الحميّةُ كُلُّها حميةٌ جاهليةٌ ولا تكون الحميةُ إلاّ جاهليةً

كما لا تكون الحمايةُ إلاّ بالباطل

الحمد لله رب العالَمين

(1)

[ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ "حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ" فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً {26} ] الفتح .

[ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ {1} وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ {2} عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ {3} تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً {4} تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ {5} ] الغاشية .

[ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ {8} فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ {9} وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ {10} نَارٌ حَامِيَةٌ {11}‏ ] القارعة .

يُفهم من هذه الايات الكريمة أن الحمية تلتقي من النار الحامية ، فمفهومها إذن سيّء . لهذا جاء النص [ الْحَمِيَّةَ ، "حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ" ] . فحمية الجاهلية هي بدل من الحمية بمعنى أنّ الحمية لا تكون إلاّ جاهلية . ولو أراد أن الحمية يمكن أن تكون جاهلية أو غير جاهليةٍ لقال فقط [ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ] .

ثم إن اشتقاق الكلمة من النار الحامية وعذابِها يفيد أنها كلمة كريهة تفيد الإنفعال والغضب للباطل الذي يقود صاحبه إلى النار الحامية . لهذا جاء نقيضها الذي أنزله الله سبحانه على رسوله وعلى المؤمنين هو السكينة . أنقر على :

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=182&cat=3

(2)

والحمية أنواع : فهناك الحمية العائلية والقبلية ، وهناك الحمية الحزبية والفئوية ، وهناك الحمية الطائفية والمذهبية ، وهناك الحمية المِهنية ، والحمية الإقليمية الوطنية والحمية الدينية .. وكلها من حميةِ الجاهلية التي تكره البرهان لأنها لا تملكه !

استمع إلى حمية الجاهليين :

[ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ {21} بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ {22}‏ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ {23} قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ ؟! قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ {24} فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ {25} ] الزخرف .

فالحمية هي أن تغضب وتفقد سكينتك وتوازنك انحيازا إلى شيء مما ذُكر أو غيرهِ لا تملك عليه برهانا ولا جوابا إلاّ الرفض ، ظنا منك أنك تجد الحماية (!) عنده أو بسببه .. عِلما أن القرآن لم يذكر الحماية التي يستعملها الناس في لغتهم بمعنى المنَعَةِ (12/الأعراف) والعِصمةِ (67/المائدة) والحفظِ (64/يوسف) والإجارةِ (22/الجن) لأن جذر الحميّة والحماية سلبي وباطل لارتباطه بالعصبية القائمة على الإنفعال للباطل بدون حُجة أو بحجة واهيةٍ . أُنقر على :

حروب العصابات لا شرعية لها في الدين                

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=204&cat=2

[ قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً {20} قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً {21} قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً {22} إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً {23} ] الجن .

(3)

الملاحظ في بعض الحوارات الفضائية أن أكثر المتحاورين يجعلون في قلوبهم الحميةَ إذا ذَكر المُحاورُ الآخَر بلدانَهم/أقاليمَهم أو فئاتِهم بسوءٍ أو كلمةِ نقدٍ سواء كان النقد للأنظمة أو للشعوب بينما المفروض أن يعترفوا بالأخطاء ويُذكِّروا بالحسنات لا أن يتحول الحوار إلى مبارزة ومهاترة لا يخرج المشاهدون منها بطائل حين يكون شعار المتحاورين : عنزةٌ ولو طارت !

وكذلك الحال في ⁽¹⁾ العصبية العائلية أو القبلية أو الفئوية أو الدينية في مقابل الإستمساك ⁽²⁾ بالحق الذي ثبت ببرهانٍ يقيني . لهذا يقول الله سبحانه :

⁽¹⁾ [ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {24} ] التوبة .

[ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ {19} ] الأنفال .

وفي المقابل يأمر اللهُ سبحانه بالتمسك بالحق والثبات عليه حين يقوم عليه الدليل من كتاب الله بفهْمٍ ينفع الناس فيمكث في الأرض (17/الرعد):

⁽²⁾ [ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {43} وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ   وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ {44} ] الزخرف .

[ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {169} وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ {170}‏ ] الأعراف .

(4)

أسوأ أنواع الحميّةِ الحميةُ الدينية

بسبب شخْصنةِ الدين

بالغلو في رفع مكانة الأنبياء والبشر

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=47&cat=3

في 42/موقعا سفّه القرآن الكريم الحمية الدينية التي تجعل المُحاورَ يتعصب لدينه الموروثِ إجمالا وتفصيلا بحجة أنه دين الآباء والأجداد :

[ .. وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ {20} وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ {21} ] لقمان .

أنقر على  الرابط التالي لتعرف ما يجب اتّباعه وما يحرم :

قد تبين الرشد من الغي فاتبعوا ولا تتبعوا   

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=64&cat=3

ثم

أُنقر على الرابط :

جدال الذين ظلموا من أهل الكنابين مهاترة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=209&cat=6

أما الحمية الحزبية والفئوية فانقر على الرابط التالي لتعرف أضرارها :

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=127&cat=2  

محمد راجح يوسف دويكات

نابلس- [ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] - فلسطين

---