4/29/2024
 
 

بحث في الموقع

 
 

 مواضيع مختــارة

 

      

 

     

2/22/2012 5:39:00 PM

عدد القراءات: 12764
عدد التعليقات: 15




11/16/2011 4:08:00 PM

عدد القراءات: 12329
عدد التعليقات: 9


8/27/2010 12:22:00 PM

عدد القراءات: 43734
عدد التعليقات: 1212


8/22/2010 11:38:00 AM

عدد القراءات: 13879
عدد التعليقات: 3





7/26/2010 7:06:00 PM

عدد القراءات: 15016
عدد التعليقات: 4





4/27/2010 1:11:00 AM

عدد القراءات: 14693
عدد التعليقات: 22



     

 

  

  

 
 
 

 

 

خطب جمعة

خيرُ تحيةِ بَشَرٍ لبشرٍ : السَّلامُ قولاً و المصافحةُ رمزاً

11/4/2010 1:37:00 AM

عدد المشاهدات:5482  عدد التعليقات: 4
11/4/2010 1:37:00 AM

محمد راجح يوسف دويكات

 

  

خيرُ تحيةِ بَشَرٍ لبشرٍ : السلامُ قولاً  و المصافحةُ رمزاً

فلا تقبيلَ ولا مُعانقةَ إلاّ بين الأزواجِ

 

الحمدُ لله ربِّ العالَمين

 (1)

بيانُ العنوانِ من آيات القرآن

*[ وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً        {86}‏ ] النساء .

ثم بيَّن أن التحية القوليةَ التي يوصي بها الله مباركةً طيبةً هي السَّلامُ التي تشترك مع دين الله الإسلامِ في ستة أحرف من سبعٍ ، علاوةً على أن السَّلامَ اسمٌ من أسماء الله الحُسنى (23/الحشر) ، وهو ماءُ حياة المجتمعات كما أنّ العدل هواؤها .

*[ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون {61} ‏] النور .

*****

*[ فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ ] : أيْ فسلِّموا على مَن ذُكر في الآية ممن هم مِن أنفسِكم : آبائِكم ، أُمهاتِكم ، إخوانِكم ، أَخواتِكم ، أعمامِكم ، عماتِكم ، أخوالِكم ، خالاتِكم (بالجمع) أو صديقِكم . ولم يقل أصدقائِكم ، ربما في إشارة إلى الصديق الحميم الذي وردَ مرة أُخرى بعد جمْع :

*[ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ {100} وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ {101} ] الشعراء .

فالصديقُ يكون واحدا تجده عند الضيق (أمّا المؤمنون فإخوةٌ) ، وكثرةُ الْخُلَطَاءِ (الشِّلَلية) تجرُّ إلى المشاكلِ التي يُشير إلى بعضها نبأُ الخصم إذ تسوَّروا على داود المحراب ، فأنطقه اللهُ سبحانه :

*[ .. قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ  .. {24} ] ص .

فطرة حفظ الجنس البشري  

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=217&cat=5

وربما التقط هذه الإشارةَ الشاعرُ الذي قال :

عدوُّك من صديقك مُستفادٌ : فلا تستكثرنَّ من الصِّحابِ !

*****

*[ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً {74} أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً {75} ] الفرقان .

قوله سبحانه *[ تَحِيَّةً وَسَلَاماً ] : عطْفٌ للخاص على العام ، فالتحية القوليةُ أنواع ولكن خيرها السلام .

*[ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ {9} دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {10} ] يونس .

مِن عقْل/ربْطِ آيات الله هذه بعضِها ببعض وبواقع البشر نخلص إلى ما يلي :

(2)

ككلِّ آلِيّات التواصل بين الناس وبينَهم وبين ربهم ، يُعبَّر عن التحية بالقوْلِ والرَّمْزِ . والرمز هو حركةُ البَدَن أيْ الإشارةُ بأعضاء الجسد كاليدين والعينين والشفتين والرأس والرِّجلين ..) :

*[ .. فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26} فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً {29} ] مريم .

*[ قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ {41} ] آل عمران .

فالرمزُ كلامُ يُعبَّر به عن معاني ، والصُّمُّ البُكمُ يتكلمون بالإشارة الرمزية . وحتى البهائم تتكلم بالرمز وبالصوت :

إنّ الكلاب إذا رأتْ ذا هيئةٍ : هشّتْ إليه وحرّكتْ أذنابَها

         وإذا رأت يوما فقيرا مُعدما : نبحتْ عليه وكشرتْ أنيابها

*****

ويمارس البشر مئات التحيات فيما بينهم قولا ورمزا ، منها :

أ. التحيةُ القولية عند المسلمين *[ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ ] ، يُحيَّى بها المسلمُ وغير المسلم  :

*[ وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {54} ] الأنعام .

*[ .. وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {54} وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ {55} إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {56} ] القصص .

وقد تكون التحية القولية بكلمة (سلامٌ  أو سلاما) فقط :

*[ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ {24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا : سَلَاماً قَالَ : سَلَامٌ ، قَوْمٌ مُّنكَرُونَ {25} ] الذاريات .

*[ سلامٌ : قولاً من ربٍّ رحيمٍ {58} ] يس . *[ تحيتُهم فيها : سلامٌ ] .

والتحية القولية بكلمة (سلامٌ  أو سلاماً) فقط تَصلح كذلك لازِمةً ذات معنى تُفتتح بها الإجابة بدلا من : حسنٌ ، حسناً ، بالتأكيد ، في الحقيقة ، يعني ... وهي كلمات لا معنى لها غالبا !

 

وقول السلامِ *[ سلامٌ : قولاً من ربٍّ رحيمٍ {58} ] يس ، هو تحيةٌ مباركة طيبة من عند الله (61/النور) الذي مِن أسمائه الحُسنى السلامُ المُؤمِنُ الذي يَمنح الأمنَ (23/الحشر) . وهي تحية الله سبحانه لرُسله *[ وسلامٌ على المُرسَلين {181} ] الصافات . وهي تحية الله ورسوله للمؤمنين بئايات الله (54/الأنعام) أعلاه ، وهي تحية أهل الجنة *[ .. خالدينَ فيها بإذنِ ربِّهم تحيتُهم فيها سلامٌ .. {23} ] إبراهيم . وهي تحية الملائكة لأهل الجنة :

*[ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ {22} جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ {23} سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ {24} ] الرعد/التغيير .

*****

ب. أما التحية الرمزية الشائعة المشتركة بين المسلمين وبين أكثر البشر فهي المُصافَحةُ بيد ممدودة ترمز أصلاً إلى السلامِ مفهوماً وقولاً . والمصافحة على صيغة المُفاعلة والمُبادلة أصلها القرآني (الصَّفْحُ) الذي يسبقه (1) العفوُ ، وتتلوه (3) المغفرةُ ليكون بها الصفحَ الجميلَ :

*[ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {13} ‏] المائدة .

فمن قال : قد عفوتُ ، ومد يده مصافحا فقد عفا وصفح . فإن أضاف إلى الصفح المغفرةَ بطلبِها للمسيء من الله – كما أوصى الله (أ) الدعاةَ (ب) والأزواجَ والآباء - فقد تمَّ الأمر وصار الصفح جميلا . ولا يحتاج البشر إلى أكثر مما شرعه الله . أما المعانقة والتقبيلُ فقد تكون ستارا للغدرِ وسببا إلى سلوكياتٍ أطاحت برؤوس ، حقيقةً و حُكماً !

*[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن (1) تَعْفُوا (2) وَتَصْفَحُوا (3) وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {14} ] التغابُن .

مفهوم الفتنة وأصنافها

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=159&cat=3

ولم يَذكر الله سبحانه في كتابه العظيم (السماحة) ولا أيّا من مشتقاتها !! فقد علِم سبحانه أن البشر سوف يستعملونها بشكل ممجوج ينِمُّ عن جهلهم بكتاب الله . وإنما ذكَر (الحِلْمَ) :

القرءان ذكر الحلم ولم يذكر التسامح

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=167&cat=4

وذكَر *[ هجْراً جَميلاً ] و *[ صبْراً جَميلاً ] ]  و *[ سَراحاً جميلاً ]

وذَكرَ*[ الصَّفْحَ الجميلَ ] مُعرَّفاً

*****

فلتقليل الإحتكاك عند استحالة أو صعوبة التواصل مع الناس حين يُدعوْن إلى التغيير بدايةً ، نزل أمرُ الله إلى الرسول الكريم والدعاةِ الممسكين بالكتاب من بعده أنْ يصبروا صبراً جميلاً ويهجروا المُعرضين هجراً جميلاً :

*[ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً {9} وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً {10} ] المزمِّل .

الجهاد والهجرة في الله .. والجهاد في سبيل الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=115&cat=5

ويكون الهجر جميلا إذا كان بلا أذى : فلا تَـرُدَّ على المسيءِ بأذى ، بل إنسَ (دعْ) أذاه لك .

*[ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً {48} ] الأحزاب

الدبلوماسية الهادئة نتعلمها من القرآن

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=250&cat=4

ويكون الصبر جميلا بالإستعانة بالله وحده وبلا شكوى إلاّ إليه :

*[ وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ {18} ] يوسف

*[ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {86}‏ ] يوسف .

ولما استعان يوسف الصدّيق بالسجين استعجالاً للفرج ، طالبا منه ذِكرَ ما حدث عند سيده (1) ناسيا أن عليه أن يتوكل على الله ربِّه وأن يطلب منه .. فقد (2) أنسى الشيطانُ السجينَ أن يذكره عند ربه/سيدِه ن كما أنسى يوسفَ ذِكرَ ربه .. فلبث يوسف في السجن بضع سنين . ولو وكل أمره إلى الله لفرَّج عنه كرْبه في مدة أقصرَ  :

*[ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ {42} ] يوسف .

(3)

الصَّـفْحُ الجَمـيلُ هو أصْـلُ المصافحةِ : رمزاً للمُسالَمةِ

لمّا كان البشر – حتى وقتٍ قريبٍ - يعيشون صراعاتٍ وغزواتٍ وحروباً مستمرةً فإن مفهوم المصافحة رمزا بالأيدي هو :

أ. الصفْحُ المُتبادَل بين اثنين إذا التقيا في غير حرب وقلوبُهم صافيةٌ ، أو بعد سوء تفاهمٍ : كلٌّ يُكلِّم الآخَر رمزا أنه (1) يلقاه بالمصافحةِ مسالماً وبقلبٍ سليمٍ . وقد يدعو الأمرُ إلى إعلان العفو عن صاحبه (2) ومحوِ ذنبه (3) والدعاءِ له بالمغفرة .

وشارةُ الصفح الرمزيةُ يدٌ ممدودةٌ لا سلاح فيها كأنها تقول : أَعرِضُ عليك السلام بدلا من الخصومة . فإذا سبق هذه الحركةَ الرمزيةَ قولُ *[ سَلامٌ عليكم ] :

فإنه يتحقق بالكلمة يدعمها الرمز أفضلُ مفاهيم التحية بالسلام .

 

ب. وقد تكون المصافحة باليد رمزاً للصدق وعدم الغدْرِ عند إبرام العقود ، والوفاءِ بالعهود كما في المصاهرات أو عقْـدِ الصفقات أو التحالُفات :

*[ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً {10} ] الفتح .

*****

فإذا جاءت ساعة انتصار الحق وهزيمةِ الباطل ، فيَحسنُ بالدعاةِ الصفحُ الجميل رمزاً  والسلامُ قولاً :

*[ فاصْفَحْ عنهم وقُلْ : سلامٌ فسوفَ يَعلمون {89} ] الزخرف .

*[ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ {85} إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ {86} وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ       {87} ] الحِجر .

السبع المثاني التي آتاها اللهُ الرسول َ

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=227&cat=3

والصفح كما مرَّ هو (1) العفوُ عن المُسيءِ (2) ومَحْوُ ذنبِه بلا معاتبة . ويليق بالدعاة أن يكون صفحُهم جميلا (3) بالدعاءِ للمسيء المعترفِ بذنبه أنْ يغفر اللهُ له :

*[ قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ {91} قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ : يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {92} ] يوسف .

لهذا وُصف صفحُ الدعاةِ بالصفح الجميل مُعرّفا *[ فاصفَحْ الصَّفحَ الجميلَ ] . ولم ترد كلمة جميل إلاّ في وصف الأفعال . ولم ترِد في وصف مخلوقات مادية محسوسة ، في إشارةٍ إلى أهمية جمال الأفعال أكثر بكثير من جَمال الأشكال !

ليس الجَمال بمِئزرٍ : فاعلمْ وإن رُدّيتَ بُردا
إنّ الجمال معادن : ومناقبٌ أوْرثنَ مجدا

 (4)

بهذا نرى أن تحية الناس للناس رمزاً حركياً ذا معنى هي المصافحةُ باليد اليمنى (1) عن قُربٍ أو (2) رفعُ اليد مفتوحةً عن بُعدٍ أو تحيةً لجماعة قاعدين ، في إشارة إلى أن القادم جاء مسالماً . ولا يفعل هذا المتخاصمون .

والتحيةُ قولاً هي *[ سَلامٌ عليْكُم ]  أو *[ سلامٌ : قولاً مِن ربٍّ رحيمٍ   {58} ] يس . وكل ما سوى ذلكم من أشكال التحية قولاً أو رمزاً .. فغيرُ واردٍ في كتاب الله بل لا معنى له ينفع الناس :

فلا تقبيلَ ولا معانقةَ إلاّ بين الأزواج ..

ولا ركوعَ انحناءٍ رمزاً للخضوع ..

ولا سجودَ انحناءٍ رمزا للشكر والإعترافِ بالفضل

إلاّ للهِ تبارك اسمُه

*[ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {4} ] الجمعة

 

مفهوم الشكر القرءاني وصيغته

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=186&cat=4

 

وإن ما يمارسه الناسُ من الإنحناء بعضُهم لبعضٍ تحيةً منهم وإظهارا للمودة هو ركوع  وسجودٌ . وكلا الحركتين الرمزيتين هاتين هما حق لله رب العالمين وحده ، وكذلك الحمد والشكرُ القوْليان .

لهذا فلا ينبغي لقائم أن يصافح قاعدا إذ أنّ هذا (1) يقتضي من القائم أن ينحني راكعاً/خاضعاً ، أو ساجداً/شاكراً أو (2) يقتضي أن يتكرر قيامُ قاعدٍ فيشقُّ هذا عليه . (3) وليس مِن الأدَب أن يمد قاعدٌ يده لمصافحةِ قائم ، (4) ولا معنى لمصافحة قاعد لقاعد !

وبما أنّ تقبيلَ الأيادي يقتضي الإنحناءَ ركوعاً أو سجوداً

فإن هذه العادة لا تليق بالمؤمنين حتى لو كانت من ابنٍ لوالديه !

(5)

للوالديْن بَعدَ اللهِ تحيةٌ قرآنيةٌ مُميَّزةٌ

تحية الابنِ لأبيه أو أُمّه قولا هي الدعاء لهما بالسلام *[ سَلامٌ عليكم ] ، يُضاف إليها قولٌ كريمُ كالدعاء لهما بالصحة والعافية ، وبدعاء نوح وإبراهيم *[ ربِّ اغفرْ لي ولوالديَّ .. ] 28/نوح ، 41/إبراهيم . وبعد وفاتهما *[ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ] ، وكالسؤال عن صحتهما وعن حاجاتهما ..

أما رمزاً فيجب أن تكون تحيتُهما مميَّزةً عن تحية أيِّ إنسان آخَر كما نفهم من قول الله :

*[ .. وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {23}

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ

وَقُل : رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {24} ] الإسراء .

مفهومُ ضمِّ الجَناح ومفهومُ خفضِه

إذا كان الله سبحانه قد شرع للمؤمن آداباً رمزية أثناء ملاقاتِه ربَّه في الصلاة كالركوع خضوعاً والسجود شكراً .. فإن أوّل هذه الآداب الرمزية حين يقوم قانتا لله*[ وَقومُوا للهِ قانِتيِن ] رهبةً وخشيةً .. هي أنْ يضم جناحَه/ساعدَه الأيسرَ إليه بوضْع ساعِده (لا مجردَ يدِه) مضمومةً إلى جسده وفوقَ قلبه ، وأن يضم يدَه اليمنى (التي بها يكتب ويعمل) إلى جناحِه/ساعدِه الأيسرِ بوضْعها فوقَه ، وليس على يدِه اليسرى استرخاءً وكسلاً كما يفعل المنافقون الذين :

*[ .. كَفَروا باللهِ وبِرسولِه وَلا يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ {54} ] التوبة :

إقامة الصلاة كما بينها الله في كتابه

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=54&cat=5

بهذا أمَر اللهُ سبحانه رسولَه الكريمَ موسى وهو في حضرةِ ربه ، حين اختاره رسولا بعدَ أن أمَره بخلْعِ نعليه رمزاً لأدبٍ آخَرَ يتعلق بالمكان (12/طه) :

*[ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ {32} ] القصص ..

*[ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ {22} ] طه

.. كما يفعل المؤمنون حقاً وهم قائمون في صلاتهم خشيةً ورهبةً ملاقينَ ربّهم الذي قضى(1) ألاّ يُعبدَ إلاّ إياه (2) وثنّى بوجوب الإحسان بالوالديْن .

تلك هي تحيةُ الله الرمزية في بداية لقاءِ المؤمنِ ربّه الذي يطمع أن يكون ملاقاةً مُتبادلةً كما بيّنا في بحث إقامة الصلاة أعلاه ، تسبقها تحيته القوليةُ *[ اللهُ ربّي ] ، وتعقبها تحيتُه القولية الأُخرى بمطلع الفاتحة التي يتلوها كلما قام *[ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ] .

هذه هي تحيتنا لربنا في مطلع كل مقال نُبيِّن فيه ما ينفع الناس من مفاهيم آياته وكلماته . وهي دعاء الإخلاص لله الذي يُحبه الله ، وثّقه سبحانه في سورة (غافر!) :

*[ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {65} ] غافر

*****

أمّا للوالديْن فإنّ خفْض جناحِ الذل لهما من الرحمة تحيّةً رمزيةً – لا تَذللاً مُهيناً لكن بسبب (مِن) رحمته لهما – إنما يكون (1) بخفْضِ الجناح/الساعدِ الأيسر إلى الجانبِ الأيسر (2) ووضْعِ اليدِ اليُمنى على القلب *[ وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ {22} ] طه ، ثم مصافحتِهما بمفهوم العهد للمصافحة لا بمفهوم الصفح عنهما : قائما إن كانا قائمين ، أو قاعدا (ليتجنب الركوعَ/الإنحناء) إن كانا قاعديْن . وإذا كان على المؤمن أن يخفض جناحه لوالديه فإن عليه أن  يخفِضَ/يغضَّ صوتَه عندهما من باب أوْلى (19/لقمان) .

بهذ تتميز تحية الله الرمزيةُ عن تحية الوالدين ، وتختلف التحيَّتان عن تحية البشر للبشر .

*****

أمّا خفْضُ الجناح للمؤمنين تحيةً رمزيةً الذي أمر اللهُ به الرسول النبي الكريم مرتين (88/الحِجر و 215/الشعراء) :

*[ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ {87} لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ {88} ] الحِجر .

.. فمفهومه الأوّل خفْضُ الجناح الأيسر على الجانب الأيسر ، والمصافحةُ باليد اليُمنى بدون استعلاءٍ على أحد منهم أو استهتارٍ به (كما يضع بعض الناس يده في جيبه وهو يصافح) . بهذا يسقط التقبيل والمعانقة ، كما يسقط وضْعْ الجناح على القلب كما يفعل الغربيون وبعض الناس عندنا خطأً منهم في القياس ، بعد أن علِمنا أن هذه الحركة الرمزيةَ لا تكون إلاّ لله في القيام للصلاة .

ومفهومه الثاني (1) عدمُ الإنفعالِ أثناء الكلام (2) وعدمُ استعمالِ العُنفِ اللذيْن لا يتيسران بيد واحدة وحدها لا تُصفق ، حينما تكون الأُخرى مخفوضةً . وربما يُفْهم من هذا أن الجَلْدَ عقوبةً بدنية يجب أن يكون بيدٍ جناحُها/ساعدُها مضموم إلى الجسد حتى لا تكون مؤذيةً . والله سبحانه أعلى وأعلم .

(6)

الخُلاصَة

1. تحية المؤمنين لله ربِّهم في الصلاة قولاً هي *[ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ] .. وتحيتهم له رمزاَ إنما تكون بضم الجناح/الساعدِ الأيسر إلى القلب وضم اليد اليمنى إلى الجناح/الساعد الأيسر .

2. وتحيةُ المؤمن لوالديه تكون – بعد السلام عليهما قولاً *[ سَلامٌ عليكم ]  – بخفض الجناح الأيسر على الجانب الأيسر ووضعِ اليد اليمنى على القلب ثم بمصافحتهما بدون انحناء ، قائما إن كانا قائمين ، وقاعدا إن كانا قاعديْن .

2. وتحيةُ المؤمن للمؤمن قولاً هي *[ سَلامٌ عليكم ] .. وتحيتُه رمزا هي مصافحتُه باليد اليمنى وخفضُ الجناح الأيسرِ له .

3. وتحية المؤمن لكل البشر قولا *[ سَلامٌ عليكم ] .. وتحيتهم رمزا مصافحة باليد اليمنى .

*****

إنّ محاذير أشكال التحية التي يمارسها البشر مع بعضهم بعضاً ، سِوى المصافحةِ باليد أو رفْعِها رمزاً للمُسالَمة .. وغيرِ الكلمة الطيبة قولاً ، وأفضلُها *[ سَلامٌ عليكم ] .. لتُذكِّر بالإسلام دين الحق وبالسلام المُغيَّبيْن حتى الآن .. سواءٌ كانت هذه المحاذيرُ سلوكيةً أو صحيةً .. وهي من الكثرة بحيث يجب التخلصُ منها بالرجوع إلى ما رضِيه الله سبحانه لخلْقه :

 الإسلامِ دِيناً .. والسَّلامِ قولاً .. والمصافحةِ رمزاً :

*[ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثــــاً {87} ؟! ] النساء

*[ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيـلاً ؟! {122} ] النساء

 

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس- * [ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] – فلسطين

 

 



 
 
ما ينشر في هذا الموقع ( ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ) ( لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ) وليس حقا لفرد أو أفراد
2008