الأقليةُ الصاخبةُ والأكثريةُ الصامتةُ : *[ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء ]

 الْحَمْـــــــــــــــدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَــــــــــــــمِينَ

(1)

موقع آية العنوان في نجوم الفرقان

*[ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ {105} إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ {106} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ {107} قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ {108}

فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي : أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ {109} إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ {110} وَإِنْ أَدْرِي : لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {111} قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ {112}‏  ] الانبياء .

(2)

البيــــــــــــــــــــــــــــــان

من كلمات الله رب العالمين سبحانه في هذه الايات ، وكلُّها حق اليقين ، نخلص الى ما يلي :

إن وراثة الارض وهي السيادةُ عليها والتصرُفُ فيها تصرُّفَ الوارث فيما يرث ( أما العبيد فلا يَرِثون بل يأكلون وينامون و... كحال العرب والمسلمين التراثيين منذ قرن) إنما يستحقها الصالحون لعمارتها مادّياً وإنسانياً ، محقِّقين بذلك الغاية التي من اجلها خَلق اللهُ سبحانه الانسان ، وجَعَله في الارض خليفةً له ليعمُرها بالنيابة المقيَّدة عنه سبحانه :

*[ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {61} هود .

 فاذا وُجد المؤمنون بالله الصالحون انسانيا ، وكانوا صالحين أو مُؤَهَّلين للعمارة المادية ولو مستقبلاً.. اورثهم اللهُ الارض (55/النور) ، وإلاّ اورثها مَن  يملك الكفاءة المادية لعمارتها بغض النظر عن ولائه لله رب العالمين .

فقد فضّل اللهُ سبحانه آدمَ على الملائكة لعِمارة الأرض مع أنهم أكثرُ ولاءً لله منه . إرجع إلى مقال فحص الكفاءة الذي نجح فيه آدم ورسب الملائكة ، ثم مقال الصلاحية المادية لعمارة الأرض والصلاحية الإنسانية للحياة :

فحص الكفاءة الذي نجح فيه آدم

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=158&cat=3

الصلاحية المادية لعمارة الأرض والصلاحية للحياة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=71&cat=5

(3)

المتدبر لكتاب الله العظيم يُدرك أنّ من سُنة الله أن يستمرَّ هذا التوريث لمن يورثهم اللهُ الأرضَ الى ان يطغَوا في البلاد  ويُكثِروا فيها الفساد كما هو ملاحظ الان ! فإنَّ وَرَثة الارض ( سادتَها ) هم نصارى الغرب البروتستنت خاصةً ، الذين كانوا سبّاقين في الاستجابة إلى حركة الاصلاح الأوروبية التي بدأها (مارتن لوثر) منذ 1529/م ، لتُمدّهم بعينِ العِلم الواحدة التي أبصروا بها .. فسادوا العالَم الأعمى حتى الآن !

أما مستقبلاً فإن وراثة الأرض ستكون لهم أو لغيرهم ممن سيُبصرون بعينين اثنتين حين يحملون (إيماناً واتِّباعاً وتطبيقاً) آخِر طبعة من كتاب الله القرءانِ المجيد الذي هو *( الكتاب كلّه ) All in one  دليلاً للخَلْق شبيهاً بدليل الصناعة  Manualعلى النحو الذي بيّناه في المشروع الحضاري العالَمي الذي وجَّهناه إلى شعوب الأرض في مطلع الألفية الثالثة :

   نحو مشروع حضاري عالمي للألفية الثالثة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=75&cat=2

(4)

وردت كلمة ( رحمة ) 114/ مرة في القرءان العظيم مضافةً وغير مضافةٍ الى الله رب العالمين .. في اشارة بيّنة الى عدد سور القران الكريم ، منها هذه المرة في الاية 107/الانبياء التي تصف الغاية من ارسال الرسول الكريم *[ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ] ، القــرءانِ العظيمِ *[ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين ] . ولم ترد هاتان الكلمتان مجتمعتيْن الا مرة واحدة وفي الآية (107) من سورة الانبياء أعلاه . التفصيل في المقال على الرابط التالي:

وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين 

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=140&cat=3

 وورد قول الرسول الكريم موثقاً في القرءان نفسه :

*[ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ( النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِه ) وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {158} ] الاعراف .

فيكون الرسول ( النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته )  قد أُرسل *[ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين ] ايْ إلى الناس جميعا بمعنى أن الرسالة الخالدة (القرءانَ الكريم)  التي حمّله إياها ربه ستكون رحمةً للعالَمين ، بينما أُرسل كلُّ مَن قبله لأقوامهم :

  الرسول والنبي : أصل البلاء عدم التمييز بين مهمتيهما

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=218&cat=6

أما بوصفه نبياً يموت فقد وصفه الله سبحانه في آية واحدة فقط انه كان رحمة لمن آمن في عصره ، وليس للناس جميعا ولا للعالَمين :

*[ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {61}‏ ] التوبة .

إرجع إلى مقال : إيذاء الرسول أكبر من إيذاء النبي بكثير ، على الرابط :

إيذاء الرسول أكبر من إيذاء النبي

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=89&cat=4

(5)

ووردت كلمة ( رَحيم ) 115/ مرة ( رحيم/95 + رحيما/20 ) منها 114/ مرة ( بعدد سور القرءان) صفةً لله رب العالمين سبحانه ، ومرةً واحدة صفةً للرسول الكريم بأنه *[ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ] لينطبق هذا الوصف على الرسول والرسالة كليهما :

ما لم يعرف عن الرسول والقرءان

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=98&cat=2

وقد وردت هاتان الكلمتان (رحمة و رحيم) في سورة التوبة نفسِها التي وُصف فيها النبي بانه رحمة للذيـن امنوا من معاصريه :

*[ لَقَد جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {128} ] التوبة .

ووردت كلمة ( الرحمن ) اسماً لله سبحانه فقط 57/ مرةً ، بعدد كلمة ( قرءان) كتابا لله . اما كفعْلٍ ،

(رَحِم ، يرحم ، إرحمْ)

فلم يُنسب فعل الرحمة إلاّ إلى الله سبحانه او إلى رب العالمين بوصفه

إلهاً ورباً واحدا .

(6)

 بعد هذا الإحصاء العددي ( مِن ربٍّ أحصى كل شيء عددا ) للرحمةِ ومشتقاتها التي نسبها الله سبحانه الى نفسه والى كتابه الكريم الذي هو ( ذِكرٌ و ذِكرى و رحمةٌ) للعالَمين... يمكننا انْ نعـرف السبب الـذي يجعـل ( الرحمن الرحيم ) يستبدلُ أحيانا غضبَه وانتقامه برحمته ، كما يفعل بالزلازل الأرضية والأعاصير والفيضانات هناك ، والزلازل البشرية صراعاتٍ هنا .. فيُعلِنُ الحربَ على الكبير والصغير والرجال والنساء على سواء قائلاً لهم بسبب تولّيهم عن أنَّ الله هو ربهم الأحد : لقد *[ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء ] !!

الزلازل رسالة  بضرورة التغيير 

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=188&cat=4

التصدع قائم والطوفان قادم فعليكم بسفينة النجاة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=29&cat=3                 

نعم ! يفعل هذا الرحمنُ الرحيم ذو الرحمة مع عِلمنا أنه يأخذ بمركز التفكير واتِّخاذ القرار لكل دابة (مخلوق من ماءٍ) ، فلا تَـفعل شيئا إلاّ بإذنه (وأحياناً بأمره) :

*[ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا {56} ] هود !!!

مفهوم الشكر القرءاني وصيغته

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=186&cat=4

بل إن الأرض لا تتزلزل إلاّ إذا أوحى لها ربّها :

*[ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا {1} وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا {2} وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا {3} يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا {4} بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا {5} ] الزلزلة .

كما أن أبواب السماء لا تنفتح بفيضان وطوفان إلا بأمر ربها :

*[ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ {11} وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ {12} ] القمر .

لكل هذا وذاك جاء إنذار الله شديدَ اللهجة لمن لا يلتقط رسائل الله :

*[ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ {109} ] الانبياء .

أيْ : اسمعوا كلُّكم إلاّ [ الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ] إعلانَ الحرب مِـن الله وموعدَ استحقاقه :

*[ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ !!! {21} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ {22} ] السجدة .

*[ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ {103} ] يونس .

(7)

هذا العذاب بصُوَره واشكاله المختلفة يُصيب الله به الاقلّية الصاخبة و الأكثرية الصامتة عَلَى سَوَاء .. إلاّ *[ الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ {165} ] الاعراف . واذا كانت أعلى درجات النهي عن السوء هي التحذير منه وعدم الإنغماس فيه .. فإن ادناها هو النهي السلبي بعدم تشجيع اهله والركونِ إليهم ولو بأدنى درجات التشجيع كالإيماء أو التصفيق أو الهتاف أو ... ولم يَطلب قتالَهم :

الجهاد والهجرة في الله .. والجهاد في سبيل الله

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=115&cat=5

 *[ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {112} وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ   {113} ] هود .

 فإن في ذلكم اشعاراً للأقلية الصاخبة أنها أقليّة بدلا من جَعلِها تتوهّم بأنها أكثرية فيغريها هذا بمزيد من الصخب والفساد والسوء والغوغائية !

اما اذا كانت الاكثريةُ صاخبةً مُفسدةً .. *[ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ  ] !!!

التصدع قائم والطوفان قادم فعليكم بسفينة النجاة

http://kuno-rabbaniyeen.org/?page=details&newsID=29&cat=3

*[ قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ {93}

رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {94}

وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ {95} ] المؤمنون

محمد راجح يوسف دويكات

 نابلس - *[ الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ] -  فلسطين

---