواطنين اقتصاديا وعصبيا ولا تنسجم مع روح العصر بهدف التطوير نحو رؤية جديدة لقيم الاخوة والرحمة والتضامن وتحريك الركود الاجتماعي ، نقتطف منها بتصرف :

 1.  يكون الحد الأعلى لعدد المناسف في مناسبات الأفراح أو الأتراح  10 مناسف فقط على الأكثر، وتقديمها بالصحون بدل أكلها بالايدي  بحيث يمكن للمنسف الواحد أن يكفي عشرين شخصا بدلا من أن يُلقى بأكثره في النفايات !!!
2. تحديد لبسة الذهب بألفي دينار للعروس واعتبارها الشبكة والمهر في آن معاً.. وإلغاء توابع المهر من أثاث وسواه .. وتحميل اهل العروس جزءا من مستلزمات بيت الزوجية بدلا من نقوط العروس                                   .                             
3.  إلغاء عادات مكبرات الصوت نهائيا والغاء عادة زفة السيارات وعدم اطلاق أي زمامير أو عيارات نارية ومفرقعات .

4. إلغاء عادة تقديم السجائر والتمر والتخفيف من اللجوء للفنادق لإقامة الأفراح.
5.  إلغاء عادة النقوط (هدية نقدية للعرسان)..  وما ينطبق على الزواج ينطبق على ممارسات الطهور والتخرج بكل انواعه وكل المناسبات السعيدة..

6. إلغاء الجاهات الكبيرة وقصرها على عدد محدد من أهل العروسين بقصد التعارف ، وإلغاء مناسبة الحناء للعروس وكذلك استئجار فساتين الزفاف بمبالغ باهظة على أن يحل محلها ما يمكن الإنتفاع به .

7. ألإبقاء على عادة توديع واستقبال الأقارب للحاج في بيته فقط والغاء نقوطه والولائم بعد عودته من اداء الفريضة والهدايا.

8. منع زيارة المرضي في المستشفيات وقصرها في البيوت على المقربين ، والاكتفاء بالاتصال الهاتفي عبر ذوي المريض .
9. وفي حالات الوفاة تقرر اختصار عدد المتلقين للعزاء على أهل المتوفى فقط والغاء عادة التقبيل وان يكون العزاء  لثلاثة ايام تبدأ من يوم الدفن كاملا  وفي اليومين التاليين في المساء فقط .. بحيث يبدأ بعد العصر ويغلق العاشرة مساءً.. كما تقرر إلغاء الاسبوعيات والسبتيات والاربعينيات والدلايل ، والتوقف عن قبول العزاء في اي عيد بعد الوفاة والغاء الحداد ووقف المبالغة في نشر التعازي في الصحف .



 
 
ما ينشر في هذا الموقع ( ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ) وليس حقا لفرد أو أفراد
2008